رشا عوض، خطاب التضليل واستهداف ثورة السودان الجديد: 2/3 كتبه خالد كودي

مرحبا Guest
اخر زيارك لك: 06-16-2025, 00:45 AM الصفحة الرئيسية

منتديات سودانيزاونلاين    مكتبة الفساد    ابحث    اخبار و بيانات    مواضيع توثيقية    منبر الشعبية    اراء حرة و مقالات    مدخل أرشيف اراء حرة و مقالات   
News and Press Releases    اتصل بنا    Articles and Views    English Forum    ناس الزقازيق   
اراء حرة و مقالات
نسخة قابلة للطباعة من الموضوع   ارسل الموضوع لصديق   اقرا المشاركات فى شكل سلسلة « | »
اقرا احدث مداخلة فى هذا الموضوع »
01-20-2024, 02:05 AM

خالد كودي
<aخالد كودي
تاريخ التسجيل: 01-01-2022
مجموع المشاركات: 97

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
رشا عوض، خطاب التضليل واستهداف ثورة السودان الجديد: 2/3 كتبه خالد كودي

    01:05 AM January, 19 2024

    سودانيز اون لاين
    خالد كودي-USA
    مكتبتى
    رابط مختصر





    في الجزء الأول من هذا المقال، عالجنا ترصد الاستاذة رشا عوض بمشروع السودان الجديد للحد الذي أدى بها إلى تجاهل التجربة الرائدة للحركة الشعبية في الأراضي المحررة، حيث استطاع ثوار السودان الجديد منذ عام 2011 أن يقيموا نموذجًا للحكم الديمقراطي العلماني، والذي يُدار بأيدي الثوريين المدنيين. كما كشفنا عن محاولاتها لتضليل الرأي العام من خلال تلفيق ماهو سلبي من تجربة دولة أخرى وإسقاطها على جهود ثورة وثوار السودان الجديد في السودان. في هذا الجزء من المقال، سنركز على جهودها المحمومة لتسويف المظالم التاريخية التي تعرضت ولاتزال تتعرض لها المجتمعات المهمشة.

    من المهم أن نشير إلى أن تحفيزنا للرد والتعليق على الآراء والمواقف المُضللة التي تروج لها الأستاذة رشا عوض، والتي تهدف إلى النيل من ثورة السودان الجديد، يستند بشكل رئيسي إلى منصبها القيادي في تنسيقية (تقدم). هذه المجموعة التي تدّعي التزامها بإنهاء الحرب وتأسيس التحول الديمقراطي في السودان. وعليه، تصبح تصريحات الاستاذة موضوعًا مهمًا للتحليل والفهم، للكشف عن الأجندات والاستراتيجيات التي تتبعها هذه الجماعة.

    في تسجيل تم تدويره في الاسافير، تناولت الاستاذة رشا عوض بتشنج ما وصفته بـ"خطاب المظلومية"، شنت عليه وعلي من يقول به هجوم سلبي كاسح. والمقصود هو الخطاب الذي يسرد مظالم تعرض لها الأفراد والجماعات في المناطق المهمشة تاريخيا. وبعد ان أقرت الاستاذة رشا عوض بصحة هذه المظالم وقالت انها كتبت عنها، ومع ذلك، قررت وبنبرة لاتخلو عن عنطزة، قررت أن مثل هذا الخطاب كان مقبولًا في الثمانينيات، التسعينيات، والستينيات، لكنه لم يعد مقبولا الان، دون أن توضح سبب قبوله حينها وسبب انتفاء قبوله الآن. أيضا لم تقل ماذا يعني ان قبلت به الأستاذة رشا عوض او غيرها من النخب او لم يقبلوه أصلا- فهل هذا سيوقف تقدم الثورة لسودان جديد؟!

    تقول رشا عوض ضمن ماتقول: ان خطاب المظلومية ووضعية وتقمص دور الضحية والهروب تماما من المساءلة النقدية...الخ غير مجدي وغير منتج، ولا يجوز في حق حركات مسلحة عمرها أربعة عقود، وتخص الحركة الشعبية لتحرير السودان شمال – وتقول عندها تجربه في الكفاح المسلح وفي الشراكة في الحكم وفي الانفراد بي حكم دولة. (والرد بإسهاب على الادعاء الاخير في هذه الفقرة يجده القارئ في المقال الأول)، فالحركة الشعبية لتحرير السودان شمال لم تحكم أي دولة منفردة، انما تختصر سلطتها على الأراضي المحررة داخل السودان. عموما، هنا سنعالج ما يتعلق بديناميكيات (المظالم التاريخية) في سياق طرح قيادية تنسيقية القوى الديمقراطية المدنية في مناطق سيطرة الجيش والدعم السريع الأستاذة رشا عوض.

    بدء" من الضروري إدراك أن أولئك الذين يحاولون فرض (تاريخ صلاحية) على المظالم، كما لو كانت مجرد منتجات استهلاكية قابلة للانتهاء، يغفلون عن التعامل مع واقع هذه المظالم وإرثها الممتد الذي يؤثر ماديا ومعنويا وبشكل مستمر على الأجيال الحالية والمستقبلية. من جهة أخرى، لا يمكن الثقة في شخص أو جهة في قمتها أشخاص يتناولون المظالم بخفة واستهتار، خاصة تلك التي راح ضحيتها ملايين من السودانيين، وأدت إلى انشطار الوطن واستمرار سفك الدماء. إن إنكار مظالم السودان التاريخية أو محاولة تأجيل التعامل معها، ولوم او ارهاب الضحايا الذين يطالبون بوقف الظلم عنهم، يعد تصرفاً غير أخلاقي، وفي بعض المجتمعات نكران المظالم التاريخية يعد جريمة يعاقب عليها القانون. عدم الاعتراف بالمظالم التاريخية وعدم الإقرار بها تترتب عليه مخاطر جسيمة، تتمثل في تكرار الأخطاء نفسها، وضياع الفرصة لبناء مجتمع متعافي ومستقر. فالاعتراف بالمظالم ومعالجتها هو شرط تحقيق العدالة وإحلال السلام المستدام في السودان.

    ومن الملاحظ أن الأستاذة رشا تدعي دعمها لقضايا المهمشين والمظلومين، وتقول انها كتبت عن معاناتهم. بيد أن موقفها يظهر تناقضًا عندما تعادي ماقد يُعرف بـ "خطاب المظلومية"، الذي قد يُتيح للمظلومين التعبير عن مظالمهم بأنفسهم! يُثير هذا السلوك تساؤلات حول دراية الأستاذة رشا عوض لحقيقة هذه المظالم ودوافعها لتبني موقف التسويق لتقييد طرح هذه القضايا منطلقا، وطرحها بواسطة المظلومين أنفسهم! وقد صبت جام تشنجها على قيادات أبناء الهامش واصمة إياهم بالفساد والسعي لتولي المناصب وخيانة اهلم وما اليه، وسناتي لهذا في الجزء الأخير من المقال..

    عموما، تطرح معضلة التصريح بالمظالم من قبل المتضررين سؤالاً حول ما إذا كانت رشا تستكثر على المظلومين القدرة والحق في السيطرة الكاملة على سردية آلامهم التي عانوها تاريخيًا. ويبدو بوضوح أنها تتحفظ على تمكينهم من التعبير الحر والمباشر عن تجاربهم، وتحاول التأثير على كيفية وتوقيت مناقشة هذه القضايا، مما يطرح تساؤلات حول من لديه الحق في تمثيل قضايا المهمشين في السودان وما هي الأساليب المثلى لمواجهة المظالم ومعالجتها. يشير نهج رشا عوض إلى الرغبة في التحكم في نقاش الفضاء العام وتوجيهه- مايجوز ومالايجوز ومتي وكيف يجوز طرح المظالم! ما يقوّض مصداقية دعواها السابقة بالتضامن مع المظلومين ويفتح الباب أمام التساؤل عن مدى تقديرها للتأثير المستمر لهذه المظالم على حياة الأشخاص المتأثرين بها. فهل تفهم رشا عوض ومن معها ماهية المظالم التاريخية في السودان من اصلو؟ بل وهي قيادية في (تقدم) هل ستعمل على تسويف القضايا المفتاحية للناس في الهامش داخل تقدم- وهي المظالم التاريخية؟

    تناقض الأستاذة رشا عوض يطرح تساؤلات حول من ينبغي أن يتحدث عن قضايا المظلومين ومتى وكيف يجب أن يتم ذلك، وكيف يمكن معالجة المظالم باليات تضمن تمثيل المظلومين ومظالمهم بصدق وعدالة في أي مشروع لبقاء السودان موحد.

    ولنناقش هذه الامر!

    لماذا (تستكثر) رشا عوض وما تمثل السلطة الكاملة للذين ظلموا تاريخيا على سردية مظالمهم وماترتب عليها من اضرار مادية ومعنوية؟

    تكمن الأهمية الحاسمة في حق الأشخاص والمجتمعات التي تعرضت للظلم بسرد قصصهم بأنفسهم لقدرتهم على شرح وتفسير تجاربهم بطريقة تعكس السياق الحقيقي لمعاناتهم كما يروها هم وليس كما يراها سماسرة السياسة السودانية وتماسيح المجتمع المدني. عندما يروي المظلومون قصصهم، و من حقهم تحديد اللهجة والتركيز على الجوانب الأساسية التي يريدون تأكيدها وابرازها، وهذا الحق لهم وحدهم ولايحتاجوا الي نخب فاشلة لاحول ولاقوة لها ساهمت او صمتت علي هذه المظالم لتاتي الان لتصنف نفس المظالم ثم تقدم حلول عادة لا تتناسب وطبيعة الظلم بقدر ماتناسب الحفاظ علي امتيازاتهم التاريخية استراتيجيا كما تتيح لهم فرص الاسترزاق الاني.

    فان يسرد المهمشين ماوقع عليهم من انتهاكات بأنفسهم يمنحهم هذا الفعل سلطة كاملة على تجاربهم، مما يضمن تقديمها بطريقة دقيقة وعادلة، وبالتالي يحددوا كيفية معالجتها – بل لهم ان يتحكموا في كيفية انصافهم. أمثال رشا عوض تقلقهم سلطة تحكم المهمشين في تجربتهم، والسيطرة على سردياتها. لا تروق للنخب المتواطئة او المتصالحة او الصامتة او المسوفة ان لم تكن مهندسة مراكز قوي السودان القديم، لاتروقهم سيطرة أبناء وبنات الهامش على سرد حيثيات ماوقع عليهم من ظلم بتفاصيله القبيحة، وسيعارضوا هذا كيفما اتفق.

    في الأراضي التي تم تحريرها، نجح ثوار السودان الجديد في الاستيلاء على زمام الأمور، متصدين بفعالية للظلم والتهميش الذي عانوا منه. وبدلًا من الاستسلام أو انتظار الآخرين للتدخل، اتخذوا إجراءات ثورية حاسمة لتحويل واقعهم وإيقاف الانتهاكات ضد حقوقهم الأساسية، مُشعلين بذلك شرارة ثورة من أجل سودان جديد. هذه الخطوات، التي تنسجم مع رؤيتهم الفريدة، من شانها ان تُعد مصدر إلهام للأجزاء الأخرى من السودان، خاصةً إذا كانت النخبة الحاكمة صادقة في رغبتها بإحداث تغيير وشامل وذات معني للجميع. ومع ذلك، يثير هذا التحرك مخاوف النخب السياسية التي تميل إلى إغفال هذه الجهود، وذلك للحفاظ على مصالحها.

    الوضع الحالي في السودان يطرح تساؤلًا مهمًا عن ما إذا كانت النخب، بما فيهم الصحفية رشا عوض والقوى المدنية والأحزاب بالإضافة إلى تحالفات كـ(تقدم)، راغبة في اكتساب ثقة ودعم القوى المؤثرة في المناطق المهمشة للعمل سويًا من أجل مستقبل أفضل للسودان. هل هذه النخب قادرة على إعطاء الأولوية لقضايا ومظالم المهمشين، والتعامل مع الأسباب الجذرية لهذه المشكلات لبناء دولة سودانية قائمة على أسس جديدة وأكثر استقرارًا؟

    رشا عوض، كقيادية في (تقدم)، تتخذ موقفًا يتجاهل الشرعية والمشروعية الجذرية للمظالم، معتقدة أن عصر هذه المظالم قد ولي وانقضى. هي لا تعترف بها، وتنتقد بوضوح الأصوات التي ترفع راية 'المظلومية'، وتلقي اللوم على الضحايا الذين يعلنون تعرضهم للظلم! في ضوء هذا، يتم طرح تساؤل حول ما إذا كانت الأصوات الخارجية، أي سماسرة السياسة السودانية، يمكن أن توفر تمثيلاً دقيقًا ومنصفًا لمعاناة المظلومين، أو أن الرواية المباشرة من الضحايا والمظلومين أنفسهم تُعد أكثر تأثيرًا في إيصال حقيقة تجاربهم ومطالبهم بالعدالة!؟

    التاريخ يعلمنا أن تقديم الأفراد لمظالمهم بأنفسهم يساهم بشكل ملموس في بناء جسور الثقة والتفاهم مع مجتمعاتهم ويعزز التضامن من أصحاب الضمائر الحية نحو قضاياهم العادلة. كما يساهم السرد الشخصي في الشفاء النفسي للأفراد والمجتمعات ويمكنهم من إيجاد المعنى في الظروف الصعبة، ويوفر الفرصة لمشاركة الدروس والبصائر مع الآخرين لتوجيه الأجيال الجديدة نحو مجتمع أكثر وعيًا وفهمًا للتحديات التي خلفها التهميش وانتهاكات الحقوق..

    والتاريخ يعلمنا انه على الجانب الآخر، تسعى القوى المهيمنة إلى حجب قدرة الأفراد على سرد ماوقع عليهم من اذي لأسباب متعددة وبأساليب متعددة (ما تقوم به الأستاذة رشا عوض هو أحد هذه الأساليب)، فقد تحاول هذه القوى الحفاظ على الوضع القائم الذي يخدم مصالحها، ويجنبها المساءلة الأخلاقية والتاريخية، ويجنبها فقدان الامتيازات التي قد تنتج عن الاعتراف بالمظالم او خروج هذه المظالم للعلن لما يترتب على هذا الخروج من التزامات مادية واخلاقية. قد تقوم هذه القوى أيضًا بإنتاج وترويج نسخ ملفقة عن الحقيقة خوفًا من التغييرات الاجتماعية والسياسية التي قد تؤدي إلى فقدانها السيطرة على سردية المظالم وبالتالي انصاف قد يقود الي تقويض الحظوة وما يترتب عليها من مصالح.

    على سبيل المثال، في جنوب أفريقيا، كانت شهادات ضحايا نظام الفصل العنصري في لجان الحقيقة والمصالحة أداة حاسمة لفهم الأثر العميق لنظام الابرتائد، وهذا طبعا بعد إقرار مراكز قوي الابرتائد بظلمهم للسكان الأصليين وتخليهم عن كل ما من شانه ضمان استمرارية هذه المظالم. في السودان تتحدث النخب عن عمليات الحقيقة والمصالحة ولكنها لاتريد ان تسمع عن المظالم! في أمريكا اللاتينية، تم استخدام الروايات الشخصية لضحايا الأنظمة الديكتاتورية لتسليط الضوء على انتهاكات حقوق الإنسان وتعزيز نموذج لعدالة انتقالية تتناسب والاقرار بالتجاوزات.

    وفي الختام، يجدر بنا التساؤل عن ماهي هذه المظالم بالضبط؟

    وفقًا لثورة السودان الجديد وثوارها، هناك مجموعة من القضايا التي لم تُعالج بشكل مناسب منذ استقلال السودان، وأدى عدم معالجتها أو تناولها بطرق غير فعّالة او منصفة إلى نشوء مظالم فادحة. هذه المظالم معروفة وقد تم تحديدها وتسميتها بـ 'جذور المشكلة السودانية'، وهي ما أدت الي حروب السودان المتعددة بما فيها الحرب الحالية بين القوات المسلحة السودانية وقوات الدعم السريع. وتشمل القضايا السبع التالية:

    ١/ الهوية الوطنية والوحدة الطوعية: ثورة وثوار السودان الجديد يروا وجود مظالم هيكلية فيما يتعلق بالهوية الوطنية والوحدة الطوعية لان لهذه القضية تداعيات تمس الحقوق الأساسية لكل السودانيين. فهل تم حسم هذه القضية او حتى هل تم حوار امين وجاد بعيدا عن الاحتيال على من سمي وعرف هذه المشكلة وفقا لميكانيكيات تأثيرها عليهم؟

    في الوقت الراهن، قام ثوار السودان الجديد بتحرير أراضٍ شاسعة تفوق في مساحتها مجموع مساحات دولتي رواندا وبروندي. يسكن هذه المناطق ملايين من السودانيين الذين يعيشون بانسجام، متصالحين مع هوياتهم ومعترف بهم كمواطنين متساوين، بغض النظر عن انتماءاتهم العرقية، الدينية، أو الجندرية. هؤلاء السكان، الذين تذوقوا طعم الحرية، لن يقبلوا بالتفريط في حقوقهم الأساسية أو المساومة عليها، لأن الذين يعرفون الحرية لا يستطيعون العيش بدونها، ولن يسمحوا لأي تجارب فاشلة من قبل النخب السياسية السودانية بالتأثير على حقوقهم المكتسبة.

    في هذا السياق، يتعين على النخب السودانية أن تسعى للارتقاء إلى المعايير التي وضعها ثوار السودان الجديد، الذين لن يتنازلوا عن المستوى الرفيع الذي وصلوا إليه ولن يقبلوا بالعودة إلى الظروف المتدنية التي أدت إلى ما نراه اليوم في السودان. الحرية هي البوصلة التي توجه ثوار السودان الجديد، وهي الفلسفة التي يجب أن تحتذي بها النخب لتحقيق تغيير حقيقي ودائم، فليرتفعوا الي حيث ثورة وثوار السودان الجديد لان الثوار لن يتراجعوا وثورتهم الي الوراء.!

    ٢/ علاقة الدين بالدولة: السودان لم يتعافي من تأثيرات ثلاثة عقود من نظام حكم إسلامي فاشي، حيث تم خلالها زرع أيديولوجيات عنصرية متطرفة في أذهان العديد من الأجيال. نظام الإنقاذ تجلي فيه استخدم الدين كوسيلة لتحويل الغالبية السكانية في مناطق سيطرته إلى أدوات للعنف المنظم ضد المهمشين والمجموعات التي لا تتماهى مع الثقافة العربية الإسلامية، حيث تم إما ممارسة العنف ضدهم أو التصالح معه أو السكوت عنه. وعلى مدار عقود، استغل النظام الفاشي في السودان والمتعاونون معه، إضافة إلى الصامتين عن أفعاله، المؤسسات التعليمية والإعلامية والمالية لغرس أيديولوجيات عنصرية متطرفة في أذهان السودانيين، موجهين إياهم للقتال ضد ما وُصف بـ 'الكفار' بناءً على خطاب عنصري. هذه الأيديولوجيات العنصرية المتطرفة تجلت بشكل واضح في الاعتداءات العرقية والدينية المستمرة ضد مجتمعات المهمشين، من خلال منظمات مثل الخدمة الوطنية الإلزامية والدفاع الشعبي وغيرها من الأدوات التي نفذت سياسات التمييز والإقصاء.

    التحدي الذي يواجه السودان الآن هو تحديد ما إذا كانت هناك استراتيجيات ملموسة ومؤثرة لإعادة تأهيل الأفراد والمجتمعات التي تشربت بتلك الأيديولوجيات العنصرية، وإعادة تأهيلهم لتبني ثقافة جديدة تعتمد على احترام التنوع، وتسعى لبناء وحدة وطنية راسخة تقوم على العدالة وقبول التعايش مع الآخر؟

    الإجابة لا. فقد سقطت الإنقاذ، وسطت نفس النخب التي تتحدث باسمها الأستاذة رشا عوض علي السلطة فحولتها الي الإنقاذ (تو) فعلام الدعوات ان يصمت من مسته السياسات العنصرية والفاشلة بالضر على عدم الاحتجاج عليها وبالصوت العالي!؟

    ٣/ قضية التحول الديمقراطي: الانتقال إلى الديمقراطية في السودان هو خطوة أساسية لكنها ليست الحل السحري ولا الوحيد لمعضلات البلاد، بالإضافة الي: لابد من تعريف انتقال من ماذا الي الديمقراطية؟ على مر السنين، استخدمت القوى السياسية والمدنية قضية الانتقال الديمقراطي كشعار لتأخير التغيير الجذري الذي من شأنه بناء وطن يضمن المساواة الكاملة في الحقوق لجميع المواطنين والتي يعتقد البعض ان في تحقيقها تهديد للامتيازات المستفادة من التفضيل التاريخي. هذا التحول لا بد أن يحدث في تقاطع مع قضايا أخرى جوهرية للمشكلة السودانية ويجب التعامل معه ضمن هذا الإطار المتقاطع.

    تطرح النخب السودانية قضية التحول الديمقراطي بمنظور قاصر، حيث لم تدرك أن نظام الثلاثين من يونيو عام 1989 لم يكن مجرد نظام ديكتاتوري بل كان نظامًا فاشيًا بكل ما تحمل الكلمة من معنى. هناك فارق جوهري بين الانتقال الديمقراطي بعد سقوط ديكتاتورية تقليدية مثل نظام عبود او نميري وبين إعادة بناء وطن ديمقراطي يخرج من تحت ركام تجربة فاشية شهدت جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية وتصفيات عرقية مثل نظام الإنقاذ وتداعياته التي نراها اليوم. النخبة تنادي بعودة إلى نموذج ديمقراطي مشوه، يهدف إلى إعادة تمكين والابقاء على ملامح عدة من النظام القديم، متجاهلة الثلاثين عامًا التي شهدت خلالها السيطرة الكاملة على مؤسسات الدولة وغسيل أدمغة الأجيال بأيديولوجيات عنصرية، فاسدة ومتطرفة، على غرار ما فعله هتلر في ألمانيا وموسوليني في إيطاليا، حيث تم تسميم الوعي الجمعي لشعوب هذه الدول بأيديولوجيات فاشية. لذا، يتطلب الأمر مقاربة أعمق وأكثر وعيًا للتحول الديمقراطي تأخذ في حسابها عواقب الفاشية وضرورة تطهير المؤسسات والثقافة العامة من آثارها السامة.

    ٤/ نظام الحكم: تعتمد ثورة وثوار السودان الجديد نظام الحكم اللامركزي، وفي هذا الوقت تدار حوارات عميقة بين ثوار السودان الجديد حول الفيدرالية وغيرها من الخيارات.

    ٥/ المشاكل الاقتصادية: ونحن في القرن الواحد والعشرين لاتزال الدولة يسودها اقتصاد الريع العشائري، وحتى بعد سقوط عمر البشير عجزت النخب التي سطت على الثورة عن تصفية المؤسسات التي تكرس للاقتصاد الطفيلي.! ثورة وثوار السودان الجديد يتبنوا سياسة اقتصادية تبدأ بتصفية اقتصاد الريع العشائري، او الاقتصاد الطفيلي- الإسلامي ودولته الشمولية وتستبدله باقتصاد السوق الاجتماعي الذي يوائم بين اليات السوق وتدخل الدولة الديمقراطية العلمانية. اليوم الثوار في الأراضي وضعوا ملامح لاقتصاد مستجيب لواقع واحتياجات المجتمعات، ولن يتم التراجع عنه.

    ٦/ المحاسبة التاريخية: وهي تمثل مفهومًا محوريًا في ثورة السودان الجديد ورؤيتها لبناء وطن يحترم كل الناس، والمحاسبة التاريخية عملية اشمل من العدالة الانتقالية التي تسوق لها النخب لإمكانية اختراقها بالاحتيال. تتجاوز المحاسبة التاريخية النطاق التقليدي للعدالة الانتقالية التي غالبًا ما تُطبق بما يتوافق مع المصالح الترميمية للنخب وقادة الرأي والأحزاب ومنظمات المجتمع المدني المحتالة، والتي تُعنى بصيانة وحماية الهياكل القائمة للسلطة السياسية والاجتماعية والاقتصادية دون تغيير جوهري او حتى بتواطؤ صراح كما في حالة (تقدم) وقوات الدعم السريع. في سياق ثورة لأجل سودان جديد، تُصبح العدالة الانتقالية أداة ضمن آليات المحاسبة التاريخية، مشروطة بموافقة وتحكم الضحايا فيها وبمشاركتهم الفاعلة في العملية، وذلك لضمان أن تحقيق العدالة يتم بما يعكس إرادتهم ويسهم في تصحيح الأوضاع وتحقيق الإصلاح الشامل. والمحاسبة التاريخية لا تقتصر على تقديم الجناة للعدالة فحسب، بل تتعداها إلى إعادة النظر في السياقات التاريخية التي أدت إلى وقوع الظلم من اصلو، وتعمل على تعزيز مسارات للمصالحة ترتكز على الحقيقة والعدالة وتضمن عدم تكرار الانتهاكات في المستقبل بإجراءات تطال كل مؤسسات الدولة. وهذا مايقلق أمثال رشا عوض!

    ٧/ الترتيبات الأمنية: وهي عملية ذات أوجه متعددة، قضايا الحرب والسلم والجيوش أحد هذه الأوجه. في مقالاتنا السابقة، ناقشنا تركيبة القوات المسلحة السودانية وأجنحتها، بما في ذلك مليشيا مثل قوات الدعم السريع، والتي شاركت في ارتكاب جرائم حرب، جرائم ضد الإنسانية، وجرائم الإبادة الجماعية. لتأسيس جيش وطني يعبر عن هوية السودان، هناك حاجة ماسة لمشروع سياسي يعزز قومية كل مؤسسات الدولة ويضمن عدم تكرار هذه الجرائم. تاريخ سياسة السودان عبر وزراء الدفاع في السودان، منذ الاستقلال وحتى عهد عبد الفتاح البرهان، لم يغيروا من النهج العدائي والعنيف ضد كل من ثار تجاه انتهاك حقوقه في الهامش، غض النظر ان كانت هذه الثورات مسلحة او سلمية.

    في حين يحافظ الجيش الشعبي، الذي يجسد ثورة السودان الجديد، على التزامه بالقوانين الدولية الخاصة بالحرب، تتباين سلوكيات القوات المسلحة السودانية وميليشيا الدعم السريع، كلاهما مستمر في ارتكاب الانتهاكات الجسيمة ضد السودان وشعبه. وفي الوقت نفسه، تغرق النخب السياسية في نقاش عقيم حول أيهما أكثر إجرامًا: الدعم السريع أم الجيش السوداني؟

    عملية تحقيق الترتيبات الأمنية في السودان معقدة بسبب تعدد الجيوش والمليشيات. أحزاب النخب وقواها المدنية بعد سقوط حكومة الإنقاذ زادت من تعقيد الأمور بشرعنتها للجيش ولميليشيات الدعم السريع كقوي سياسية وعسكرية بالرغم من ان كلاهما لديه تاريخ موثق في ارتكاب جرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية وجريمة الابادة العرقية، ومايجدر ذكره ان ميليشيا مثل الدعم السريع لا تزال ترتكب الجرائم بينما تستمر القوى المدنية التي تمثلها الأستاذة رشا عوض في عقد الاتفاقيات السياسية الاستراتيجية معها ومع من تدعمها من دول مما ينذر بالمزيد من التأثير السلبي على حقوق الأجيال القادمة.

    الان، هل تم بالفعل معالجة القضايا الأساسية التي أدت إلى المظالم في السودان بما يكفي لإنهاء النقاش حولها ووقف الانتهاكات المستمرة للحقوق؟ وهل يمكن القول بأن الوضع في السودان تجاوز هذه القضايا بحيث يصبح الحديث عنها غير ذي جدوى وغير مفيد وغير منتج كما تدور الأستاذة رشا عوض ومجموعتها؟

    من غير المجدي إنشاء اجسام لمعالجة قضايا السودان إذا كانت تلك الاجسام تقودها شخصيات لا تعترف بالمظالم الموجودة، وتقلل من شأن الأسباب التي أدت إلى الوضع الكارثي الحالي، وتعمل على تبخيسها او تأجيلها أو تحمل اللوم للضحايا الذين يطرحونها.

    عند النظر إلى اراء ودور الأستاذة رشا عوض كممثلة ومتحدثة باسم تنسيقية القوى الديمقراطية المدنية (تقدم)، يجب أن نتساءل ليس فقط عن دورها الشخصي في محاولة النيل من ثورة وثوار السودان الجديد والمظالم التاريخية التي تعرض ويتعرض لها الناس في الهامش، بل أيضًا عن دور التنسيقية التي تقدمها كقيادية عنها ككل. يبرز هذا السؤال خصوصًا عند الأخذ بعين الاعتبار أن (تقدم) تضم في قيادتها أشخاصًا كانوا وراء تطوير قوات المراحيل الي حرس الحدود ثم إلى الجنجويد، ومن ثم إلى قوات الدعم السريع، هذه المجموعات بصراعها الحالي مع القوات المسلحة السودانية هي العامل الأساسي في احالة مناطق خارج السودان الجديد إلى رماد. ولا ينبغي أن نغفل عن حقيقة أن قيادات (تقدم) عندما كانت (قحت) قد شرعنت القوتين العسكريتين المتقاتلتين بعد الثورة، ولو لم تتعرض أهداف الثورة للتقويض من قبل نفس قيادات تقدم/ قحت حينها، لكان بالإمكان تحقيق تغيير حقيقي وهادف يشمل جميع المواطنين السودانيين.

    في اللحظة الراهنة، من الضروري أن تتحد قوى ومنظمات وقادة الرأي والناشطين في المناطق المهمشة من السودان وكل من يريد التغيير الشامل في السودان في ثورة متماسكة تستهدف إحداث تغيير جذري يتعامل مع الأسباب الأساسية للمشكلات التي أدت الي الوضع الكارثي الحالي كما فصلنا. على هؤلاء الفاعلين أن يمارسوا الحذر وعدم وضع ثقتهم في أي فرد أو كيان يقوده أشخاص لا يقرون بالمظالم التاريخية أو ينكرون حق الضحايا في التعبير الحر عن معاناتهم، بغض النظر عن الزمان اوالمكان او الكيفية. الوقت قد أزف لمناقشة ومعالجة جميع القضايا العالقة بصراحة وشفافية، لضمان معالجة المشكلات بشكل شامل ومستدام.

    خالد كودي
    بوسطن 19 يناير 2024























                  


[رد على الموضوع] صفحة 1 „‰ 1:   <<  1  >>




احدث عناوين سودانيز اون لاين الان
اراء حرة و مقالات
Latest Posts in English Forum
Articles and Views
اخر المواضيع فى المنبر العام
News and Press Releases
اخبار و بيانات



فيس بوك تويتر انستقرام يوتيوب بنتيريست
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
About Us
Contact Us
About Sudanese Online
اخبار و بيانات
اراء حرة و مقالات
صور سودانيزاونلاين
فيديوهات سودانيزاونلاين
ويكيبيديا سودانيز اون لاين
منتديات سودانيزاونلاين
News and Press Releases
Articles and Views
SudaneseOnline Images
Sudanese Online Videos
Sudanese Online Wikipedia
Sudanese Online Forums
If you're looking to submit News,Video,a Press Release or or Article please feel free to send it to [email protected]

© 2014 SudaneseOnline.com

Software Version 1.3.0 © 2N-com.de