العلوم الإنسانية ومشكلة انعدام المحك العملي.. بقلم:د.أمل الكردفاني

مرحبا Guest
اخر زيارك لك: 05-04-2024, 11:40 PM الصفحة الرئيسية

منتديات سودانيزاونلاين    مكتبة الفساد    ابحث    اخبار و بيانات    مواضيع توثيقية    منبر الشعبية    اراء حرة و مقالات    مدخل أرشيف اراء حرة و مقالات   
News and Press Releases    اتصل بنا    Articles and Views    English Forum    ناس الزقازيق   
اراء حرة و مقالات
نسخة قابلة للطباعة من الموضوع   ارسل الموضوع لصديق   اقرا المشاركات فى شكل سلسلة « | »
اقرا احدث مداخلة فى هذا الموضوع »
08-02-2021, 05:11 AM

أمل الكردفاني
<aأمل الكردفاني
تاريخ التسجيل: 10-26-2013
مجموع المشاركات: 2506

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
العلوم الإنسانية ومشكلة انعدام المحك العملي.. بقلم:د.أمل الكردفاني

    04:11 AM August, 02 2021

    سودانيز اون لاين
    أمل الكردفاني-القاهرة-مصر
    مكتبتى
    رابط مختصر




    هناك مُسلمات في المنهج العلمي، مثل مبدأ التعميم في الاستقراء، ودراسات الظواهر عبر البيانات الإحصائية وتنميطي patterning المعطيات، تمهيداً لبناء شبكة من الروابط التفاعلية أو السببية. هنا تبدو أهمية القواسم المشتركة في الحوار العلمي بين المتحاورين، لأنه يختصر مسافات من الشروح (في حالة الحوار المنتج)، والمغالطات (في حالة الحوار السفسطائي). لذلك فإن حوار سقراط مع أمثاله من الفلاسفة يحقق نتائج ذات فائدة، فسقراط ينتصر في حواراته لأنه يتحاور مع مشتركين معه في المسلمات أو الأرضية العلمية، أما حوار سقراط مع جاهل؛ سيؤدي إلى هزيمة سقراط لا محالة.
    أتذكر -على سبيل المثال- أنني كنت اتحدث مع طبيب كنا نستأجر شقته، ولتداعٍ حواري ما، تحدثت عن كونه دائناً، فاعترض قائلاً بأن الدائن هو فقط من يستلف (يقترض) المال، أما هو فمؤجر وليس مُقرض. طبعاً هذا كلام ينم عن جهله بالقانون، فمفهوم الدائن هو كل من له إلتزام مالي على ذمة آخر، أياً كان مصدر هذا الإلتزام (إجار، بيع، قرض،..الخ).
    هنا لا توجد قواسم علمية مشتركة بيننا. ومن المؤكد أنني أيضاً جاهل بالطب، لكن الفرق هو أنني لن أغالطه في علمه. فهناك معرفة عامة يتشاركها الجميع، مثل معرفتنا بأعراض الأمراض، وهناك معرفة متخصصة، فمفهوم الزكام عند العوام هو سيلان الأنف والعطس والاحتقان، وهو مفهوم لأعراض المرض، أما الطبيب فمعرفته اكثر دقة من ذلك.
    في العلوم الطبيعية كالهندسة والطب، هناك محكات، تمنع استرسال الفهم الخاطئ من قبل المتحاورين غير المتشاركين في السقف العلمي. فإذا كان هناك شخص لا علاقة له بالميكانيكا، يصر على مغالطة مهندس ميكانيكي، فإن تعطل السيارة أو الماكينة محك عملي، يوقف من لا علاقة له بذلك العلم عند حده، بمجرد أن نطلب منه إصلاح تلك الماكينة أو السيارة. إذ لن تفيده مغالطاته تلك. أما في العلوم الإنسانية فمن الصعب أن يكون هناك محكاً عملياً، يوضع فيه المُغالط موضع الإختبار المادي. لذلك فسقراط لن يملك أهم أدوات أبقراط عندما يتجادل مع العوام.
    بسبب عدم وجود ذلك المحك العلمي، سنرى توسعاً كبيراً في الإدعاء المعرفي في حقول علمية إنسانية كثيرة، مثل السياسة، والثقافة، والإجتماع. فأغلب البشر -وخاصة في الدول العربية- يعتبرون أنفسهم محللين سياسيين. إذ لا يوجد محك عملي يضعهم عند حدهم. وبالتالي فالحوار بينهم يبدو عقيماً، يعتمد على التعنت.
    على سبيل المثال، سنجد أن احد علماء الإجرام يتحدث عن توجهات الأحداث إلى الجريمة في المدن، فيغالطه أحدهم قائلاً: ليس كلهم.
    بالطبع ليس كلهم، ولكن هذا المعترض، لا علم له بمسألة التعميم في العلوم الإجتماعية، والتي تتأسس على تعميم النتائج التحليلية للبيانات، دون أن يمثل ذلك أي خلل منهجي عندما يتعلق الأمر بدراسة الظواهر. لقد تعرض المنهج الإستقرائي للطعن فيه من هذا المدخل الجهول. ولكن الفرق بين التعميم في العلوم الإنسانية والتعميم في العلوم الطبيعية هو وجود المحك العملي الذي يمنع الطعن في هذا الأخير. فمثلاً تعريف الماء بأنه H2O هو تعريف تعميمي، إذ أننا لم نفحص كل ذرات الماء في البحار والمحيطات والآبار. لكن العلماء أخذوا عينة من الماء وفحصوا ذراتها ثم توصلوا إلى النتيجة وعمموها بعد ذلك. المحك العملي هنا هو أن نطلب من المغالط تحليل كل ذرات الماء، وهذا مستحيل بالطبع ولذلك سيتوقف عن المغالطة. أما عندما يقول عالم العلوم الإنسانية بأن المجتمعات الرأسمالية مجتمعات أكثر عنفاً من المجتمعات الإشتراكية، فإن أحد الجهلاء يمكن أن يرفع صوته معترضاً بأن ابن عم خالته رأسمالي ولكنه طيب وغير عنيف. هنا لا يوجد محك عملي في النتائج التعميمية للظواهر الإنسانية، وهذا ما يدق خازوقاً في موثوقية تلك النتائج التعميمية، لذلك تتوالى الدراسات، مستخدمة بيانات أكثر عدداً وأدق مضموناً، لبناء شبكة علاقات تفاعلية وسببية.
    نعم، سنجد اشخاصاً يدافعون عن ياسر عرمان باعتباره مستشاراً سياسياً ويغالطون حتى علماء السياسة في ذلك، كما غالطني الطبيب عن معنى الدائن والمدين، ولكن المشكلة لا تكمن فقط في جهل هؤلاء، إنما تكمن في تلك العلوم الإنسانية التي لا تملك محكاً عملياً حقيقياً مما يجعلها مشاعاً لكل من هب ودب.























                  


[رد على الموضوع] صفحة 1 „‰ 1:   <<  1  >>




احدث عناوين سودانيز اون لاين الان
اراء حرة و مقالات
Latest Posts in English Forum
Articles and Views
اخر المواضيع فى المنبر العام
News and Press Releases
اخبار و بيانات



فيس بوك تويتر انستقرام يوتيوب بنتيريست
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
About Us
Contact Us
About Sudanese Online
اخبار و بيانات
اراء حرة و مقالات
صور سودانيزاونلاين
فيديوهات سودانيزاونلاين
ويكيبيديا سودانيز اون لاين
منتديات سودانيزاونلاين
News and Press Releases
Articles and Views
SudaneseOnline Images
Sudanese Online Videos
Sudanese Online Wikipedia
Sudanese Online Forums
If you're looking to submit News,Video,a Press Release or or Article please feel free to send it to [email protected]

© 2014 SudaneseOnline.com

Software Version 1.3.0 © 2N-com.de