ظللت كلما نزلت الخرطوم ألصق سريري بجوار طيبة الذكر " بت كانور " لاحظت ان مكيف هواء تالف معلق بالجزء المؤجر من دارها ويشكل خطرا عليها فطرقت بابهم فاذا مجموعة من الاطفال رحبوا بي بما يعرف " عربي جوبا " وهم ينادون علي شقيقتهم " ماريا " عرفتها بأنني بت حبوبة واريد استئذانهم لنزع المكيف ... ردت ماريا ما مشكلة سأتصل بأمي لابلغها .. أين هي ... أمي تشتغل بجوبا وانا طالبة بجامعة الخرطوم .. تمام اذن سلمي عليها وبلغيها رغبتنا ازالة المكيف لانه يمكن ان يسبب أذي لحبوبة ...لا لا إلا حبوبة وبسرعة لفت ماريا ثوبها حول جسدها النحيل وتقدمتني وهي تحتضن امي وتقبلها وتقول خلاص ما ضروري أبلغ أمي الان جيبوا العمال ... و بنفسها وإخوتها الصغار وقفوا علي تفاصيل نزع المكيف .. هذه قصة اوردتها لتقريب الصورة الأزلية المغروسة بدواخلنا وربما غالبيتنا يختزن قصصا صغيرة لكنها تمثل ايقونة ورمزا لعلاقتنا باشقائنا الجنوبيين و حميميتهم واللذين يحتضنون منذ فترة وباريحية وبرحيق المحبة مفاوضات وحوارات أهلنا بدارفور وجنوب كردفان والمنطقتين لصناعة سلام واستقرار بالسودان وهم يقومون بهذا الجهد يعلمون تماما وواثقون أنهم يصبون الدواء الناجع والبلسم الشافي والعلاج في جسم كانوا هم من أصله واكتوا بهجيره وجراحاته والجميع يعلم تفاصيل رحلة انفصالهم من أرض المليون ميل مربع وتراكمات الاحتراب ومسارات التفاوض المرهقة ونحسب أن أخوتنا بدولة جنوب السودان يتحركون في رحلات مكوكية بين الخرطوم وجوبا و أروقة قاعات أهل المصلحة من دارفور والنيل الازرق والمفاوضون الكثر من المنظمات الاقليمية والعالمية يتجرعون الالم والأمل لا يفارق ذهنهم لمعاناة المظلومين و المهمشين لانهم تجرعوا المعاناة ومروا بها لعقود قبل وبعد الانفصال لذلك يستشعر المتابع لهذه الملفات مدى المصداقية والحرص للوصول للحلول الناجعة و للإسراع لإسكان السلام بين اجزاء البلد الذي يكافح لبناء سودان جديد يسع كل ابنائه ويغرس بذور صالحة لتنمية مستدامة مستمدة من خيرات الارض و بتشابك ايادي ابنائه الخلص.... كثير من الاستنتاجات و ما يرشح من تحليلات تقول ان اخوتنا الجنوبيين اليوم ربما يعلقون امالا لتعود فيه الاجسام السودانية شمالها وجنوبها للالتحام مرة اخرى وان ذلك ليس ببعيد فهم يحتضنوا المفاوضات بمشاعرهم الخاصة ومن صميم خبراتهم وتجاربهم المريرة لحرب الجنوب ومسارات التفاوض وأجندته الخفية وصولا للأنفصال ونتائجه الشاخصة .. أنفاس قطر كعبة المضيوم لم تكتف دولة قطر بأرسال وفد رفيع المستوي الاسبوع الماضي برئاسة المبعوث الخاص لوزير الخارجية د. مطلق القحطاني في زيارة لجوبا والخرطوم حيث اتصل ايضا أول امس الشيخ تميم بن حمد أمير قطر هاتفيا برئيس جنوب السودان سلفاكير ماديت دعما لمسارات التفاوض والسلام مثمناً جهود حكومة جوبا الوسيط للسلام والذي تبشر الاخبار بانه بات وشيكا فاهتمام قطر بقضية سلام واستقرار دارفور لا يتجزأ فقد امسكت الدوحة بحرص وكفاءة ومصداقية بهذا الملف في أحلك الظروف والاحتراب علي اشده وأنبتت جهودها وثيقة الدوحة وكثير من الأزهار لتوطين اللاجئين وارجاع حقوق المهمشين لكي ينعم اهلنا بالاستقرار والسلام والتنمية المستدامة كل هذه الجهود وغيرها يمكن ان تؤسس لسلام دائم وعدالة وتنمية فقد ارهقت الحروب الانسان وجففت عروقه من ماء الحياة كحق لكل البشرية .. شكرا لكل من يرمي حجرا لبناء الاوطان ويعزز السلام الشامل عواطف عبداللطيف اعلامية وناشطة اجتماعية مقيمة بقطر [email protected]
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
عواطف عبداللطيف
فيس بوك
تويتر
انستقرام
يوتيوب
بنتيريست