حين دعمنا الثورة منذ كانت فكرة وليدة لم يكن ذلك بغرض أن تأتي مجموعة تمارس ذات تضليل الكيزان، بل فعلنا ذلك من أجل أن يحدث تغيير حقيقي في البلد تكون نهايته تنمية وأمن ورخاء. لكن المؤسف أننا شعب يهنأ كثيراً بالتخدير ويضلل نفسه بنفسه عبر إيجاد المبررات الواهية. فقد بدا على سبيل المثال أن تحقيق العدالة من رابع المستحيلات في وجود وثيقة دستورية فتحت العديد من الثغرات بفعل فاعل. لكن كان بيننا دائماً من يكثرون من التنظير ويحدثون الناس عن ديمومة الفعل الثوري، مع أن هذه من الأبجديات. لكن ظل السؤال الذي حاولنا الهروب منه دائماً هو: كيف لك أن تحقق عدالة في وجود رئيسة قضاء جاءت بأمر وموافقة المجرمين الذين قتلوا المعتصمين!! حتى النائب العام الذي تعشم فيه الكثيرون خيراً لم يقدم شيئاً ملموساً فيما يتصل بتقديم المجرمين الفعليين للمحاكمات، أو على الأقل ضمان بقائهم تحت الحجز. وها نحن بعد هذه الأشهر الطويلة نسمع منه ما لا يسر. فقد نُقل عنه قوله أن رئيس مجلس السيادة الفريق البرهان أمر بإطلاق سراح الفاسد التركي أوكتار وحرم (الساقط) وداد. كما انتشرت أنباء عن فتح بلاغ ضد ناقل حديث النائب العام، عضو لجنة التفكيك صلاح مناع. . لا نستبعد اطلاقاً تدخل البرهان أو غيره من أعضاء الشق العسكري بالحكومة من أجل تخليص مجرم أو التغطية على فساد آخر.
. فقد شارك هؤلاء جميعاً بشكل أو بآخر في أبشع جريمة يشهدها السودان.
. كما ساهموا بشكل فاعل في افساح المجال للكثير من أعمال التخريب التي استهدفت الثورة على الدوام. . ولن نغفل اصرارهم على استئثار المؤسسة العسكرية بالحصة الأكبر من ثروات وموارد البلد، بالرغم من الحديث الممجوج والحجج الواهية لوزيرة مالية حكومة الثورة التي تبدو دعامية أكثر من الدعامة أنفسهم. . وإن صحت رواية صلاح مناع أم لم تصح فلابد أن نسأل سيادة النائب (قاعد لشنو انت طيب) في منصبك طالما أن الأشهر تمضي ولا جديد قد تحقق فيما يتعلق بمحاسبة المجرمين والمفسدين والقتلة!! القصة شوية ديكور هنا وهناك ولا شنو يعني!! سئمنا الحديث المكرور ومللنا سماع الوعود والتبشير بالعدالة والقصاص لشهدائنا الأبرار.
. ثورة ديسمبر العظيمة تُسرق ( بالقطاعي) أمام أعيننا ونحن وما زلنا نتلذذ بالتخدير ونتعشم في بعض من خانوا هذا الشعب (عسكريين ومدنيين).
. لن يتحقق شيء مما يصبو له شرفاء هذا البلد بمزيد من الصبر كما نتوهم . فالصبر في مثل هذا الوضع يتيح للأوغاد المزيد من الوقت والفرص لإكمال مخططاتهم القذرة.
. وسيأتي يوم نندم فيه أشد الندم مثلما ندمنا على صبرنا على حكومة المفسدين تجار الدين لثلاثين عاماً كاملة.
. وكما دشنت تلك عهدها بكذبة " اذهب للقصر رئيساً وسأذهب للسجن حبيساً" ، فقد استهلت حكومة الثورة فترتها بعدد من الأكاذيب، أهمها وأكبرها الوثيقة الدستورية التي تعمدت بعض قوى الثورة خروجها معيبة حتى تعين المجرمين في الافلات من العقاب.
. وبعد اطلاق هذه الكذبة الكبيرة استحلى القوم التخدير ودغدغة العواطف فراحوا يقدمون الوعود الزائفة بانصلاح الوضع الاقتصادي بمجرد أن ينفتح بلدنا على العالم الخارجي ويطبع مع إسرائيل ويقدم التنازلات بدفع التعويضات.
. وللأسف الشديد صدقت غالبيتنا الوعود السراب، ليتفاجأوا بالحقيقة المفجعة ويتضح لهم أنه مع كل فتح خارجي مزعوم ازداد الضيق داخلياً وفقدت عملتنا قيمتها تماماً وانعدم الدواء والغذاء والكساء.
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة