حتى وقت قريب كانت إضافة ميزة "مُكيَّفة" في أي إعلان عن فصول لمدارس أو معاهد أو باصَّات لسفريَّات أو غرف و صالات لفنادق هو "الدَمغة" بالتميّز و ضمان لنجاحه الإعلان! *
اليوم السودان "يَعبُر" أهم مرحلة في تاريخه بل حياته؛ فالدولة قابعة اليوم فوق "بركان" من القوى "القبَليَّة" المُتخاصِمَة المُتشاكسة "المُسلَّحة"! و الخطر ما كان أبداً لتُمثِّلُه تلك الحركات على السودان بقدر أن الخطر تجسَّدَ في "ضعف" مجالس السيادة الحاكمة لنا و تهاونها في قضايا مصيريَّة و شبه إنعدام "البصيرة" قبل الحكمة فيها! و التخبُّط في اتخاذ القرار و عدم الإتعاظ أو حتى التعلَّم مما حدث و يحدث فينا و من حولنا! الكارثة بدأت بتجريد قوَّات الشعب المُسلَّحة في عهد النظام الساقط من تميُّزها في قوَّتها و "خلط" الصالح في الطالح فيها و محاولات "مسخها" و تحويرِّها و "تنظيمها" بأسلمتها لننتهي بتكوين قوَّات طفيليّة موازية لها عندما شك البشير في نفسه و من هم حوله فأعاد "تكرير" مليشياته بيديه و إختصَّها لنفسه و أكسبها الشرعيَّة و ملَّكها مالم يك مُلكاً له! و ها نحن الشعب و الجيش مازلنا ندفع ثمن تجلِّيات عمر و رفاق عمر إلى اليوم! الأمر قد يتكرر في أي لحظة و من أكثر من حركة و مليشيَّا مسلَّحة أكسبتها حكومة الفترة الإنتقاليَّة شرعيات البقاء مُستقلَّة مُسلَّحة! المُصيبة ستعُمُّ السودان كله؛ أما إيجاز الحديث عن "العاصمة" و الخطر المحدق بها و فيها من تواجد القوات فيها بأسلحتها و عتادها فهو نظرة "غيورة" قاصرة أو من الخوف ظالمة ضعيفة! فالسودان أكبر من عاصمته و أمن أهله كلهم و سلامتهم هو أمانة في عنق كل من في السلطة اليوم. *
نضرب المثال: طوال سنوات"حضانة" أمريكا لحكومة أفغانستان و إرضاعها لها علَّها -الحكومة الأفغانيَّة- في غمرة "الترطيبة" و تكييف المكاتب و الوزارات "راح" منها موضوع الطالبان! حتى الأمريكان يبدو أنهم في غمرة إنتقامهم لأحداث سبتمبر مع القاعدة و تعاقب الرؤساء عليهم "طارت" من بالهم الحركة! لكن الحركة كانت حاضرة بين الجبال قريبة من الجميع هناك و تحت سمعهم و بصرهم و حوارهم و في "قطر". و الغريب أن طالبان "تسلمت" البلد لتبدأ الحديث عن كيفية الحكم الرشيد و إعادة الإعمار و تبدأ الدولية -إسطوانتها المشروخة- من أحاديث معوناتها الإنسانيَّة و كيفيّة إيصالها لمحتاجيها و تنوح امريكا و الغرب معها في طريقة إجلاء رعاياهم و تُسمعنا الصين و الروس الفتاوي عن حكم العلاقات معها و كأن البلد كانت في "الطراوة" قبلها!! اليوم العالم يتابع بشغف حكومة الطالبان المقبلة و كان ما حصل من حروب قبلها مُجرَّد "تحمِيَة"! *
نعود إلى السودان؛ فكلام أن الإنتخابات في موعدها جميل لكن "السر" هو في من تبقى من الشعب عنده "نفس" أو حتى حيل في التصويت و الإختيار و الإنتظار؟! فالأحزاب و القوى و الوجوه المنتشرة "المُعتَّقة" بيننا هي نفسها و نعرفها و نخبرها و "جربناها" مراراً و ذقناه الويل و "المرَّ" معها و بسببها! فلا جديد تقدمه لنا إلا إن كان الهدف هو فقط "تجربة المُجرَّب" و إثبات أو إعادة التأكد من وزن و ثقل كل منها في الشارع! يبقى أن "الحركات المسلَّحة" - و الدعم السريع في الواقع هو مثلها- هي "الوجه الجديد" القادم في ساحة السياسة السودانيَّة، و المتوقع أنَّها تدرس جيداً كيفيّة المشاركة في الإنتخابات لكسب قواعد جديدة "حقيقيّة" لها بين الشعب غير قاعدتها "القبليَّة" و أسلوبها كمليشيَّات مُسلَّحة. فأي شعارات و رايات سترفعها بيننا تلك الحركات لكسب الود لها فالثقة بها؟! لم نتعرَّض للعسكر لأن القاعدة أن الجيش لا يدخل إنتخابات و لا يترشح أفراده ما دامو في الخدمة و لا علاقة له بشغل السياسة -دا كلامهم-!! لكن ما نعرفه أن الدعم السريع جزء من الجيش -و إن لم يتم دمجه فيه يعني جزء أصيل بالإحساس بس- كذلك حركات الكفاح المسلح حسب اتفاقيتها مع العسكر في السلطة فهم أيضاً سيتم دمجهم فيه -الجيش- و دا برضو كلامهم.
إذا الإستنتاج "المُفترض" أنهم -الدعم و الحركات- و بإعتبارهم من الجيش -الإفتراضي- إذا هم ينطبق عليهم ما ينطق عليه فلا "صلاحيَّة" لهم للمشاركة في الإنتخابات القادمة -و لا أي انتخابات- و الترشح لها و السباق إليها و فيها! فهل سترضى كل تلك الحركات و القوّات و المليشيّات المنتشرة في السودان كله بإنهاء "تاريخيها" بإتفاقيَّات "الدمج" كأفراد "فقط" خاضعين لقانون و حياة القوّات النظاميّة المسلَّحة؟! *
في التاريخ الحديث هناك أسئلة مازالت حائرة تبحث عن إجابة! و منها ما يعنينا نحن أن من الذي "يُخطِّط" لبعض أهم القيادات في المرحلة الإنتقاليَّة لسودان ما بعد الثورة؟ و هل ذاك الشخص أو "القوى" سوداني أم عربي أم عبري أم أجنبي؟! و ما الهدف الغاية المُخطَّط لمصير السودان الشعب فالدولة؟ *
ختامَاً مع كثرة المجالس و تنوع "اللجان" في سودان ما بعد الثورة و استمرار تدهور الوضع المعيشي و الإقتصادي و الصحي و الأمني لن نستغرب أن يأتي وقت تُعلن لنا فيه الحكومة أنَّها "مُكيَّفة"!
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة