سعر الرغيفة المرفقة في امريكا بدولار و ربع الدولار.
في ذات الرف يوجد كيس رغيف بنصف الدولار يكفيك لثلاثة، او اربعة ايام.
المعادلة حرية السوق مع ضبط اداء منظومة الدولة بدقة تجعل الدعم يصل للذي يستحقه وهو علي سريره.
اكثر دول العالم تخلفاً في الإقتصاد، و الفساد الإداري هي الدول التي تدعم السلع بشكل مباشر.
ارى جدية الحكومة في رفع الدعم وهذا عمل إيجابي و تفكير منطقي و عقلاني.
و لكن في المقابل لابد من عمل يسبق رفع الدعم، ليصل الدعم إلي مستحقيه بشكل مباشر لتتحقق العدالة الإجتماعية.
من اهم اولويات الحكومة ان تحدد من هو المواطن الذي يستحق الدعم، و ذلك لا يمكن ان يتم بدون سجل مدني محترم يحدد الخريطة الإجتماعية في الدولة بكل تفاصيلها من احدث المواليد إلي آخر المتوفين.
اعتقد لو توفرت الإرادة لذلك فالادوات موجودة، و يمكن الوصول لذلك بكل سهولة، و يسر.
ظللنا بين سندان الدعم كاداة سياسية تستغلها المعارضة لكسب صوت الشارع، و مطرقة خوف، و تردد الحكومات من شبح رفع الدعم دون العمل الجاد لوضع الاسس السليمة للسير علي التراك الصحيح.
يسيطر علي عقولنا إعلام الحرب الباردة و ما ادراك ما الإمبريالية، و الكل يؤمن بان كل المؤسسات الإقتصادية الدولية علي رأسها البنك الدولي هي عبارة عن غول خُلق ليبتلع الفقراء.
للعلم كل دول العالم الغربي " الإمبريالية" صانعة البنك الدولي، و مؤسساته تدعم العاطل، و الفقير، و الام العزباء، و الطفل حتي يبلغ الثامنة عشر من العمر.
تخريمة.. وصلت الولايات المتحدة الامريكية لأول مرة في فصل الشتاء، حيث الثلج، و كأن المدن عبارة عن اطلال بلا حياة سوى ضجيج السيارات علي الاسفلت.
نزلت برفقة احد الاصدقاء و هو حديث عهد كالعبد لله للتنزه في شوارع وسط البلد المغطاة بالجليد، بعد ان ضاقت بنا الجدران الدافئة الموحشة.
و بما اننا مجبولين علي حب "اللمة" لفت انتباهنا مجموعة من اصحاب البشرة السمراء امام مطعم، فقلت لصديقي : وجدتها لنذهب لهذا المكان عسى نجد لمة في مطعم او مقهى تروي عطش الغربة، و فراق الاحبة.
دخلنا إلي المكان بلهفة دون ان ننتبه لأي لافتة علي المدخل، المهم في الامر إننا وسط القطيع.
جلسنا في ركن من المكان وهو عبارة عن مطعم في غاية من النظافة، و الاناقة.
المقلق في الامر إنتبه لقدومنا كل من في هذا المكان بين بيض، و سود.
قلت لصديقي في الامر حكاية سأذهب لأقرأ الورقة التي علي الباب حتي ينجلي الامر.
فذهبت لأجد ورقة صغيرة ملصقة علي الباب تقول ان المكان مطعم حكومي يقدم الطعام لل Homeless " المشردين" الذين لا مأوى لهم.
كما علمنا في ما بعد ان للدولة دور، و ملاجئ للمشردين يدخلونها ليلاً، و يخرجوا منها نهاراً للحفاظ علي حياتهم من البرد ليلاً.
هذه هي ام " الإمبريالية" و صانعة الغول الذي يبتلع الفقراء!
الاكيد سيخرج بعض العاطلين فكرياً..ليقول حتي الفقر في الغرب هو نتيجة لهذا الغول..
شعار " الإمبريالية" لكل مجتهدٍ نصيب، فأنت وحدك من يحدد اين تكون!!!
اخيراً.. رفع الدعم ضرورة.. ولكن قبل ان تتم هيكلة الجهاز الإداري، و خلق سجل مدني محترم، و محاربة الفساد، و ضرب اوكار المافيات، و فرض هيبة الدولة بالامن، سيصبح بلا جدوى بل سيكون كارثة.
الوضع الراهن كارثي، و يُنذر بتفلتات غير مسبوقة، فالفقر سبب رئيسي لإنفلات الامن في المجتمعات، و ساعتها سيختلط الحابل بالنابل.
ما تسلكه حكومتنا من طريق، سيزيد الاغنياء غنى، و يزيد الفقراء فقراً علي فقرهم.
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة