كل الدلائل على الساحة السودانية الآن لا تبشر بخير ، هذا إذا لم أقل أنها تشير بوضوح على نوع ٍ خبيث ٍ وجديد من التمكين الاخطبوطي الذي يحمل عدة رؤوس ويجر خلفه العديد من الأذناب ، وبما أن الفترة الإنتقالية لن تكون ثلاث سنوات ولا خمس ولا عشرة بل فترة انتقالية مفتوحة على مصراعيها وستُمارس فيها كل قذارة سياسية حتى يتغلب طرف على الآخر أو يأتي صاحب الضربة القاضية التي تطيح بالجميع ويتربع على عرش التمكين ، الذي لن يكون كما أسست الإنقاذ ومؤتمرها المسمى بالوطني هذا الأدب السياسي الوقح والرديء في السودان مستخدمة الدين في أبشع صورة لتحقيق أهدافها الدنيئة ، كلا فالجشع قد ازداد والاطراف الغليظة الأكباد والمتضادة الممتلئة غيظاً وحنقاً قد كثرت وتشعبت وتفرعت وتكاثرت ، فالقوات المسلحة تريد أن تتمكن وتقصي الجميع إلا من الموالين لها ولسان حالها يقول لا بديل للقوات المسلحة إلا القوات المسلحة ولكن الدعم السريع وقف لها بالمرصاد وأصبح شوكة حوت من الصعب ابتلاعها أو إزاحتها وهو يريد إذابة مفاصل الجيش وتقطيع أوصاله ليصبح هو المتمكن الأكبر في الساحة ولا ننسى أيضاً ثلة حمدوك وشلته للتمكين الناعم باسم المدنية ومقارعتة للجميع بهذه الورقة ( الشارع ) ولا ننسى أيضاً الإدارة الأهلية التي يبدو أن لعبة السياسة هذه قد استهوتها بما وجدته من أموال وسيارات مظللة رباعية الدفع ورغد العيش بصفة عامة وصدقت أن لها دوراً حقيقياً لحل مشكلة السودان مع أنها مجرد ورقة خاسرة لإعاقة الشباب عن القيام بدوره المفترض ، وهناك ايضاً الصغار أو الأقل سطوة الذين يتطلعون إلى التمكين الأصغر في مناطقهم فلعبة الخرطوم لا تناسب الكثيرين منهم ومجال المناورة فيها محدود ، وحتى الآن استطاع واحد منهم أن ينفرد باقليم دارفور وآخر وضع أصابعه على كاودا وثالث لم تتضح الرؤية حوله بعد ورابع نسج خيوطه حول رئيس الوزراء وخامس وسادس وسابع وكلهم لا يهمهم شيء سوى التمكين . تمكين للمناطقية أو القبيلة أو العشيرة أو العرق وحتى النسوية إلى تمكين الأسر والبيوت في الوظائف ، فهناك أسر سيطرت على بنك الخرطوم وأسر تمكنت من وزارة الخارجية وأخرى سيطرت على قطاع الطيران وثالثة فرضت سيطرتها على وزارة الثروة الحيوانية وغيرها تمددت في الجمارك وكذلك الاستيراد والتصدير وقطاع التعدين وبعض الأسر اكتفى بالسيطرة على السوق الموازي للعملات وغير ذلك مما لا عين رأت ولا خطر على قلب سوداني . هذا النوع الجديد من التمكين سيخلق اوضاعاً مأساوية تفكك الدولة كلها بعد أن تزرع فيها الاحقاد الطبقية والكراهية وعمى القلوب. الفوارق الطبقية التي يشهدها السودان تزيح قليلاً جداً من حقيقة الوضع ، فالفرق بين الغنى الفاحش والفقر المدقع يدخل الرعب في النفوس إذ ليس هناك تدرج كما في الماضي طبقة فقيرة فمتوسطة وغنية ، سيكون الوضع طبيعي إن ازداد البعض غنى ( أي طبقة رابعة أكثر ثراء ) مع وجود الطبقة الفقيرة والمتوسطة مع التحسن الدائم لمستوى مؤشر الفقر ولكن أن تزول طبقة كاملة من سلم التدرج التنموي البشري فمؤشر كارثي ووضع مقلوب ويجب تداركه عاجلاً فالكل خاسر بهذا الوضع المشوه الذي خلفته الإنقاذ.
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة