لم تأتِ مخرجات اجتماع مجلس السلم والأمن التابع للاتحاد الأفريقي اليومً قبيل ساعات (الاجتماع رقم ١٢٩٣) كما توقعت حكومة بورتسودان وراعيتها في القاهرة. ففي تأكيد واضح، شدّد المجلس على أن إنهاء الأزمة السودانية لا يكون إلا بعملية سياسية شاملة بقيادة سودانية. أما من دون ذلك، فسيظل المدنيون في السودان هم "الضحايا الرئيسيين"، كما ورد في البيان الرسمي.
هكذا، تتقدّم إرادة شعب السودان الحرّ على رهانات العسكر والكيزان، ويتراجع الأمل الذي عقدته حكومة الانقلاب في استعادة عضوية الاتحاد الأفريقي، دون أي مسار واضح نحو الحكم المدني أو وقف شامل للحرب. لم تعد بيانات التجميل الدبلوماسي تنطلي على أحد.
لكن الأهم، أن هذا الموقف الأفريقي ينسجم مع روح تحالف تأسيس، ومشروعه لإعادة بناء الدولة السودانية من القواعد — لا كترقيع لنظام ميت، بل كولادة جديدة من رحم الثورة والمقاومة والتنوع.
وهنا، يتردد صدى الشاعر العظيم محجوب شريف، في قصيدته التي تخاطب السودان من قلب العشوائيات إلى بوستات الريف، ومن فصول الدراسة إلى مصانع السكر:
نحن شعب أسطى .. يلا .. جيبو مونا نبني .. نبني .. نبني مسرحاً ونادي مصنعاً وبوسته .. حرب لا لا لا لا...
ما بعد بورتسودان هل تدرك جماعة بورتسودان أن لعبة الرهان على الدعم المصري – الكيزاني قد انتهت؟ هل يفهمون أن الشعوب لم تعد تُخدع ببيانات اللجان والتكتلات المزوّرة؟ أن القرار الأفريقي نفسه بدأ يستشعر عدالة الصوت الشعبي السوداني؟
نحن لا نلهث وراء العالم — لكننا نطلب منه ألا يتواطأ مع من سرقونا، وقتلوا أبناءنا، وهجّروا ثلث شعبنا.
من عشّة إلى ميري إلى "غابة النشيد" يجب أن نُذكّر أنفسنا، كما قال محجوب: إيد وإيد وإيد نزرع الجديد غابة النشيد إيد وإيد وإيد ما في بينا سيد إيد وإيد وإيد نلحق البعيد
هكذا نؤمن في تحالف تأسيس: لا أسياد، لا جنرالات، لا فتاوى استبداد، لا صفقات فوق الجماجم. بل مواطنة، وعدالة، ومساواة، من عشّة وميري وبارا وعبري، إلى الجنينة وواو وفاشر السلطان.
وهكذا، حين تنعقد الجلسات في أديس أبابا أو نيويورك، سيعرف الجميع أن من لم يُدعَ لمؤتمرات الفنادق، حضر في قلب الشعب السوداني.
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة