يكاد يكون الأستاذ لقمان أحمد أسرع مسؤول ذي كفاءة في حكومة الانتقال، قد تدارك التردي الذي شمل المؤسسة التي عيًن رئيساً عليها، ففي غضون ثلاثة أشهر فقط استطاع أن يتمكن من استكمال شراء واستلام معدات سبعة استديوهات جديدة (لنج) للإذاعة بقيمة مليون وستمائة ألف يورو، سوف تعمل هذه المعدات على تجديد البناء الهندسي للأذاعات العاملة، هذا إضافة إلى معدات أخرى إسعافية هندسية فنية خاصة بتلفزيون السودان تقدر قيمتها بمائتي ألف دولار من المجموع الكلي للمعينات القادمة في الطريق التي تتجاوز قيمتها الستة مليون دولار.
يُشكر الأستاذ لقمان على سعة صدره وتقبله للأنتقادات المستحقة من قبل المشاهدين، الذين صوبوها نحو أداء هيئة الأذاعة والتلفزيون, ويحمد له تحمله كل تلك السيول الجارفة من الانتقادات، وهو كغيره من مسئولي حكومة الانتقال قد تسلم جثة هامدة إسمها الإذاعة والتلفزيون، أهملها النظام البائد وترك العنكبوت يبني فيها بيته، لقد حوّل الأستاذ لقمان المستحيل إلى ممكن بتدشينه وصول هذه الأجهزة الحديثة إلى حوش المؤسسة الحيوية التي أهملها دعاة الكبت و تكميم الأفواه من البائدين.
برافو لهذا الشاب الأبنوسي النبيل الذي أول ما لاحظه بعد تسلمه مقاليد الأمور في المؤسسة الإعلامية المحورية، هو أن محتوى الإبهار السمعي والبصري المنشود لا يمكن أن يكتمل إلا بوضع هيئة الإذاعة والتلفزيون تحت أجندات مشروع مكتمل الأركان يتم تنفيذها كحزمة واحدة غير قابلة للتجزئة، ولقد صدق هذا الأبن البار بشعبه الذي ترك أرفع المراتب وعاف أكبر المناصب العالمية في مجال الإعلام، ثم أتى بدافع الحمية الوطنية السودانية الخالصة التي فرضتها ثورة ديسمبر المجيدة على كل وطني غيور.
لقد واجه مدير الإذاعة والتلفزيون الذي أتت به ثورة ديسمبر المنتصرة محمولاً على الأكتاف، مصائب جمّة بعد أن وطأت قدماه أرض المؤسسة التي تدرج في مدارجها وهو ما يزال شاب غض الإهاب، فاصطدم بأعقد المشاكل التي أصابت هذه المؤسسة العريقة منذ إنشائها قبل ثمانين عاماً، فكان همّه الأول والأخير أن لا يصمت صوت (هنا أم درمان)، وأن لا يسكت حس ومشاهد بث قناة السودان التلفزيونية الأولى، التي دمّر قدراتها الهندسية والفنية المتسلقون على مهنة الإعلام من جهلاء الهوس الديني، من منا يستطيع تصديق حقيقة أن هذا المدير الثوري قد وجد الإذاعة تعمل من غير غرفة تحكم، وأنه تسلم إدارة تلفزيوننا القومي وهو فاقد للذاكرة و ليس لديه أرشيف.
صمت لقمان ثلاثة أشهر حسوما لأنه يعلم أن المال عصب كل شيء، فلم نسمع عنه فرفرة كتلك الفرفرات التي أصابت رفاقه من الوزراء والمديرين الذين وجدوا خزائن مؤسساتهم فارغة، بل عمل في سكون وثقة بالنفس وفي تؤدة واطمئنان بعد أن شخص الداء، فبدأ يبحث عن الدواء إلى أن أثلج صدورنا اليوم أمام كاميرات التلفزيون وهو ممسكاً بمفتاح قفل الحاوية الحاوية للمعدات الجديدة للأستديوهات السبع، فيصفق الموظفون والعاملون لهذا الفتح العظيم بعد أن رأوا بأم أعينهم الأجهزة الحديثة المواكبة والمؤهلة لمجاراة الطفرة العالمية في مجال صناعة الإعلام.
الإعلام هو سلاح الحاضر ورفاه المستقبل، فحوار البناء الذي يجريه هذا اللقمان الحكيم القدير والمقتدر، يمثل أولى عتبات الطوب الحراري الذي يمكن أن يؤسس لأساس متين للدولة المحترمة التي يمكننا أن نفاخر بها بين الأمم، وقد اكتملت رؤية هذا الفتى الطموح بتحقق هذا الانجاز العظيم الذي شاهدناه مساء اليوم بياناً عملياً مشهوداً وملحوظاً يمشي بين الأمم السودانية، فعلى وزراء و رؤساء أقسام وشُعب مؤسسات حكومة الأنتقال أن يقتدوا بهذا النموذج الفريد، وأن يتركوا الزيف الذي اتخذه بعض المنوط بهم إحداث التغيير الجذري، فذهبوا يحومون حول حمى الوزارات التي أوكلوهم مهامها، فلا أرضاً قطعوها ولا ظهوراً ابقوها.
من أكبر الجرائم التي ارتكبها النظام البائد بحق الإعلام هي محاربته للقناة التلفزيونية الرئيسة والإذاعية الأولى، و سعيه ونجاحه في تدميرهما و مسح أرشيفيهما الذاخرين بتراث الشعوب السودانية، لقد فقد أرشيف هذه المؤسسة الرائدة كل الموروث السوداني من الغناء والشعر والأدب والسياسة بحجج موتورة سندها فتاوى رجالات الهوس الديني، ووصفات دجالي الأنظمة الدكتاتورية الذين يستبيحون الثقافة والتاريخ والفنون وينحرونها من أجل إرضاء رغبات المجانين الذين أطّلوا على سوح العمل العام في حين غفلة من الشعب السوداني.
سر يا لقمان وعين الله ترعاك، اكسح وامسح كل العبث الأخواني الذي علق بمؤسسة هيئة الإذاعة والتلفزيون، أما الأرشيف فارجع واستعين بالناشطين عبر صفحات قنواتهم التواصلية الاجتماعية، ستجد عندهم الخبر اليقين، واعمل على تفعيل حملة اجتماعية اسفيرية ترفد موقع الاذاعة والتلفزيون بكل المواد الخاصة بأصحاب وضيوف البرامج الإذاعية والتلفزيونية التي بثت في الماضي، من الذين ما زالوا يحتفظون بها في خزائنهم الخاصة.
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة