القلد، والسالف ،والوادياب ،والواجاب، والدورأريت (الأوزيرية )..وغيرها ..من أعراف تراثية. هي أعراف بجاوية تم توارثها من قبل الأسلاف جيلا بعد جيل .لتحكم وتحفظ العلائق بين مكونات البجا، وكذلك القبائل التي ساكنتهم. ولتحافظ على السلم الأهلي وتوقف القتال، ولتحدد حجم الأضرار والتعويضات ومن ثم القصاص على حسب الجرم صغيرا كان أم كبيرا. وقبائل البجا والقبائل والمكونات التي ساكنتها على مر العصور، كانت تحترم هذه الأعراف لأنها أثبتت فعاليتها في حفظ السلم منذ أقدم العصور. وكل من لا يحترم هذه الأعراف المسالمة والراقية، وثم يتعمد خرقها ظلما وعدوانا ..يعتبر مارقا ومنبوذا من كل مكونات الشرق، خاصة لو قام بمواصلة خرق الهدنة( القلد). هذه الهدنة التي يسعى من خلالها لإيقاف الاقتتال لتحديد المعتدي، ومن ثم تحديد الجزاء الواقع عليه، إذا كان قصاصا أو فدية . أو تسليمه للسلطات. وهنالك لجنة غالبا تتكون من قبلية بجاوية إسمها( البوي كناب) ومعنى إسمهم بلغة البجا البجاويت ( البداويت) أصحاب الدم. ومصطلح أصحاب الدم يعني الذين يقيمون الجروح عند إعتداء طرف على آخر، فلكل جرح عقاب يناسبه( سواء أن كان قتلا أو جرحا بسيطا أو كبير )، وثم تعتمد المحكمة الأهلية شهادة البوي كناب (خبراء قصاص الجروح)، وبالتالي تحدد المحكمة القصاص المناسب على حسب ما توصلوا إليه .
وهذا المقال ليس سوى نبذة مختصرة عن الأعراف التي حفظت السلم بين القبائل لآلاف السنين في شرق السودان. وأنهت حروبا ونزاعات لا تحصى. ومن لا يحترم هذه العادات بالتأكيد ليس بجاويا أومساكنا تاريخيا للبجا...
* القلد اليوم : كثر الحديث في السنوات الأخيرة على وسائل الإعلام عن عرف ( القلد ) وما هيته، ولماذا تمسك به (المجلس الأعلى البجا) رجالا ونساء..وطالبوا السلطات بإلحاح بحتمية تطبيقه بهذه الصورة التي رآها البعض عنادا أعمى ؟ حسنا . سأوضح الأمر باختصار حسب إستطاعتي: القلد : هو عهد يوقع ويتفق عليه بين طرفين متنازعين ، بواسطة القيادات الأهلية. وهو يعتبر هدنة، لمعالجة أسباب النزاع وإعطاء كل زي حق حقه . لضمان عدك تجدد النزاع والصراع ..أو الإدعاءات.
الوادياب: هو موعد أو زمن سريان القلد، والذي له أجل محدود لفض النزاع . وهذا الموعد المتفق عليه لطالما كان مقدسا عبر ألاف السنين . ولا يتجاهل هذا العهد إلا جاهل بأعراف البجا . وخرق القلد، وإهمال مواعيده المتفق عليها . يعني الحرب (وهو الخطأ الذي وقع فيه بعض السياسيين وذوي السلطات ولا زالوا لم يتعظوا )..
السالف: يعني مصطلح السالف، السوابق بين القبائل في التعامل أو الشؤون المتعارف عليها في التعامل بين القبائل. وهنالك سالف عام يحكم كل قبائل البجا والقبائل المتساكنة معهم. وسالف آخر محدود بحدود تاريخ التعامل بين قبيلتين أو أكثر من قبائل البجا أو المتساكنة معهم في أرضهم بعقد عرفي، يضمن السلام، والمساكنة والاشتراك في الموارد . ... الباحثة: آمنة أحمد مختار إيرا Wednesday, 13 Nov 2024
11-15-2024, 08:03 AM
أبوذر بابكر أبوذر بابكر
تاريخ التسجيل: 07-15-2005
مجموع المشاركات: 8795
أحييك على تناولك ومباحثك الغنية والثرة في وعن وحول البجا، تاريخا وتراثا وثقافة، في الماضي والحاضر وأنا من متابعي كتاباتك وطرحك الغني، وأتمنى الكتابة وتناول المزيد عن تاريخ البجا تحديدا، بكل ما فيه، فأنا من عشاق قراءة التاريخ والحضارات، ولا أظن أن هناك من يستطيع أن يكتب ويتناول ويبذل لنا تاريخ البجا، أكثر منك أتمنى المزيد مما تجودين به علينا.
وأجدد التقدير والتحية لك
بالمناسبة، إسم آمنة من أكثر الأسماء البحبها لأسباب كتيرة عشان كدا سميت بنتي "آمنة"
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة