حين ينهار الضمير… تصبح الحرب أقل المآسي كتبه محمد بدوي مصطفى

مرحبا Guest
اخر زيارك لك: 08-27-2025, 03:29 PM الصفحة الرئيسية

منتديات سودانيزاونلاين    مكتبة الفساد    ابحث    اخبار و بيانات    مواضيع توثيقية    منبر الشعبية    اراء حرة و مقالات    مدخل أرشيف اراء حرة و مقالات   
News and Press Releases    اتصل بنا    Articles and Views    English Forum    ناس الزقازيق   
اراء حرة و مقالات
نسخة قابلة للطباعة من الموضوع   ارسل الموضوع لصديق   اقرا المشاركات فى شكل سلسلة « | »
اقرا احدث مداخلة فى هذا الموضوع »
08-03-2025, 02:32 PM

محمد بدوي مصطفى
<aمحمد بدوي مصطفى
تاريخ التسجيل: 10-26-2013
مجموع المشاركات: 265

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
حين ينهار الضمير… تصبح الحرب أقل المآسي كتبه محمد بدوي مصطفى

    02:32 PM August, 03 2025

    سودانيز اون لاين
    محمد بدوي مصطفى -Germany
    مكتبتى
    رابط مختصر





    ﴿وَلَا تَبْخَسُوا النَّاسَ أَشْيَاءَهُمْ وَلَا تَعْثَوْا فِي الْأَرْضِ مُفْسِدِينَ﴾
    )سورة الشعراء، الآية 183(

    "أعظم ما أنقذ ألمانيا لم يكن السلاح، بل بقايا ضمير حي في بيوت الناس، جعل الجائع يُطعم الأضعف، والمُشرد يفتح داره لمَن فقد كل شيء."
    المؤرخ الألماني فولكر أولريش



    اندلعت الحرب في السودان، ولم تكن رصاصة البداية سوى صفارةٍ تنذر بانكشاف الحقيقة.
    انكشفنا.
    سقطت الأقنعة، وساد الصمت في وجه الجور.
    لم تعد المأساة محصورة في الدمار والرصاص، بل في خيانة القيم، في أن يُصبح أخوك النازح سلعة، ويُصبح جوعه مكسبًا، وتشرده فرصة لرفع الإيجار، وزيادة سعر الرغيف، وتقنين الجشع باسم "الضرورة".

    شهدت بلادنا - لأول مرة بهذا العنف - سلوكًا لم تألفه ذاكرة السودان حتى في أسوأ أيام المجاعات والانقلابات.
    لم يَغزُنا العدو من الخارج فحسب، بل هاجمتنا أنانيتنا من الداخل.
    من استغل الحرب ليرتفع فوق أنقاض أخيه لا يقل إثمًا عمّن أطلق الرصاص.

    في شوارع العاصمة المدمّرة، وفي أطراف المدن المنسية، تجد من يبيع الأمل بالتقسيط وبفوائد فاحشة.
    كيف ينام من رفع إيجار المنزل على أُمٍ نازحة؟
    كيف يأكل من خزّن الدواء ليبيعه مضاعفًا؟
    كيف نصمت؟!
    هل بلغ منا الفقر حد التوحّش؟ أم بلغ منا الغبن حدّ تبرير الانتهاك؟



    ألمانيا ما بعد الحرب… عندما تعافت الضمائر قبل المدن

    في ألمانيا، بعد نهاية الحرب العالمية الثانية، لم تكن المدينة وحدها مدمرة، بل النفوس منهكة، البيوت مهدّمة، والرجال إما تحت التراب أو خلف الحدود.
    كانت النساء يعجنّ الرماد والدموع، والأطفال يقفون في طوابير الخبز على أطلال التاريخ.
    لكن ما أنقذهم لم يكن الاقتصاد أو المعونات الغربية، بل روح التضامن، التكافل الشعبي، والضمير الذي لم يُخلع مع بزات الجنود.
    اصطفّت العائلات كما أسنان المشط، فتحوا البيوت للمشرّدين، تبادلوا الطعام والغطاء، ورفعوا بعضهم بعضًا، لا ليعلو أحد فوق أحد، بل لينجو الجميع.

    قال أحد القساوسة في خطبة ما بعد الحرب:
    "لو لم نغفر لبعضنا، ونتقاسم الفتات كأنّه عيد… لما بقيت لنا بلادٌ تستحق العودة إليها."



    والمغرب… حين نطق الجبل بالرحمة

    في المغرب، حين ضرب الزلزال مناطق الحوز والأطلس، لم يُستدعَ الناس للنجدة، بل اندفعوا إليها.
    هُرِع الملايين من مختلف الولايات يحملون الأغطية والخبز والماء والدواء، لا فرق بين غني وفقير، ولا بين أمازيغي وعربي، الكل وقف، وسار، ورفع الآخر.
    لم تُرفع الأسعار في تلك الأيام، بل رُفعت الأخلاق.
    لم يُضاعف ثمن الخبز، بل ضُوعف الجود والكرم.
    كان المغاربة — بحق — دولةً من القلوب قبل أن يكونوا دولة على الخريطة.

    وهنا يعلو صدى شوقي في ذاكرة الأمة:

    "الناسُ للناسِ، ما دامَ الوفاءُ بهمُ
    والخيرُ باقٍ، وإن لم يُجزِه أحدُ"



    وما نحن إلا امتحان معلّق على الضمير

    في السودان، ما يحدث ليس فقط حربًا على الأرض، بل امتحانًا في السماء.
    امتحان نُسأل فيه: كيف عاملنا بعضنا؟
    كيف تحوّلنا من أهل نخوةٍ إلى تجّار آلام؟
    أين ذهب وجه السودان الذي كان الناس فيه يتقاسمون الرغيف؟
    هل أحنت الحرب رؤوسنا أم كسرت ضمائرنا؟

    إن الدين ليس طقوسًا وحركاتٍ على سجادة، بل هو معاملة الناس عند الشدة.
    الدين هو أن تمنح لا أن تُنهِك، أن تُغيث لا أن تُتاجر، أن تعلو بالحب لا بالربح.
    وإن لم يظهر الدين في لحظة المصيبة، ففي أي لحظة نُظهره؟



    خاتمة… لعلّ فينا بقايا أمل

    من باع منزله ليؤوي أسرة مشردة، من اقتسم وجبته مع لاجئ في شارع، من خفّض السعر بدل أن يرفعه، هؤلاء هم من يُراهن عليهم الله لا الوطن فقط.
    إنّ من ينقذ السودان اليوم ليس السياسي ولا الجندي، بل من ظلّ إنسانًا في زمن الوحوش.

    "الساكت عن الحق شيطان أخرس،
    لكنَّ المُطَبّل للباطل… شيطان ناطق."



    فيا أهل السودان… لا تجعلونا نلعن زمننا، بل اجعلونا نفتخر أنّا عشنا في زمن المحنة وخرجنا منه بشيء من الإنسانية.
    فالمعارك تُحسم بالرصاص، لكن الأمم تُبنى بأيدي الرحماء.
























                  


[رد على الموضوع] صفحة 1 „‰ 1:   <<  1  >>

احدث عناوين سودانيز اون لاين الان
اراء حرة و مقالات
Latest Posts in English Forum
Articles and Views
اخر المواضيع فى المنبر العام
News and Press Releases
اخبار و بيانات



فيس بوك تويتر انستقرام يوتيوب بنتيريست
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
About Us
Contact Us
About Sudanese Online
اخبار و بيانات
اراء حرة و مقالات
صور سودانيزاونلاين
فيديوهات سودانيزاونلاين
ويكيبيديا سودانيز اون لاين
منتديات سودانيزاونلاين
News and Press Releases
Articles and Views
SudaneseOnline Images
Sudanese Online Videos
Sudanese Online Wikipedia
Sudanese Online Forums
If you're looking to submit News,Video,a Press Release or or Article please feel free to send it to [email protected]

© 2014 SudaneseOnline.com

Software Version 1.3.0 © 2N-com.de