الرجل الخامل - قصة بقلم:د.أمل الكردفاني

كتب الكاتب الفاتح جبرا المتوفرة بمعرض الدوحة
مرحبا Guest
اخر زيارك لك: 05-10-2024, 04:44 AM الصفحة الرئيسية

منتديات سودانيزاونلاين    مكتبة الفساد    ابحث    اخبار و بيانات    مواضيع توثيقية    منبر الشعبية    اراء حرة و مقالات    مدخل أرشيف اراء حرة و مقالات   
News and Press Releases    اتصل بنا    Articles and Views    English Forum    ناس الزقازيق   
اراء حرة و مقالات
نسخة قابلة للطباعة من الموضوع   ارسل الموضوع لصديق   اقرا المشاركات فى شكل سلسلة « | »
اقرا احدث مداخلة فى هذا الموضوع »
08-16-2020, 05:04 AM

أمل الكردفاني
<aأمل الكردفاني
تاريخ التسجيل: 10-26-2013
مجموع المشاركات: 2507

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
الرجل الخامل - قصة بقلم:د.أمل الكردفاني

    05:04 AM August, 15 2020

    سودانيز اون لاين
    أمل الكردفاني-القاهرة-مصر
    مكتبتى
    رابط مختصر




    "حشاش بدقينتو"..
    قالت ميمونة وهي تضحك ساخرة من هجو الراقد تحت ظل النيمة، والذي كظم غيظه وقال:
    - إمشي يا امرأة وإلا جلدتك..
    وميمونة هي ابنة أخيه من أمه، والتي لم ترث مال والدها عندما مات، هي كباقي النسوة، يجب أن تبقى في المنزل تحت إنفاق أعمامها -من زراعة الحواشة- عليها. لذلك فهي ناقمة على جميع أعمامها لأنها أُخرجت من المدرسة مبكراً بعد وفاة والدها. غير أن هجو لم يكن من الذين تدخلوا في مصيرها، وذلك ببساطة، لأن السيد هجو إنسان خامل. لا يهش ولا ينش، بل ولا يعمل..هو مثلها تماماً. ولسبب مجهول جمعت كل كرهها لأعمامها في شخصية هجو فباتت تنغص عليه سكنته بالمطاعنات الكلامية المستمرة. "هجو الخملة" ، "شوفلك شيتن أعملو متل الرجال"، " حشاش بدقينتو" أي الشخص الذي يعِد نفسه كل ليلة بحصد زراعته غدا مشيرا بلحيته إلى حدود الأرض " من هنا لحدوووت هناك"، ثم يستيقظ في الصباح وينسى وعده.
    غير ان هجو لا يعِد نفسه بشيء، لا بلحيته ولا بغيرها، إنه ينام تحت ظل النيمة ويتفكر في قضايا مختلفة، مثل: لماذا لا يبيض الدجاج البطري إن لم يُعلَّف بعلفه الخاص به خلافاً للدجاج البلدي؟ وكيف اخترع الإنسان عجينة شراب "الحلو مر"؟ ثم يعزف تفكيره على تنويعات أخرى لا رابط بينها، كالله وخميرة الخبز..الخ. ينادي أثناء ذلك على صبية: "جيبي شاي".. فهو يكوِّم أكواب الشاي والقهوة تحت سريره الخشبي المجدول بحبال التيل القوية.
    تعبر ميمونة من خلفه وتنغصه بكلمتين لاذعتين، فيتجاهلها أو يسبها: امشي يا سيقان النعجة"..، فتضحك هي بحنق وتغادر.
    وأحياناً يشعر بضرورة التخلي عن سريره، فينهض ويذهب إلى الحواشات، فيقتلع بعض الخضروات ويأكلها بما علق عليها من طين وأسمدة. ثم يجلس على طرف الترعة متأملاً السماء فيمضي ساعتين أو ثلاث قبل أن يقفل راجعاً إلى سريره تحت النيمة..
    ولم يختلف يومه ذاك عن باقي أيامه كثيراً، أيامه التي لا يفكر فيها أبداً، فبعد أن احتسى القهوة، فرك كفيه الكبيرتين، ونهض مغادراً إلى الحواشات.
    كانت الظهيرة تنفح ببعض النسيم الناشز بين فينة وأخرى. وحقول الموز تترامى متمددة بلا نهاية، فغاص في عمقها، ومضى لا يلوي على شيء. ولكنه انتبه لآهات متقطعة، فتوقف قليلاً وحبس أنفاسه. ثم حرك قدميه بحذر كفهد بري، وهناك ألفى ميمونة والرجل عاريين.
    - مع عبد يا ميمونة..مع عبد..
    صاح فصرخت، وقفز الرجل من صدرها وفر تاركاً خلفه صدريته ، ولباسه السفلي منسدل تحت ساقيه ، معرقلاً هرولته المذعورة.
    تلقت ميمونة لطمات وركلات هجو وهي تتضرع طالبة الستر. وفي محاولة أخيرة ويائسة منها، قبضت على رقبته بذراعيها وضمته إلى صدرها بأنفاس متلاحقة، فارتعش جسد هجو...وأظلم عقله...
    عادت هي بخطوات غير متزنة، وهي تحاول تخفيف ملامح الفزع في وجهها.
    في العصر يهبط منحنى الحرارة، وتسري برودة خفيفة في عظام هجو، فينفض رأسه ليتجاوز ذهوله، ثم يجمع ملابسه المتناثرة، عائداً لشجرة النيم.
    انقضى عهد الصراع بينه وبين ميمونة، لقد تحول إلى عشق حرام. لكنه ظل مكتوما للأبد، أذ أن ميمونة كانت عاطلة عن الإنجاب. كل ما حدث أن روتين هجو قد تغير قليلاً، فبعد العودة من الحواشات، يتجه إلى سوق الكرور، حيث يبيع المسحوقون ممن يوصفون بالعبيد سلعاً بخسة، كمسحوق الويكة والشطة، ومكسرات الدوم، والحلبة، والثوم وخلافه...هناك يبحث هجو عن ذلك الشاب، بحثاً دؤوباً، فلا يجد له أثراً، فيقفل عائداً، ويمر ببعض رجال القرية فيصيح:
    - أعملو حسابكم من هؤلاء العبيد..إنهم خطرون...
    ثم يسرد قصصاً تحفز روح العنصرية فيهم، حتى تسود وجوههم..، فيغادر هجو، وعقله مشغول بالشاب. ثم حين يلتقي بميمونة، يسألها عن اسم الشاب، فتصمت..يلطمها فتصر على الصمت وهي تبكي.
    طلب منها يوماً ألا تأتي في الغد إلى الحواشات. فاستجابت، ثم علمت السبب بعد ذلك، إذ التهمت نيران عظيمة جانباً كبيراً من الزرع.
    كانت خسارة بالملايين لأهالي القرية، فأكد لهم هجو أنه رأى أحد العبيد يحرق الزرع ثم يفر، ولتأكيد زعمه أخرج صدرية زرقاء وقال:
    - شمو..رائحة العبيد.. لقد سقطت منه أثناء فراره..
    وراقبت ميمونة حشود الرجال وهي تحمل مشاعل النار وتتجه إلى سوق العبيد. كانت مجزرة هائلة. دكاكين القش والرواكيب احترقت، والجثث ترامت في كل زاوية، بعض العبيد، فروا وعادوا بمدد من الرجال والسلاح وخلفهم النساء والأطفال. كان الظلام قد غطى السماء، لكن النيران أضاءتها، وكان وجه هجو يلمع بضوء اللهب وعيناه مفتوحتان كعيني ذئب، كان يحوم داخل أزقة السوق، باحثاً عن الشاب. ولوهلة خيل إليه أنه رأى طرف جلباب الشاب. فحث خطاه، إلى أن سمع أصوات هرولة الشاب، دق قلب هجو وعض على أضراسه، ولاحق الشاب في الخلاء الشاسع...كان الشاب يعرج، فلم يلبث أن بلغه هجو وسدد إلى صدره طعنات متفرقة، ولم يتوقف عن الطعن حتى تأكد من لفظ الفتى لأنفاسه.
    في صباح اليوم التالي، ظل هجو راقداً تحت شجرة النيم، وقد عاد للتفكير في مسائل لا رابط بينها. غير أن حبل أفكاره انقطع حين أحس بعيني ميمونة تنظر له من بعيد. التفت إليها فأشارت إليه بنظرات متسائلة. هز رأسه نفياً وهمس: "ليس هذه الأيام..". فغطت فمها بثوبها وغادرت بصمت.
    عاد هو للرقود ثم صاح:
    " الشاي يا بت"..

    (تمت)..























                  


[رد على الموضوع] صفحة 1 „‰ 1:   <<  1  >>




احدث عناوين سودانيز اون لاين الان
اراء حرة و مقالات
Latest Posts in English Forum
Articles and Views
اخر المواضيع فى المنبر العام
News and Press Releases
اخبار و بيانات



فيس بوك تويتر انستقرام يوتيوب بنتيريست
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
About Us
Contact Us
About Sudanese Online
اخبار و بيانات
اراء حرة و مقالات
صور سودانيزاونلاين
فيديوهات سودانيزاونلاين
ويكيبيديا سودانيز اون لاين
منتديات سودانيزاونلاين
News and Press Releases
Articles and Views
SudaneseOnline Images
Sudanese Online Videos
Sudanese Online Wikipedia
Sudanese Online Forums
If you're looking to submit News,Video,a Press Release or or Article please feel free to send it to [email protected]

© 2014 SudaneseOnline.com

Software Version 1.3.0 © 2N-com.de