(غزارة في الإنتاج وسوء في التوزيع) عبارة شهيرة للكاتب الأيرلندي الشهير برنارد شو، قالها في وصفه للرأسمالية الغربية، عندما سأله احدهم عن غزارة شعر لحيته ورأسه الأصلع، رد عليه بان حاله مماثل لوضع الرأسمالية، وذلك في وفرة الإنتاج وعدم العدالة في توزيعه.
مشكتنا دائما مع الافندية الذين يمسكون بزمام الأمور، هؤلاء لا يحسّون بمعاناة الغالبية الغلابة، مصطلح "التوزيع" (distribution) مصطلح مهم في الاقتصاد، مشكلتنا دائما في هذا "التوزيع"، مواطن لديه لمبة واحدة ومروحة وتلفزيون، فهو لا يستهلك خمسة كيلوواط في اليوم، يعني في كل الشهر هو لا يستهلك المائتي كيلو المدعومة.
كيف تمنع عن شخص خمسة كيلو واط في اليوم لكي تعطيها لاخر يشغل بها مكيف ساعة او نصف ساعة؟؟!!! والمكيف ربما تجده يعمل في غرفة خالية من الناس لمعظم الوقت، هذا ليس عدل، بل هو ظلم، بل هذا هو ظلم الحسن والحسين، ثم ان اصحاب التكييف المركزي من اهل الفلل والعمارات لا يتأثرون اصلا بأي انقطاع، بعضهم لديه مولدات ضخمة جدا - اظنها لا توجد حتي في المانيا وهي تعمل (اوتوماتيك) عندما تقطع الكهرباء، المهم كلهم يبتصرّفوا.
منذ عدة سنوات تطبق هيئة الكهرباء سياسة التعرفة حسب حجم الاستهلاك، يعني تزيد التعرفة كلما زاد الاستهلاك، لكن هذا لم يمنع البعض من ترشيد استهلاكهم، لان هناك من هو مستعد لشراء الكيلو ولو بمليون جنيه، وهم يتعاملون مع الكهرباء بتبذير شديد، والله احيانا تكون سائر في الطريق فتري كشافات مضيئة في اثناء النهار، وما في زول جايب ليها خبر، والله كان ليك مراد تفكّها بحجر وطبعا ما خُفي بالداخل اعظم طبعا لانو ما عندهم مشكلة في الدفع، هؤلاء لا بد من ان تمارس معهم سياسة اخري.
في موضوع الخبز مثلا هناك مشكلة الحصر، فانت لا تعرف (من) يأخذ (كم) ولكن بالنسبة للكهرباء الموضوع في غاية السهولة، فانت يمكن ان تحدد سقف اعلي لللاستهلاك الشهري لكل عداد، تقنية عداد الكهرباء تجعل هذا متاحا، يعني المسألة كلها مسألة برمجة، مثل برمجة رسوم العداد الشهرية، واقساط العداد للموصلين الجدد، ومتي ينزل الدعم ومتي ينتهي، وهذه مسألة سهلة في برمجة الحاسوب - علي ما اظن، وهي لا تحتاج لمهندس الماني او هندي! مهندس كمبيوتر خريج الخرطوم ممكن يعمل الكلام ده، يعني ممكن يبرمجو لكل عداد 500 كيلو كحد اقصي في الشهر، او قل الف كيلو - عديل وطبعا هذا كله مؤقت، اي فقط في الشهور التي تقل فيها الكهرباء.
هناك بنايات في وسط الخرطوم تستهلك الواحدة منها ما تستهلكه مدينة كبيرة، هذا قرأته من قبل في الصحف، كان ما اخاف الكذب.. البناية اظنها مجمع واحة الخرطوم - ميدان الامم المتحدة، والمدينة تقريبا ود مدني- وهي مدينة كبيرة جدا. يعني طابق واحد من تلك البناية الحكاية ممكن يشغل الثورة وامبدة والحلفايا، لا تقل لي المكيفات، معظم المكيفات في هذه الاحياء هي مكيفات مياه، اي نفس استهلاك المروحة، وهذا لانهم يخشون من صرف الكهرباء، مش مسألة ترشيد - لأ .. هم يخافون من الفاتورة، والدليل علي هذا ان مكيفات المياه محلية الصنع صارت قريبة من سعر الانواع الاخري.
موضوع العدالة في التوزيع مهم جدا - والله كنا نأمل من حكومة الثورة ان تطبق نوع من العدالة. ولكن يا للأسف!!!!
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
محمد سمنّور
فيس بوك
تويتر
انستقرام
يوتيوب
بنتيريست