عدت إلى مكتبتي في السودان و أعدت قراءة بعض الكتب وقرأت بعض الذي لم اطلع عليه، و من بين الكتب التي لم اطلع عليها كتاب الصحفي علي يس الذي كان يعمل في صحيفة الأيام السودانية. في البدء جذبني عنوان الكتاب(محاولة لإنتاج ضحكة كاملة الأركان ) وشرعت في قراءة مجموعة القصص القصيرة لأكتشف أنني أمام أسلوب جديد في كتابة القصة القصيرة. إنه أسلوب يجمع بين الواقع المعاش في المجتمع و بين الحبكة الروائية الممزوجة بالرومانسية و الخيال الفني و الرمزية المعبرة رغم أنه أنكر في إحدى قصصه لجوئه لهذا الأسلوب. أتوقف معكم عند بعض القصص المعبرة عن ما يدور في الحياه العامة من حولنا و في انفسنا، مثل (مشوار قصير لجلالة الملك)الذي يروي لنا حكاية الزعيم او الملك او الرئيس عندما يفقد ثقته في نفسه و يعاني من الأحساس بالعجز تحكي هذه القصه عن مملكة الحيوانات التي كانت تعيش في حرية تامة قبل أن يفكروا في إختيار ملك لهم ، و في البدء إستقر الرأي على تنصيب الحمار لكنه فشل في السيطره على المملكة و عندما أحس بالهزيمة طلب من الأسد أن يجلس على كرسي المملكة بالإنابة حتى يعود من مشوار قصير ، لكن الحمار لم يعد حتى الأن .. هناك ملوك و رؤساء و مدراء و مؤسسات كثر يبحثون عن من يجلس مكانهم ريثما يعودوا من مشوار قصير. القصة الثانية (من مفكرة جنيه سوداني) يحكي فيها على يس حكاية الجنيه السوداني الذي كان أكثر قيمة من الدولار الأمريكي لكن للأسف تدهورت قيمته حتى أصيب بصدمة فوقع ميتا - قبل أن يعوم أخيرا -. في قصة (تأبين بأثر رجعي) التي تحولت إلا فيلم تلفيزيوني بأسم عبد الحي الحي يجسد الكاتب حالة عدم تقدير المبدعين في حياتهم وكيف يتم تكريمهم و الإحتفاء بهم بعد وفاتهم في حالة أشبه بالنفاق المجتمعي. قصة(من مفكرة زعيم عربي) تناول الكاتب حالات تحول الروساء من الرومانسية السياسية الى حالات الديكتاتورية و التسلط و أرجع هذا التحول لبعض مستشاريه الذين يضللونه طوال فترة حكمه. قصة (من تاريخ مدينة أقلاطونيا النموذجية) يحكي عن مصير المدن الفاضلة التي حلم بها أفلاطون وكيف انها عمليا لم تعد في حاجه إلى مؤسسات الحكم فأجتمع مجلس وزراء أفلاطونيا ووصلو إلى قرارات عاجلة تقضي بإزالة دعائم المدينة النموذجية ليمارسوا حكمهم. أما قصة (من تاريخ الأنسان الحرباء) فإنها تحكي عن إكتشاف البروفسير عوج الدرب جينات بيولوجية لإزالة الفروقات اللونية بين البشر و أنشأ مستعمرة بأسمه على مساحة قدرها عدة كيلومترات و اختار اللون الأبيض للإنسان الحرباء الذي يتغير لونه حسب البيئة التي يعيش فيها ، وعادت الألوان ومن بينها اللون الأسمر، فجأة بدأت النزاعات و المشاجرات وسط نساء مستعمرة عوج الدرب اللاتي بهرتهن منطقىة الإنسان الأسمر ولجأن إليها ليتحولن إلى سمراوات ، و عاد عوج الدرب إلى رشده قائلا : لم نحسبها جيدا ، خدعنا سراب الفكره الباهرة و نسينا حكمة الخالق الحكيم في إختلاف ألواننا وألسنتنا.
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة