أن تمر مرور الكرام على الأشياء و أنت تقع في فئة أهل الثقافة و الفكر ، فذاك معناه ضعف الفاعلية و التأثير ؛ فهذه الفئة منوط بها صياغة الحاضر ، و رسم ملامح المستقبل لمجتمعاتها ، و صون الأخلاق بحفظ القيم ، فلا بد لفئة أهل الثقافة و الفكر من حضور متزن يمكنهم من إنجاز مهامهم الثقيلة في مجتمعاتهم .. فمنذ فترة المراحل التعليمية الأولى ، إسترعى إنتباهي مقولة : الحياة مدرسة . فكنت أحس في قرارة نفسي ، بأن شيئاً ما غير مكتمل في هذه المقولة ، و بعد مرور بضع سنوات ، وجدت أن هذه المقولة معممة تعميماً ضارا ، لأن الحقيقة تثبت بأن المستفيدين من مدرسة الحياة ليس كل البشر الموجودين على قيد الحياة ، إنما جزء يسير من هذه الفئة ؛ ذلك الجزء الذي يأخذ العبرة من أحداثها ؛ فأضفت قيدا لهذه المقولة لتكون أكثر دقة فصارت : ( الحياة مدرسة لمن يعتبر ) . اليوم نناقش مقولة : ( الخير يعم و الشر يخص ) .. هذه المقولة أيضًا تحتاج إلى وقفة تأمل ، فهي تظهر و تنتشر في بعض المناسبات الاجتماعية ، كالنجاح المهني و الأعراس ، ففي مناسبات النجاح المختلفة ، فإن حلوى النجاح تصل العديد من أفراد المجتمع ، بينما حلوى الرسوب لا تصل ! و قس مثل ذلك في مناسبات الأعراس! فلعل ذلك هو السبب و الباعث للمقولة.. و لكن في إعتقادي ، أن هذه المقولة لا تمثل الحقيقة بكل الوجوه ؛ فالطبيب إذا نجح في عمله أفاد المجتمع بصورة مباشرة في شكل المعافاة ، و إستفاد هو من ناحية العائد المادي ؛ فالخير هنا يعم المجتمع و يخص الطبيب ، و الراسب مهنياً بسبب فشل المجتمع في توفير سبل كسب العيش الكريم له يتحول إلى مجرم ، فهب أنه نجح في سرقة البنك المركزي ، فأثر جرمه سيعم المجتمع و يخص الراسب مهنياً عقوبة إذا تم القبض عليه ؛ و هكذا نجد أن الصحيح أن نقول : ( الخير يعم و يخص و الشر كذلك) .. إن المرحلة الحرجة التي تمر بها الأمة السودانية تقتقضي مراجعة المفاهيم و التي تكرس أحيانا لمواقف لا تتوافق مع الحقائق على الأرض ؛ لأن الموقف الرمادي للهوية الوطنية هي من أهم أسباب خوض الحرب الحالية .
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة