العبور- قصة بقلم:د.أمل الكردفاني

مرحبا Guest
اخر زيارك لك: 05-13-2024, 00:27 AM الصفحة الرئيسية

منتديات سودانيزاونلاين    مكتبة الفساد    ابحث    اخبار و بيانات    مواضيع توثيقية    منبر الشعبية    اراء حرة و مقالات    مدخل أرشيف اراء حرة و مقالات   
News and Press Releases    اتصل بنا    Articles and Views    English Forum    ناس الزقازيق   
اراء حرة و مقالات
نسخة قابلة للطباعة من الموضوع   ارسل الموضوع لصديق   اقرا المشاركات فى شكل سلسلة « | »
اقرا احدث مداخلة فى هذا الموضوع »
03-09-2021, 01:46 PM

أمل الكردفاني
<aأمل الكردفاني
تاريخ التسجيل: 10-26-2013
مجموع المشاركات: 2508

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
العبور- قصة بقلم:د.أمل الكردفاني

    12:46 PM March, 09 2021

    سودانيز اون لاين
    أمل الكردفاني-القاهرة-مصر
    مكتبتى
    رابط مختصر





    ها هو منتصف الظهيرة، في قلب الصحراء الأفريقية حول النيل، قبل السافنا الفقيرة، حيث هربت الوحوش من شدة العطش إلى الجنوب. يرفع أكتومو رأسه نحو الشمس ويغطي عينيه بكفه ذات الأصابع النحيلة القاسية. على يده اليسرى حربة رقيقة حادة الطرف، ويشم رهاب الصهد الحارق عبر منخرين واسعين..
    كان النهر قد بات ممراً جافاً، لا يعبره أحد..والجدب ينزح نحو الجنوب..هنا حيث لا أحد يدون تاريخ الأمس ولا اليوم.. وحيث فقدت القبيلة روح القتال..لم يبق من يحمل حربة سوى أكتومو..المحارب الذي لم يقتل حشرة من قبل..أغلب نساء القبيلة توفين اثناء الولادة وما تبقى منهن بعد الولادة ببضعة أسابيع أو أشهر..والطفل نفسه لم يكن يكمل ساعة بعد خروجه من كهفه البشري..لم يكن من أحد يعلم ما حدث للأرض..لقد حدث شيء رهيب.. حدث لم يفهمه أكتومو ولا قبيلته حتى الآن... جفت كل الاغصان ثم احترقت وانهالت على الكثبان.. وغطى التراب السماء لثلاثة أشهر بلونه الأحمر الداكن..وتبخر النهر بأكمله..فرقصت الاسماك فوق الطين ثم همدت..ثم تحللت بشكوها وغابت في العدم..القبائل التي كانت تحاذي السافنا، توغلت في العمق، لكنها كانت تفاجأ بانهيار البيئة الغابية..عم الجوع والموت والمرض كل أرض الشمس التي لا تغيب..يحمل اكتومو حربته ويشق هياكل الاشجار الميتة بحذر، إذ يتربص الجميع بالجميع ليأكلون بعضهم ويشربون الدماء البشرية..فيؤجل ذلك هلاكهم لبضعة أيام أخرى..قتل اوكتومو أحد مهاجميه ثم بقر بطنه وأكل أحشاءه قبل أن يمص ما تخثر من دماء حول العضلات وداخل الأوردة والشرايين، ثم قطعه لقطع، خاطها في خيط واحد ليعلقها بين الأغصان المتيبسة..هذه وجبة ستكفيه ثمانية أيام..بعض الحشرات كانت بطونها تحتوي على القليل من الماء، فجمعها ومنحها قطعة لحم حتى تمتص ما تبقى من دماء وتخزنها ليوم الحاجة. انقشع التراب من السماء، فأدرك اكتومو أن الشمس سترسل نيران الموت الزاحفة بعدها مباشرة..فنزل إلى الحفرة..كان قد حفر حفرة أسطوانية وفي قعرها حفر نفقاً جانبياً، لقد ألهمته الآلهة هذه الفكرة..ففعلها بجسد متعب.. وحين أغمض عينيه مترقباً للنيران الزاحفة سمع صوتها يعبر فوق رأسه كأمواج البحر..ورأى باطن الحفرة على يساره وهو يلتهب..لقد أصبحت الأرض جحيماً لا يطاق.. هذه الزخات تتكرر كل بضعة أسابيع مما عرقل الزحف البشري الهارب كثيراً، ويبدو آن الآلهة قد ألهمت الكثيرين بما ألهمت به أكتومو...
    ما الحل؟
    لم يكن هنالك من جواب..
    عجز أكتومو وغيره عن الإجابة، فليس بالإمكان مواجهة الطبيعة حين تغضب، لكنهم إتفقوا على ألا يأكلوا بعضهم بعد اليوم..
    كانت الشائعات قد انتشرت حول نجاة منطقة مرتفعة في الجنوب من غضبة الطبيعة، وأن النازحين الذين بلغوها قد أضحوا في أمان بل رغد من العيش...وهكذا نشط اكتومو وتقدم الحشود التي خلفه لأشهر، لكنه وقف على حافة جرف هائل والحشود من خلفه يتأملون صحراء ملح بلا نهاية على مد البصر.. كان ذلك موتاً محققاً.. غير أن أكتومو لم يجد بداً من الهروب من الموت إلا بمواجهة مخاطر النجاة منه... فأسرع خطاه وتبعه عدد قليل..مضت ستة أشهر منذ السير فوق صحراء الملح، والتي رأى فيها اكتومو لأول مرة جثث أسماكٍ هائلة الحجم، منحتهم بعض الطعام والحماية من النيران الزاحفة، فاستمروا في سيرهم. ونتيجة الصمت الطويل، جفت أوتارهم الصوتية فأصبحو يهمهمون...مروا بجبال شاهقة... وحفر عميقة مظلمة فاستداروا حولها.. ثم المزيد والمزيد من صحاري الملح..وأخيراً -بعد قرابة سنتين- رأوا صحراءً رملية... ثم بضعة أشجار بدأت أوراقها تخضر...نبضت قلوبهم فحثوا خطاهم للأمام.. كانوا يرون بعض الطمي المتحجر يترامي على مساحة واسعة، ثم أخذ يتجمع في ممر أضيق..ومن على البعد رأوا بعض الطمي اللين، ثم اعشاب خضراء قليلة تنمو من بين فجواته...وأخيراً بعض الشجيرات الخضراء والماء ينساب بخفة في مجراه... لم تعنهم حناجرهم على الصراخ فرحاً لكن أوكتومو لاحظ أن هذا المجرى النهري.. كان هو نفسه مجرى النيل الذي تركه قبل أكثر من عامين ...فضاقت عيناه..ثم بكى بنحيب واهن..

    (تمت)























                  


[رد على الموضوع] صفحة 1 „‰ 1:   <<  1  >>




احدث عناوين سودانيز اون لاين الان
اراء حرة و مقالات
Latest Posts in English Forum
Articles and Views
اخر المواضيع فى المنبر العام
News and Press Releases
اخبار و بيانات



فيس بوك تويتر انستقرام يوتيوب بنتيريست
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
About Us
Contact Us
About Sudanese Online
اخبار و بيانات
اراء حرة و مقالات
صور سودانيزاونلاين
فيديوهات سودانيزاونلاين
ويكيبيديا سودانيز اون لاين
منتديات سودانيزاونلاين
News and Press Releases
Articles and Views
SudaneseOnline Images
Sudanese Online Videos
Sudanese Online Wikipedia
Sudanese Online Forums
If you're looking to submit News,Video,a Press Release or or Article please feel free to send it to [email protected]

© 2014 SudaneseOnline.com

Software Version 1.3.0 © 2N-com.de