حمدوك يمتلك خبرة طويلة في ملف صناعة وادارة التنمية ولديه رصيد ممتاز في العلاقات مع المنظمات و الصناديق و الهيئات الدولية و هو عليم بأضابير و دروب هذا الملف ، و شخصيته متزنة ولا يجنح للانتصارات الشخصية و مقبول لدي اكثر ممسكي اطراف المتناقض السياسي السوداني ، و يساعده علي ذلك أنه صفحته بيضاء غير مثقلة بالتاريخ و لا بالماضي و صراعاته السياسية ، و هذه ليست ميزة كاملة لأن خلو تجربته من المحتوي المحلي و قطيعته مع واقع المجتمع السوداني لفترة طويلة حرمه من الإحاطة الكاملة بداينميات المجتمع السوداني و تعقيداته.
البرهان من رحم المؤسسة العسكرية التي لا يمكن تجاوزها في أي معادلة سياسية ، أثبتت الفترة الانتقالية أنه مرن و ذو وعي سياسي و ثقافي جيّد كما أنه متحدث بارع و حضوره الشخصي ممتاز و يمتلك المقدرة علي تعديل مواقفه متي ما عنّت له احداثيات و منصات رؤية مختلفة و هذه مزايا نادرة في منتسبي المؤسسات العسكرية التي تقوم فلسفتها علي الضبط و الربط و الصرامة.
حميدتي من رحم الريف السوداني ، و يمثل قطاع كبير من السودانيين الذين كانوا علي الدوام علي هامش الحياة السياسية ، سريع التعلم ، و لديه جرأة في مخاطبة القضايا المعقدة و المضي قدماً في تنفيذ ما يؤمن به ، مقبول من حركات الكفاح المسلح بارادتهم الحرة ، يملك القدرة علي مخاطبة قوي الريف الشعبية في السودان و هذه الميزة مهمة ، فقد ساعدت الانقاذ علي البقاء ثلاثين عاماً
تلطخت صورة البرهان و حميدتي باحداث مأساة القيادة العامة مما أقام حواجز نفسية شاهقة صعّبت عليهم التواصل مع السودانيين و لكن هذه العقبة يمكن اجتيازها بالمكاشفة و إنفاذ القانون و بالحرص علي ضمان تحييد العنف في الحياة السياسية السودانية في المستقبل و بالطبع بعد رد الحقوق أو بعد تقبل الضحايا و ذويهم للمكاشفة و طلب العفو و من عفي و أصلح فأجره علي الله.
الواقع السوداني معقّد و مأساوي ، و أهل السودان عاشوا لقرن كامل في شظف طويل ضربتهم فيه كوارث وازمات و حروب مهلكة مع طيوف عابرة قصيرة من الانفراجات الاقتصادية المؤقتة التي لم تتوقف فيها الحروب ( نيفاشا 2005 - 20011 ) و الرسالة الي هذا الثلاثي تحديداً لأنهم علي مقعد القيادة الحقيقية ، و لأنهم يملكون المقدرة إن أرادوا هي أن آن الأوان لتحكيم صوت العقل و التركيز علي المستقبل و فرصه بدلاً عن الإستغراق في الماضي وجراحاته والمضي قدما الي تقديم مشروع وطني يجمع و لا يفرق ، أساسه الأول الوحدة الوطنية و مدخلها هو التسامي علي رغبة التشفي و التعالي علي شهوة السلطة و البعد عن تحدي القيم الدينية و الاجتماعية و أساسه الثاني الإستقرار الأمني و طريقه لابد أن يمر عبر توحيد كل البنادق في جيش وطني واحد و في اعلاء سلطة القانون و فرض هيبته ، و أساسه الثالث الرفاه الاقتصادي الذي لا تقوم سيقانه الا علي الشفافية و دعم الانتاج و محاربة الفساد و الصحافة الحرة و الاتزان في العلاقات الدولية و تشجيع الابتكار و توظيف العلوم و التكنلوجيا و تفجير الهمم و الطاقات. و هذا المشروع الوطني لابد أن تكون تجلياتها النهائية في دولة ديمقراطية عزيزة تحترم الإنسان و كرامته و تتيح له مساحة الإطمئنان ليعمر الأرض و يمارس ما يؤمن به من معتقدات بلا خوف ولا تضييق.
الخيارات الأخري ضيّقة و صفرية ، السؤال الآن ليس هو كيف يكون السودان بل هل يكون السودان أو لا يكون ، و بأيديكم تُكتب الإجابة !
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة