يحتفي العالم باليوم العالمي للأشخاص ذوي الإعاقة، الذي يصادف ٣ ديسمبر من كل عام، ويحمل شعار هذا العام عبارة (إعادة البناء بشكل أفضل: نحو عالم شامل للإعاقة ويمكن الوصول إليه ومستدام بعد جائحة كوفيد - 19) ولا شك أن التعليم هو أحد أهم طرق دمج الأشخاص ذوي الإعاقة، وإزالة الحواجز من أمامهم. يوجد بولاية القضارف معهدان لتعليم الأشخاص ذوي الإعاقة: معهد الأمل لتعليم الصم، ومعهد النور لتعليم المكفوفين. وقد بدأ تجريب التعليم الدامج بولاية القضارف في العام ٢٠١٥ من دون كل ولايات السودان، وتحتاج التجربة للتقييم. بدأ تعليم الصم في السودان منذ العام 1970 بإنشاء معهد الأمل في الخرطوم ، وقد تم إنشاء معهد الأمل بالقضارف في العام 1994 بواسطة فرع الجمعية القومية لرعاية الصم بالقضارف ، وهو المعهد رغم 6 على مستوى السودان ، وأسهم في تأسيسه الدكتور محمد الحسن اختصاصي الأنف والأذن والحنجرة. لم تتضمن أوراق المؤتمر الصحفي لنتيجة مرحلة الأساس بولاية القضارف، هذا العام، عن أي ذكر لنتائج معهد الأمل لتعليم الصم ومعهد النور لتعليم المكفوفين، مما يدلل على ضعف حساسية المسئولين لقضايا الأشخاص ذوي الإعاقة. لكن رغم ذلك فالتفوق كان حاضرا في معهد الأمل، فقد أحرزت الطالبة عناب عبد الشكور ١٧٦ درجة محققة التفوق وهي تمتحن للمرة الأولى من معهد يعمل في بيئة شديدة الرداءة، لكم أن تتخيلوا درجة الذكاء وقوة الإرادة التي تتمتع بها هذه الطالبة. لم تنجح عناب وحدها، فقد نجحت أيضا الطالبة المثابرة آمنة صديق ب١٥٥ درجة والطالب المثابر خالد صالح ب ١٥٣ درجة. امتحن من معهد الأمل لهذا العام ستة أشخاص، أربعة بنات وولدين اثنين، وكانت نسبة النجاح ٥٠٪، وهي نسبة عالية في ظل البيئة غير الصديقة. يضم كل المعهد عدد ٩٠ طالبة وطالب في فصوله الثمانية بما فيها التعليم قبل المدرسي، ويزيد عدد الطالبات على عدد الطلاب. ويبلغ عدد المعلمين ١٢ معلما ومعلمة بمن فيهم مديرة المعهد الأستاذة لمياء عبد اللطيف، بالإضافة إلى باحثة اجتماعية. أكثر طلاب وطالبات المعهد من مدينة القضارف، وبعض طلابه من المحليات إذ لا يوجد نظير له في محليات الولاية الأخرى، بل يدرس به طلاب من خارج الولاية، والذين يسكنون مع أقربائهم، إذ لا يوجد سكن داخلي في المعهد. من ضمن معلمي المعهد من الصم الأساتذة : أحمد مختار، وسليمان عمر خريج المعهد، وسمية عثمان الأمين وهي ضعيفة سمع. وكل منهم يحكي قصة من النجاح وقوة العزيمة. درس الأستاذ أحمد مختار الأساس بمدرسة اسماعيل خليل وأصيب بالإعاقة السمعية عندما كان عمره عشر سنوات، وكان وقتها في الصف الرابع، ولم يمنعه فقد السمع من مواصلة تعليمه حتى إكمال مرحلة الأساس والنجاح والالتحاق بالمدرسة الثانوية الجديدة، ومن ثم دخول جامعة القضارف كلية الاقتصاد تخصص محاسبة، ويعمل الآن أستاذا بمعهد الأمل، وهو ناشط في المجتمع المدني وقضايا الأشخاص ذوي الإعاقة. ودرس الأستاذ سليمان عمر أبكر بمعهد الأمل ومنه إلى مدرسة محمود شريف الثانوية، ثم التحق بكلية الحاسوب جامعة القضارف، ويعمل الأن معلما بالمعهد. إن بيئة المعهد شديدة الرداءة، فسور المعهد عبارة عن سلك شائك، مما أدى لتعرض المعهد لسرقات عديدة مثل المراوح، وأحد قوائم الكرة الطائرة. ولا يوجد لمبات إلا في فصل الصف الثامن فقط، مما يؤثر سلبا على تحصيل الطلاب لأن الإضاءة الجيدة مهمة للغة الشفاه، ناهيك عن أثر السخانة . ويعاني المعهد من العطش فقد تم قطع الماء من المعهد منذ قرابة العام تحتاج أرضيات الفصول للصيانة كذلك السقف والأبواب والشبابيك يوجد بالمعهد فصل تدريب حرفي متعطل وهو عبارة عن جملون ومواد للتدريب بتمويل من ديوان الزكاة. تعطل العمل به لعدم وجود معلمين متخصصين ولم تساعد الحكومة ممثلة في وزارة التربية ووزارة الرعاية الاجتماعية في تذليل الصعاب حتى يستطيع هذا الفصل المكمل للنشاط من العمل. ولكن رغم ذلك لم يستسلم العاملون في المعهد فها هم يواصلون جهودا مضنية لتعليم هذه الشريحة في ظروف بالغة الصعوبة. . هنالك مساعدات من بعض الميسورين من أولياء أمور الطلاب. وتوفر الزكاة وجبة الفطور وزي الطالبات والطلاب بصورة غير منتظمة، يعتمد ذلك على وعي ومعرفة المسؤول المعين في اللحظة المعينة. وقدمت اليونسيف معينات تعليمية ورياضية (كراسات - أقلام - علب هندسة - كور - شطرنج - حبال - شباك كرة طائرة). يحتاج المعهد الآن إلى معلم لغة انجليزية لديه الرغبة في تعليم الصم، تكمن المشكلة في أن كثير من المعلمين الذين يتم نقلهم إلى المعهد ليس لديهم رغبة في العمل به، مما يزيد الضغط على المعلمين الموجودين. لا يوجد معهد ثانوي لتعليم الصم، وهذه ليست مشكلة إذا توفر تعليم دامج بالمرحلة الثانوية، وهذا لم يتوفر بعد. رغم ذلك استطاعت هاجر محمد طاهر، التي كانت من نابغات المعهد في العام الماضي، أن تلتحق بمدرسة النهضة الثانوية، وأن تجتاز الصف الأول بنجاح وأن ترتقي إلى الصف الثاني، وهي تقرأ لغة الشفاه ببراعة، وفي طريقها لحجز موقع بين المتفوقين في هذا الوطن. كما تفوقت في. العام الماضي كل من: رفيدة مصطفى 186 درجة، بسمة سليمان الطاهر 163 درجة. ويلتحق بعض الصم بالمعهد الحرفي أولاد وبنات، والذي يستوعب بإكمال المعهد ولا يشترط النجاح . ولكن لا يزال أغلبية الصم خارج التعليم، وهذا هو التحدي الأكبر. لذلك لا بد من توسيع مواعين الصم سواء في التعليم الدامج أو المعاهد المتخصصة. ويجب على المسئولين التربويين تأكيد ضرورة أن يدرس الصم بذات منهج المسمعين لتحقيق الدمج، لكن لا بد من تبسيط المنهج بتقليل دروس الحفظ، وتغذيته بالمزيد من الصور. وينبغي الاهتمام بتدريب المعلمين تدريبا مستمرا، كما يجب تدريس طلاب كلية التربية كورسات تربية خاصة . ويتطلب الأمر تصميم الفصل الدراسي للصم على شكل يمكن من توظيف حاسة البصر إلى أقصى درجة . إن تعليم الصم قراءة شفاه يفتح آفاق تواصلهم إلى درجات قصوى، مع ضرورة التدخل المبكر الفعال الذي يتعامل مع الأصم منذ ولادته ليسهل تعلمه ودمجه في المجتمع .
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
جعفر خضر
فيس بوك
تويتر
انستقرام
يوتيوب
بنتيريست