منذ أكثر من ثلاثين سنة لأول مرة يتذوق المواطن السوداني طعم الشفافية ويتلمس قيمتها الأخلاقية والمعنوية ويتفاعل معها مبدءاً مصيرياً يجوِد آداء المسئول ويحفظ للناس حقهم في الحصول على المعلومة وتحديد مواقفهم منها، وذلك قد تجسد في تعامل وزارة الصحة القومية مع حالة المواطن الذي تُوفِيَ يوم الخميس 12 مارس الماضي بسبب إصابته بفيروس كرورنا والذي تمثل في تمليك المواطن المعلومات كاملة غير منقوصة ولا محرفة وفي إتخاذ التدابير والقرارات اللازمة لمنعه من الإنتشار إضافة إلى تثقيف المواطن على أدوات الوقاية والسلامة وطريقة إستخدامهما. صحيح أن المواطن قد تلقى نبأ ظهور حالة إصابة بالكورونا بشى من الذهول والإضطراب لأنه لم يتعود على الشفافية إلا إنه بذات القدر من الشفافية قد تلقى تثقيفاً صحياً كافياً إذا عمل به قد تقيه شر كورونا، حيث ظل نظام الإنقاذ يخفي عنه أخطر المعلومات وفي أفضل الحالات كان يعدلها ويجملها ويقدمها له على طبقٍ من التضليل والتحريف في غياب شبه تام للمصادر البديلة للمعلومات، وذلك كان يمنح كامل القرصة للوباء ليتغلغل في أوساط المواطنين الذين يجهلون ثقافة التعامل معه ويتسبب في قتل عدد كبير منهم إضافة إلى شل حركة الإنتاج وإضعاف الإقتصاد، ولكن كل تلك التدابير والإجراءات بما فيها قرار حظر التجوال رغم أهميتها ستظل عقيمة وغير فعالة إذا لم تعالج السلطات أزمة المواصلات والخبز فالإزدحام والحشود والصراعات والمدافرات التي نشهدها يومياً في مواقف المواصلات وأمام المخابز أضف إليهما صفوف أنابيب غاز الطهي هي وحدها كفيلة بنشر هذا الفيروس في كل أرجاء السودان في غضون أسبوع واحد، ولمحاسن الصدف يتحدث بعض العلماء عن محدودية نشاط وفعالية هذا الفيروس في مناخ السودان ودول أخرى وما يعزز هذا الحديث هو أن كل الحالات الثماني الموجبة ماعدا واحدة قادمة من الدول الموبوئة وحتى الواحدة كان سببها المخالطة، وإذا كانت جمهورية جنوب السودان الشقيقة التي لم تشهد حالة واحدة قد إتخذت تدابير وإجراءات حاسمة تمثلت في إغلاق المطار والمعابر الحدودية وقفل الأسواق وتقليل عدد الركاب في المركبات بواقع أقل من نصف السعة لكل مركبة لمنع دخول ذلك الفيروس إلى أراضيها أضف إلى أنها لم تشهد أزمة خبز ولا أزمة مواصلات، إذن ماذا نفعل نحن كي نرتقي إلى مستوى التحدى؟؟؟ السؤال متروك للقارئ مع طرح بعض الخيارات والأسئلة. 1/ هل يمكن إغلاق المخابز وتوزيع الدقيق للمواطنين مباشرة؟. 2/ بعد جمع التبرعات وتحديد الأسر المكتفية، هل تستطيع الحكومة توفير وتوزيع مواد تموينية بكميات تكفي لمدة ثلاثة أسابيع لكل أسرة في ولاية الخرطوم على أن يلزم كل المواطنين بيوتهم في هذه المدة؟ 3/ هل تستطيع الحكومة منح كل أسرة تسكن ولاية الخرطوم مبلغ 6300جنيه سوداني بواقع 300ج لليوم الواحد على أن تشتري إحتياجاتها التي قد تكفيها لثلاثة أسابيع وتلتزم بالعزل الوقائي؟، 4/ هل تم إغلاق كل المطارات والمنافذ الحدودية إغلاقاً تاماً حتى لا تدخل إلى أراضي السودان مزيداً من الحالات الموجبة. حفظ الله السودانيين جميعا ومتعهم بالصحة والعافية تحياتي د. محمد مصطفى محمد فضل [email protected]
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة