أصحاب المناصب الدستورية وانصار نظام الانقاذ وكبار المسؤولين فيه الذين أثروا ثراءً فاحشاَ بعد استيلاء الانقاذ على مقاليد السلطة ينبغي أن يحاكموا وفقاً لقانون الثراء الحرام والمشبوه فيما اكتسبوه من أموال مشبوهة بعد تقلدهم المناصب هم وازواجهم وعائلاتهم، ومن غير المناسب ان يطبق اي قانون آخر غيره. فقد نص القانون المشار اليه على المصادرة والسجن والغرامة. ووفقاً لمبدأ فصل السلطات doctrine of separation of powers فالجهة الوحيدة المختصة بالفصل في المنازعات وإنزال العقوبات هي المحاكم ولا ينعقد الاختصاص لاى جهة سواها فيما ذكر. فكان ينبغي تحريك الاجراءات الجنائية من نيابة الثراء الحرام والمشبوه وما كان ينبغي أن يلتفت الى قانون تفكيك النظام الذي هو معني بالأساس، أو هكذا ينبغي أن يكون، بحرمان انصار النظام السابق من ممارسة العمل السياسي في هذه المرحلة ذات الظروف المقدرة. ومهما كان من أمر قانون تفكيك نظام الانقاذ فلا ينبغي ان يحل محل قانون الثراء الحرام والمشبوه فيما يتعلق بإنزال عقوبة المصادرة أو الاسترداد والذي لا يعدو ان يكون عقوبة بالمصادرة لان العبرة بالمعاني وليست بالألفاظ والمباني. ومما ينبغي الاشارة اليه هو انه في تطبيق قانون الثراء الحرام والمشبوه ينقلب افتراض البراءة الوارد في القاعدة القانونية (المتهم بريء حتى تثبت ادانته). ويصبح الافتراض presumption هو أن المتهم ( في جرائم الثراء الحرام) مذنب الى أن يثبت هو براءته وعليه هو يقع عبء اثبات البراءة. وهو عين ما ترمي اليه القاعدة الأصولية (من أين لك هذا). فساد النظام السابق أخذ الكافة علماً به، ولعله كاد أن تأخذ به المحاكم فيما يدخل في اطار علمها القضائي العام judicial notice . لذلك فالسبيل الوحيد والاجراء السليم هو تحريك اجراءات جنائية في مواجهتهم ويقع عليهم هم عبء اثبات اكتساب هذه الثروات الطائلة على وجه مشروع ،وهو عبء جد عسير، وذلك كله في محاكمة علنية عادلة وناجزة تتاح لهم فيها كل وسائل الدفاع. فاذا ثبت الثراء الحرام فالمحكمة لها سلطة المصادرة كعقوبة كما تصدر بشأنهم عقوبة السجن الذي لا يتجاوز العشر سنوات والغرامة التي تصل الى ضعف قيمة ما أثروا به وفقأ لنصوص القانون المشار اليه. اما مفردات كاسترداد واسترجاع فهذه تعبيرات عامة وأوصاف غير واردة في القانون وأقرب ما تكون لأخذ القانون باليد وتنصيب الشخص ليكون خصماً وحكماً في قضيته وفي ذلك تقول القاعدة القانونية اللاتينية Nemo judex in causa sua والتي تعني أن الشخص لا يجوز أن يكون خصماً وحكماً في قضيته.
كما أن القانون لا ينشأ من الظلم وفي ذلك تقول القاعدة القانونية اللاتينية Ex injuria jus non oritur مهما كانت المظالم التي ارتكبها أنصار النظام السابق فينبغي أن لا تحول دون التطبيق الصحيح للقانون بعدالة وليس بانفعال.يقول أرسطو: The law is reason free from passion مما يمكن ترجمته الى إن القانون هو العقل المجرد من العاطفة.
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة