من الأعمال الروتينية الجميلة التي كان يقوم مفتشو المجالس البلدية أيام حكم الانجليز للسودان، ما يسمي بالجولات الصباحية علي مناطق المدينة، حيث يصطحب مسئول المدينة الأول معه بقية المسئولين الاداريين والفنين معه وشيوخ المناطق ، في جولات ميدانية تبدأ بالاسواق والأحياء السكنية والميادين وأماكن شكوي المواطنين وحلها فورا وعلي الطبيعة واحالة الصعب والمعقد منها الي جهات الاختصاص للدراسة والافادة .ولا يعود الركب الي المكاتب الا بعد العاشرة صباحا ليبدا العمل في تصريف الأعمال المكتبية...لماذا لا تجعل يومك هكذا سيدي الوالي ولو مرة مع بداية كل شهر؟ وبعد أن تحتسي فنجان قهوتك...وتنهي الخاص والعام من مكالماتك الهاتفية وماجاء في ( الفيسبوك) و( اليوتيوب) و( الواتساب) والتعليقات السخيفة..فان في بريدك هذا الصباح مكاتبات ومخاطبات وشكاوي كثيرة ، قام مدير مكتبك بترتيبها حسب رؤيته و( حسن نواياه )الحميدة...فلماذا تشغل وقتك الثمين خلال ساعات النهار...لماذا لا تحملها معك الي بيتكم الهادئ الجميل و(تقزقز) بها ساعات العصرية ...فمعظم هذه الرسائل الرسمية هي تأكيد للرسميات ليس الا...وأسال مجرب في الخدمة المدنية لأكثر من ثلاث عقود داخل وخارج السودان....ولا فرق. وبطبيعة الحال، هناك الاجتماعات الرسمية والشعبية واللجان ذات المسميات الهلامية...بعضها مطلبي...وبعضها سياسي وبعضها خدمي..وبعضها..بدون.....فاظفر بالخدمي لأن منصبك خدمي بالدرجة الأولي...ثم بعد ثم بعد... وهناك من يذكرك بقضايا الفساد والرشوة والمحسوبية واستغلال النفوذ الذي كان سائدا في عهد من سبقوك...فلماذا لا تحول كل ذلك ( الهم والوهم الافتراضي) الي جهات الاختصاص للدراسة والتوصية وفقا للمسوغات القانونية؟ أما شعار( معاش الناس) فقد استهلك الشعار تماما منذ ( عهد البشير) وهو لوحة ( فسيفسائية ) كبيرة وخادعة تستخدم عند الضرورة، أما للمهابة ، او التخويف وجشع التجار، أو لأسكات ( الغلابة) من من لا صوت لهم . ولكن ، أجندة هذا الصباح تقول ثمة اجتماع هام و ( مفصلي) مع التجار ووكلاء الشركات وتجار العملة والمصدرين والموردين وربما السماسرة وطوائف أخري ...ولكل منهم لغته الخاصة و(مرئياته الخاصة) وكل أهل السودان هكذا لكل منا رؤيته الخاصة...فلماذا تشغل بالك بالفلسفة والسفسطة والجدل البيزنطي ، فانت لست ( انسكلوبيديا) ولا ( جاك كيفوركيان) الذي يعرف كل شيئ..فهذا زمان قد ولي، ولابد من دولة المؤسسات وأقلها وجود الخبراء والمتخصصين في ( الشغلانة). ياسيدي...هناك الكثير الكثير من اجندة هذا الصباح..ولكن خذها مني نصيحة...أبدأ بالسهل الممتنع...فاسهل وامتع ما في ادارة الدولة والولاية أن تشرك أهلها في ادارة شئوونها ومرافقها...فكن أمينا وشفافا في اختيار من يعاونك ؛ فالكل يدعي العفة والأمانة والوطنية وأكثرهم منافقون. ولا ادري ؛ بطبيعة حالنا في السودان؛ ما سيحمله لك بريدك غد او بعد غد.او ما تنوي ان تفعله حكومتكم الرشيدة..فكل أجهزة الحكم والادارة وحتي الساسة بل ومكاتب الارصاد الجوية لاتعلم...فهي ينقصها التخطيط أو حتي ( الفراسة) في استشراف المستقبل ولو حتي لاسبوع قادم. د.فراج الشيخ الفزاري [email protected]
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة