في المدرسة وفي الجامع يتلقي الشباب دروسا في الجهاد الشيء المعروف للجميع أن المسلمين الاوائل جاهدوا الكفار لكن المشاهد الآن ان المجاهدين في الجانبين مسلمون يكبرون و يهللون !! مع كل طلقة و كل (جَغمة)!! وهناك بالطبع (أنفال) !! كيف فهم اولئك الشباب ان المسلم يمكنه ان (يجغم) اخيه المسلم؟؟!!
الناس يظنون ان الدين والتدين عبارة عن (محفوظات) بأن تحشر النصوص ومعانيها حشرا في الذاكرة ولا سبيل للتفهم و التفكر والتعقل فكما قال تعالي: (واشربوا في قلوبهم العجل) فكأنها اشارة الي استعمال الفم والبطن بدلا من العقل فهذه مثل شرب (المحاية) عندنا بدلا من تلاوة القرآن والانصات الي المعني فكذلك مسائل الدين نحن تعودنا ان (نجغمها جغما) بدل ان نفهمها لكن تُلاحظ بوضوح كلما فتحت كتاب الله تجد الحديث عن الفهم فمئات العبارات التي تنتشر في كل السور والاجزاء تشير الي ضرورة الفهم: لعلم تعقلون .. يعقلون .. تتفكرون .. يتفكرون .. تفقهون ... افلا تعقلون .. افلا يتدبرون ..الخ
لكن دائما.. الفهم يتطلب شيئا من التركيز ولا نقول ان الفهم صعب لكن للاسف الأمر تُرك للشهادات والشهادة في الغالب لا تدل علي ملكة الفهم وانما ملكة (الجغم)! واحيانا هناك معايير اخري فقد يصادفك خطيب جمعة يصعب عليه قراءة الخطبة من الاوراق !! وذلك لأن ابيه كان عالما كبيرا وهو قد خلف اباه في الإمامة !! ومن ناحية اخري قد تجد فقيها في الدين لا تسنده الشهادات كما ينبغي وانا اذكر ان استاذنا الذي كان يحاضرنا في (مقارنة الاديان) كان ارفع شهادة حصل عليها هي درجة الماجستير في حين انه كان يحاضر طلاب الدكتوراه وحينما سألناه عن ذلك ذكر لنا اجابة غريبة هي انه لم يجد مشرفا يشرف عليه لأنه كلما يقابل احدهم ويعرض عليه اطروحته يجده كما قال: (لا يفقه شيئا)!!
فالمهم.. ان الذين يفترض ان يفقّهوا الناس في الدين تجدهم انفسهم ينقصهم الفقه (الفهم) ومعروف عندنا ان كليات التربية والدراسات الاسلامية يقبلون لها اصحاب الدرجات المنخفضة ومنهم من حصل علي نصف المجموع بشق الانفس وربما بعضهم افاد من نظام (البُشنق) المعروف في بلادنا عند اهل القياس و التقويم !!
واضرب لكم مثالا بمسألة دينية بسيطة: فقد روي ان النبي ص مشي في الرمل يوما في حر شديدة فأحرق الرمل قدميه فقال: (لولا رمل بين غزة و عسقلان لعبت الرمل) وفي حديث اخر لعله متعلق بنفس الموقف قال: (ويل للاعقاب من النار) والحديث إنما هو تحذير من النار وعذابها ولكن لسوء الفهم ربطه البعض بالوضوء فاخرجوا الوضوء من صفته المذكورة في القرآن وهي كما قال بعض ائمة اهل السنة - مثل الفخر الرازي و غيره: ان الوضوء: (غسلتان و مسحتان) والغسلتان هما: غسل الوجه وغسل اليدين الي المرفقين والمسحتان هما: مسح الرأس ومسح الرجلين الي الكعبين وينسب الي الامام علي قوله: (لو كان الدين بالرأي لكان باطن القدمين اولي بالمسح من ظاهرهما) وصفة الوضوء مذكورة في القرآن، وهي اوضح شيئ في القرآن ولا تحتاج حتي الي تفسير: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلَاةِ فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرَافِقِ وَامْسَحُوا بِرُءُوسِكُمْ وَأَرْجُلِكُمْ إِلَى الْكَعْبَيْنِ)
ولكن اهل الدين يصرون علي: (غسل الرجلين الي الكعبين) !! كما درّسونا في المدرسة واذكر جيدا ان آية الوضوء لا يذكرها احد: لا الكتاب ولا المعلم !! ولو سألتهم كيف صار المسح غسلا فسيذكرون طريقة مضحكة للعطف في اللغة العربية!! فهذا نموذج للفهم السيء للدين!! ومن الصعب تعديله لأن المسألة ببساطة: (مجغومة جغم) فلا عجب إن رأينا اليوم: المسلم (يجغم) اخيه المسلم وهو يكبر و يهلل !!! ثم (يغنِّم) أو (يشفشف) ممتلكاته !!
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
محمد الصادق
فيس بوك
تويتر
انستقرام
يوتيوب
بنتيريست