دخل صلاح قوش على المعتقلين قبل الاعتصام، كان جهاز الأمن قد عامل المعتقلين معاملة خاصة جداً. أخبرني الثوار بأنهم تلقوا طعاماً مكوناً من الفواكه (برتقال، تفاح، ..الخ).. لا بل عصائر. في أوسخ معتقلات الأمن المعروف، دخل صلاح قوش على الشباب المعتقل، ثم نظر إليهم وقال: - لو عايزين تسقطوا النظام ..ماعندكم غير القيادة..ثم غمز لهم بعينه العوراء وضحك ضحكته الكديسية وغادر. بعد أسبوع فقط...أخرج تجمع الوهميين منشوراً يطالب الثوار بالتوجه للقيادة. أتذكر تماماً أن التوجه نحو القيادة كان يوم السبت، ولقد تساءل الكثيرون، لماذا يوم السبت وهو يوم إجازة، وبالتالي فكل من يعبر من الكباري سيكون من المعروف أنه متوجه للقيادة. العلاقة بين قوش وتجمع الوهميين ليست خفية على الثوار، كنت أخبرهم بأن هذا الجسد الوهمي الذي تتم قيادته من أمريكا عبر وسيطهم المعروف، امتداد طبيعي لأولاد قوش، لكنهم قالوا بأنهم بعد إسقاط النظام سيستطيعون إسقاط كل خائن للثورة. وكنت أعرف أن هذا وهم.. الكثير من الناس اتصلوا بي واخبروني بأنني أهدر نضالي التاريخي ضد الكيزان..لكنني لم أعبأ بذلك...فأنا لم أناضل ضد الصف الأول من الكيزان ليحكمني الصف الثالث من الكيزان..من ابناء قوش الذين كانوا يعملون في الأمن الإيجابي.. لن أنخرط في المسرحية التي انخرط فيها الجميع وكل واحد يحمل داخل جمجمته أحلاماً بالمنصب كما يحملها الآن كل من يبلبصون للعسكر ولحميدتي. هذا الغائط، يخوض فيه أصحاب الآمال القزمة..والطموحات السفيهة..ولست منهم.. وبدأت مراقبة هذا التجمع.. أبطاله هم أبطال اليوم الواحد.. الأصم..لم نقرأ له يوماً مجرد تغريدة ضد الكيزان وهم في السلطة. خالد سلك.. وجدي ..حمدوك...الخ..كلهم كانوا أبطال خلقهم قوش في ساعة واحدة.. وتعمد قوش ألا يأتي بأي من المناضلين من أصحاب التاريخ المعروف من الشباب، أمثال البوشي والضي بشارة وذو النون...الخ... جاء بشخصيات باهتة جداً، بلا تاريخ، وتفعل ما تؤمر..بصمت وبسرية كاملة.. تم تشكيل تجمع الوهميين هذا بحيث تمتع بميزانية ضخمة، تم توجيهها كلها للتلميع الإعلامي، وضرب كل صوت يعلوا فوق صوته. والغريب أن اول الأصوات التي حاولت الفلفصة من سيطرة هذا التجمع على الخاضعين تحت جناحه كان الدقير.. الدقير اعترض مجرد اعتراضات بسيطة.. فجأة.. تم توجيه الجداد الالكتروني لتجمع الوهمين كله ضد الدقير..وتم تذكيره بماضي شقيقيه الكوزين.. تعرض الدقير لهجمة اسفيرية أربكته تماماً...فامتثل وقدم فروض الولاء والطاعة.. بعده حاول ياسر عرمان أن يخط له منهج مختلف باعتباره جزءا من مجموعة الصادق مناوي عقار الخاضعة لتجمع الوهميين..فما الذي حدث.. تفاجأ عرمان بجداد تجمع الوهميين الالكتروني كله يكاكي ضده...خاف عرمان (ولبد).. ابنة الصادق المهدي.. حميدتي... الخ.. كان كل من يفتح فمه يتم ردمه وإلقامه عشرات الصخور والحجارة.. وكان آخرهم نبيل أديب.. نبيل أديب رأى كيف انحرفت الثورة بطريقة ستفضي ليس فقط لعودة الكيزان، بل لمنح العسكر اليد الطولى والقوية في المستقبل عندما يتم ترسيخ حماية الكثير من (الرأسماليين) على حساب (رأسماليين آخرين).. وكان واضحاً أن بصمات أصابع قوش وطه عثمان ومن ورائهم الإمارات الدحلانية أضحت أكثر وضوحا من ذي قبل داخل تكوين النظام الجديد.. إذ تتبع الإمارات سياسة (جوع كلبك يتبعك) ، ومن ورائها دول أخرى ترى أن دعم النظام دعماً نهائياً قد يفضي لاستقلاله وخروجه عن السيطرة. لكن دعوني أتذكر حالة غريبة تدعم تحليلي هذا، ففي لحظة عمياء في وعي الشاب الأصم، يبدو أنه قد هبش قوش فصرح في تغريدة صغيرة بأن قوش لا علاقة له بالثورة. وفجأة... انقلب جداد تجمع الوهميين كله ضد الأصم.. لقد ردموه حتى أنه صمت صمت القبور.. أما قوش فقد ألجم الأصم حينما صرح تصريحاً صغيراً جداً وقاتلاً وهو يقول: - الأصم لا يعرف شيئا عن الثورة فقد كان (معتقلاً عندا) طوال أشهر الثورة. هذا التصريح القوشي الخطير كان يبطن هبشة واضحة فهو يعني: ( انت بطل اليوم الواحد..خلقناك فلا تفرفر ولا تحاول اللعب بذيلك). ومنذ ذلك الوقت...أبعد الأصم نفسه عن سيرة قوش واستراح.. كان كل يوم يثبت لي أن الثورة أكلت بنيها لحماً ورمتهم عظماً... نبيل أديب الذي تولى لجنة التحقيق الوهمية الخاصة بمقتل المعتصمين، هو نفسه يعلم أنه لن يستطيع فعل شيء.. لماذا؟ سأخبركم يا سادة عن حقيقة قانونية واضحة.. إن الجاني الحقيقي ليس هو من يمسك بندقية ويطلق الرصاص..إن الجاني الحقيقي هو من يأمر بإطلاق الرصاص... ولذلك فالمحكمة الجنائية الدولية تريد محاكمة البشير عن جرائم حرب، وليس الجنود الذين قاموا بتلك الجرائم.. هذا هو الإتجاه الحديث للعدالة الجنائية criminal justice، ولذلك.. السؤال ليس من أطلق الرصاص على المتظاهرين، وإنما السؤال الصحيح هو: من أمر بإطلاق الرصاص على المتظاهرين؟ لا أنا ولا نبيل أديب ولا الشعب كله سيستطيعون الإشارة بمجرد أصبع واحد نحو المجرم الحقيقي... وكلنا يعلم ذلك.. أنا أعلم أنه لن يتم الكشف عن من أصدروا تلك الأوامر.. نبيل أديب يعلم... حمدوك يعلم... الأصم يعلم.. وزير العدل يعلم.. النائب العام يعلم.. وأنتم يا من تقرأون هذا الكلام الممل تعلمون أيضا.. تعلمون أن دماء هؤلاء القتلى راحت هدراً.. وهي لم تضع هدراً فقط لأنه لن تحصل محاسبات حقيقية.. بل أيضا لأن موتهم لم يفضِ لدولة الحرية والعدالة والمساواة... بل من جداد الكيزان لجداد تجمع أولاد قوش وتحت حماية العسكر.... خسارة كبرى... ولكن السبب ليس الإمارات ولا تجمع الوهميين.. انما السبب هو الشعب نفسه.. ظل الشعب هذا يلهث وراء مهدي منتظر..يخرجه من بؤسه، وهو لا يعلم أن المهديين المنتظرين كلهم كذبة.. بدءاً من محمد أحمد المهدي مروراً بالهندي والميرغني والترابي وانتهاء بتجمع الوهميين...ولكن الشعب ظل يهلل ويكبر ويصرخ ويبكي كلما ظهر له مهدي...حتى عبد الناصر خرجت له جماهير الشعب وهتفت له، فعاد وسرق منهم حلفا القديمة.. اللهم لا تبتلينا بالبلادة في عقولنا وأخرجنا من هذا المرحاض .. قادر يا كريم...
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
أمل الكردفاني
فيس بوك
تويتر
انستقرام
يوتيوب
بنتيريست