لا زال الشعب السوداني عاطفياً، وهو شعب غريب جداً، إذ أنه لا يعرف أين يقف. فهو يكره السنحة العربية والافريقية سوياً، فالعرب حلب والسود عبيد أما السنحة التي لا هي هنا ولا هي هناك فهي أسمر جميل. ورغم ذلك فرح الشعب بأوباما عندما تم وضعه على قمة العالم. لقد تم اختيار أوباما من صناع القرار الأمريكي، فلقد رأوا أنه الأصلح لمحو قليل من الفوضى التي أحدثها جورج بوش الابن في الدول العربية والإسلامية خاصة العراق والصومال. وكان يجب إفهام العالم بأن أمريكا لا تستهدف لا الإسلام ولا العرب ولا السود، وهكذا تم اختيار أوباما، فكان أول مهمة نفذها هو الذهاب لمصر ومخاطبة العالم الإسلامي. أما ماذا فعل بعد ذلك؟ في الحقيقة..لا شيء. لتجميل صورة أمريكا المشوهة تم صناعة اوباما كير، وبعد أن صدق العالم هذه الخدعة قام ترامب بتصحيح الأوضاع وألغى القانون. وهكذا يكون أوباما قد خرج كما دخل البيت الأبيض. إذ تم وضعه كأيقونة ثم نزعوه ليضحى أضعف رئيس أمريكي مر على البلاد. قبل أسبوعين ضحكت جداً عندما قام بعد اللاعبين بنشر شائعة بأن عبد العزيز الحلو سيكون بديلاً لحمدوك. وقد ضحكت؛ ليس لأن هذه الوهمة مستحيلة الحدوث وإنما لأن البعض صدقها. فأدركت أن الشعب لا يزال تائهاً ولم يفهم نفسه أبداً. فالسودان ليس أمريكا. أمريكا تستطيع أن تأتي بحمار ليكون رئيساً، وهذا الحمار لن يستطيع فعل شيء، لأن هناك نظام system قوي لا يمكن لأوباما أو غيره التمرد عليه. أما السودان فهو بلد الفوضى، وفي بلاد الفوضى فإن القوى المتصارعة لا تغامر بالمجازفات لتجميل وجهها. لا يمكن بأي حال أن يقبل الشمال بعبد العزيز الحلو، لأنه ليس عربياً (بمعايير الشماليين)، بل ولا حتى بغير عبد العزيز ولو كان ممن يسمونهم (عبد شايقية أو عبيد الدناقلة ...الخ)، ولا حتى حلبي، فكما قلت في البداية لابد أن يكون متمتعاً بالمعيار الشمالي standard scale. أي به سمرة، فاللون الأبيض مرفوض واللون الأسود كذلك مرفوض..طوال التاريخ الحديث ما بعد الاستقلال، ظلت هذه المعايير قائمة، وظل أمثال الحلو ينالون (في أفضل الأوضاع) منصب نائب رئيس، أو وزير أو والي، أما رئيس وزراء فهذا ورب الكعبة لن يحدث أبداً ولو انطبقت السموات على الأرض. أي مواطن يعرف هذا، بما فيهم أنا وعبد العزيز الحلو نفسه، والمتسول وبائعة الكسرة...فالمعيار ثابت (أسمر جميل عاجبني لونو..كحل سواد الليل عينو) وانظر لهذا التمييز بين السمرة والسواد..وهو تمييز متعسف جداً إرضاء لوهم يعشعش في الأدمغة الخاوية على عروشها. يمكن للحلو أو مناوي أو عبد الواحد أن يحلموا كثيراً ولكن ليس في وضع الفوضى الراهن..وضع اللا سيستم..وهذا ليس غريباً ولا شيئاً شاذا ينفرد به الشعب السوداني، فكل شعوب الأرض فيها مثل ذلك التخلف البشري...غير أن البعض من هذه الشعوب خلق سيستم لضمان مصالح فئة معينة، ويستطيع هذا السيستم حماية هذه الفئة من أي شذوذ مفاجئ..
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة