من محاسن الانقاذ ، اذا جاز ان يقال ان لها محاسن ، انها ارغمت كثيرا من اصحاب المواهب للهجرة الى بلاد الله الواسعة ، ذلك لأنها عاجزة تماما فى مجال المواهب ، ولأن اصحاب المواهب لم يكونوا يجدون متنفسا لأبراز والتعبير عن مواهبهم ، الا فى السجون وبيوت الاشباح وحتى فى هذه الاماكن لم تكن الحرية مكفولة تماما لهذا التعبير . وكما عبر شاعر الشعب عن هذه الحالة فى احدى قصائده المبدعة ( نغنى ونحن فى اسرك وترجف وانت فى قصرك)! وقد وجد اصحاب هذه المواهب حرية التعبير حيث تفرقوا وكذلك كان بعدهم عن الوطن شاحذا لمواهبهم من اجل عطاء اجمل . نلاحظ فى هذا الاطار ظهور عدد من الروائيين الممتازين والذين وصلوا الى مرحلة العالمية وترجمت بعض اعمالهم الى عديد من اللغات ، بل ووصل بعضهم ، مثل زيادة حمور ، حد تدريس بعض رواياتهم فى المنهج الفرنسي ! كذلك عدد من المغنيين والمغنيات الذين افادهم وجودهم فى بعض البلدان المتقدمة ، فتعلموا اصول الموسيقى والغناء ، فوصل بعضهم الى العالمية ، مثل (عاصم الطيب ) والمطربة ( نانسى عجاج ) وكذلك المطربة الكردفانية (....... ) التى تبنتها جهة امريكية لتصل باعمالها الى العالمية . وقد اتضح من كل ذلك ان المواهب والتراث الفنى فى السودان لايتطلب غير الحرية فى التعبير والعلم ، وهو ماغاب على آخر ايام نميرى وخلفائه من الكيزان ، ثم ظهر الآن بعودة الحرية ولطيور المهاجرة بعد الثورة ! كذلك لايفوتنى فى هذا المجال ذكر السينما والتمثيل ، ولعل فوز عدد مقدر من الافلام القصيرة والروائية خلال السنتين الماضيتين من عمر الثورة ، الا دليل آخر على اثر الثورة فى كفالة الحرية للتعبير عن تلك المواهب المدفونة . ولعل الكل يشاهد التطور الملحوظ فى مستوى المسلسلات السودانية التى اصبحت تعرض على القنوات السودانية بعد الثورة ، وذلك من ناحية محتوى الموضوع واساليب التمثيل والاخراج ! وأخيرا ، وليس آخرا ، اشير الى النتائج الباهرة للمنتخب القومى فى كرة القدم ، الذى أصبح يأتى بنتائج لم تحدث ربما خلال السنوات العجاف الطوال قبل الثورة ، برغم انه لم تكن هناك حواجز دينية كما كا ن الكيزان يزعمون فى حالات الغناء والتمثيل ..الخ فقد شاهدت ، بمجرد الصدفة ، برغم شغفى بمشاهدة الكرة فى مستوياتها العالمية ، أقول شاهدت اجزاء من مباريات الفريق القومى وبعض الفرق السودانية ضد فرق عالية المستوى من مثل الفريق المصرى والجنوب افريقى واخيرا الليبى ، وكنت مندهشا من ذلك التطور فى الاداء والحماس الذى حدث بين يوم وليلة . ولكنى وجدت التفسير المنطقى فى تغير احوال اللاعبين والمشاهدين ، بل والاداريين والمدربين ، وجدته فى الفارق الوحيد بين الامس واليوم وهو التغيير الثورى . وكان من ضمن المهنئين بتلك النتائج ، وربما المندهشين مثلى، السادة رئيس مجلس السيادة ورئيس الوزراء . ولابد لى من انتهاز هذه الفرصة لألفت نظر السيد رئيس الوزراء ، الى ان ماحدث فى المجالات المذكورة ، قد حدث بفعل الثورة ، التى اججت الحماس فى النفوس ، وبخاصة الشبابية منها ، الى جانب اتاحة حرية التعبير، وربما التغيير الذى حدث فى هذه المجالات ، التى لم تكن أصلا من ضمن اهتمامات الفترة الانقاذية، فى نوعية البشر المشرفة على ادارة تلك المجالات . وبالتالى ، فان اى تغيير يتوقع حدوثه فى كل مجالات الحياة الأخرى ، لابد ان يبدأ بازالة تمكين الكيزان عن مواقع السلطة والتسلط تلك . وقد ذكر السيد رئيس الوزراء فى مبادرته بالأمس هذا الجانب بتفصيل ولأول مرة بما يمكن البناء عليه ، اذا وجد جدية فى التنفيذ . فهو يقول فى البند الخامس من الخطوات الضرورية لتنفيذ المهام المطروحة بمبادرته ( تفكيك نظام الثلاثين من يونيو ومحاربة الفساد : دون تفكيك نظام لثلاثين من يونيو وتصفية ركائزه لايمكن بناء نظام مدنى ديموقراطى ، لذا يجب التزام جميع الاطراف بتحقيق هذه المهمة داخل المؤسسات المدنية والعسكرية ، كما انه من المهم مراجعة تجربة لجنة ازالة التمكين وتطويرها نحو تحقيق اهدافها. كما انه من الواجب العمل بصورة صارمة على محاربة الفساد بكل اشكاله). وبالطبع فان هذا مطلب لاخلاف عليه من فصيل او احد ويعتبر المطلب الاول والضرورى لنجاح اى مطلب اوتحقيق اى من شعارات الثورة . وكذلك من الواضح ان كل مالم ينجح ومافشل خلال العامين الماضيين كان بسبب عدم تنفيذ هذا الواجب اما لكون من يطلب منهم التنفيذ هم ضده فى الاساس اذانهم ينتمون الى النظام البائد أو للتخريب فى المجالات الاقتصادية بالذات اذ انهم لايزالون يتمتعون بنفس النفوذ الاقتصادى والمالى فى المصارف وغيرها . وبرغم ان مجئ هذا المطلب واعتباره اساسي من قبل المسئول التنفيذى الاول ،قد يدل على تحول ما فى موقفه ، الا ان كونه فى قمة المسئولية التنفيذية التى يستطيع ان يستخدمها بطريقة مباشرة او بتكليف الآخرين ن الا انه لايزال يطلب ( التزام جميع الاطراف بتحقيق هذه المهمة ..). وهو بهذا يكرر اسلوب رئيسه فى اللجنة الاقتصادية الذى يشتكى لطوب الارض من تهريب الذهب وارتفاع الاسعار .. الخ وهو المسئول مباشرة عن هذا . ولكى لانبتعد أكثر مما فعلنا عن موضوعنا ، فانى اعود للفت نظر الدكتور رئيس الوزراء ، الى ضرورة الاهتمام باستغلال حماس الشباب ومعارفه التى اتضحت فى المجالات المذكورة من فن وادب ورياضة فى تنفيذ ماطرحه من واجبات فى مبادرته ، خصوصا انها تتطابق تماما مع مارفعه اليه شباب الثورة المرة تلو الاخرى فى مظاهراتهم ومذكراتهم ، راجيا ان لايكون سبب المبادرة هو استباق لماهومتوقع فى الثلاثين من يونيو !
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
عبد المنعم عثمان
فيس بوك
تويتر
انستقرام
يوتيوب
بنتيريست