الباطن- قصة بقلم :د.أمل الكردفاني

مرحبا Guest
اخر زيارك لك: 05-05-2024, 11:52 AM الصفحة الرئيسية

منتديات سودانيزاونلاين    مكتبة الفساد    ابحث    اخبار و بيانات    مواضيع توثيقية    منبر الشعبية    اراء حرة و مقالات    مدخل أرشيف اراء حرة و مقالات   
News and Press Releases    اتصل بنا    Articles and Views    English Forum    ناس الزقازيق   
اراء حرة و مقالات
نسخة قابلة للطباعة من الموضوع   ارسل الموضوع لصديق   اقرا المشاركات فى شكل سلسلة « | »
اقرا احدث مداخلة فى هذا الموضوع »
03-24-2021, 02:03 AM

أمل الكردفاني
<aأمل الكردفاني
تاريخ التسجيل: 10-26-2013
مجموع المشاركات: 2506

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
الباطن- قصة بقلم :د.أمل الكردفاني

    02:03 AM March, 23 2021

    سودانيز اون لاين
    أمل الكردفاني-القاهرة-مصر
    مكتبتى
    رابط مختصر




    (ولدنا طيبين وتعلمنا الشر..
    ولدنا أوفياء وتعلمنا الخيانة
    ولدنا أبرياء وتعلمنا الخبث
    ولدنا....)..

    يغني الأطفال، وينظر لهم بعينين خائرتين من البعد..فتقول زوجته:
    - ما هذه المدرسة الغريبة..
    وتنظر إليه فتجده جالساً بصمت كعادته:
    - ألا تسمعني؟
    يلتفت إليها منتبهاً:
    - الا تهتم بمستقبل طفلنا؟
    فتجحظ عيناه:
    - أنا مهتم..
    فتمسح ظهره بيدها وتقول:
    - لكنك لم تعلق على ما يعلمونه لهم في هذه المدرسة الغريبة..
    قال برعب:
    - ماذا يعلمونهم؟
    قالت:
    - ألا تسمع هذه الأغنية..
    يدير راسه ويسمع الاطفال:
    "ولدنا شفوقين فعلمونا القسوة
    ولدنا أمينين فعلومنا السرقة..
    ولدنا..)...
    ثم عاد فنظر نحو زوجته مستفهماً، قالت ووجها الممتليء بالشحم يهتز:
    - ألا تسمع؟.. هل هذه أغنية يعلمونها للأطفال؟
    عاد ونظر نحو الأطفال فأضافت:
    - ألم تفهمها؟
    أغمض عينيه وهمس:
    - فهمتها..
    فقالت بإصرار:
    - ماذا تعني؟
    سها ببصره:
    - تعني...تعني...
    وحين فرغ صبره قال:
    - متى سينتهون؟ أشعر بتعب..
    أجابته:
    - لا زالت هناك ساعتان..
    قال وهو يعض بجفنيه:
    - سأذهب..أنا متعب..
    ثم نهض وصعد المصاطب المتدرجة خارجاً من الملعب، وهناك ركب سيارة نقل كبيرة.
    كان في نهار اليوم السابق قد نقل قرابة طن من الطوب والمونة أثناء عمله كبناء.. بعد أن انتهى سأله أحد العمال:
    - لماذا لم تضع المونة على الرافع الكهربائي؟
    فقال بدهشة:
    - هل هناك رافع؟
    أشار له زميله نحو الرافع..فلوى شفتيه وحصل على أجرته عائداً إلى المنزل.
    قال له المقاول:
    - لا تعد للعمل بعد اليوم..
    قالت له زوجته بأنه ربما اقترف خطأً ما، فأخبرها بقصة حمله للمونة بنفسه؛ لكنها قالت بأن ذلك أدعى أن يمنحوه ترقية..وسألته:
    - هل هناك ترقية في عملكم هذا؟
    فسها ببصره كما يفعل دائماً وقال:
    - لا أدري..
    قالت:
    - هل يحصل زملاؤك على نفس الأجر؟
    فسها ببصره وأجاب كالمعتاد:
    - لا أدري..
    في الليل عادت ومعها الطفل فوجدته نائماً، أتصلت بشقيقها:
    - يا أخي وشقيقي وحبيبي..
    - ماذا هناك..هل من خطب؟..
    قالت بهمس:
    - لا أعرف العلة ..ولكنني تاخرت كثيراً في طلب الاستشارة هذه من أحد..
    ثم انزوت في ركن وقالت:
    - مضت ثلاثة عشر عاماً على زواجنا.. أنت قد تعرف ذلك فأنت من قمت بكل متطلبات الزفاف..أما أنا فلا أعرف..ولكنه لا يلاحظ أي شيء في هذا العالم.. إنه لا يلاحظ حتى الفرق بين كوب الشاي والقهوة.. لا يلاحظ اختلاف الجُمل.. إنه ليس مختلاً عقلياً لكنه متبلد قليلاً.. لقد تحملت ذلك طيلة هذه السنوات ومستعدة لأن أتحمل كل سنوات عمري من أجله فأنا أحبه..ولكنني أود فقط أن اعرف ما طبيعة الخلل في عقله؟
    جاء صوت شقيقها:
    - لا يلاحظ شيئاً؟..
    - ولا شيء..ولا حتى الفرق بين النملة والثلاجة..
    - أتذكر أنه كان جارنا.. وحتى لا أكذب عليك، فهو لم يخطبك بل فعل أبي ذلك..كان يراه رجلاً هادئاً ورزيناً وشغيلاً بعضلات يده..
    - بالفعل هو كذلك.. جسده ما يزال يتمتع ببعض الصحة رغم أنه يقترب من الستين...لكن رزانته ليست رزانة في الحقيقة بل ضعفاً في القدرة على الملاحظة.. إنه لا يعرف إن كان ظالماً أم مظلوماً..لقد سرحوه من العمل اليوم وهو لم يسأل نفسه لماذا تم تسريحه..وطيلة سنوات عمره لم يسأل عما إذا كان يحصل على نفس أجرة زملائه.. البارحة منحوه مبلغاً أعلى بقليل من أجره المعتاد ولكنه لم يلاحظ هذا الفرق..
    - الا تتحدثان سوياً يا شقيقتي؟
    - نتحدث..
    - ماذا يقول؟
    - لا يقول شيئاً..لقد ظننت انني لم أمنحه فرصة الحديث لكنني فعلت ذات مرة فاكتشفت بالفعل أنني أنا من كان يتحدث فقط..إنه لا يضحك لأنه لا يملك قدرة اكتشاف المفارقات المضحكة.. أخشى أن يحمل طفلي الذي في بطني الآن هذا المرض..
    - لقد نجا ابنك الأول إذاً؟..
    - تعرف أنه قد نجا..
    - ربما يكون شخصاً غير اكتراثي..أو عدمياً..
    - لا أفهم لكنه لا يملك كتلة أفكار مثلك..إنه كالحمار يا شقيقي..يؤدي وظيفته كما يؤمر بها...لا أكثر ولا أقل..
    - ولذلك هو عامل جيد..
    - ربما..
    - هذا شيء محير.. نحن نحترمه لأنه يبدو وقوراً دائماً معنا..على أي حال فالعائلة في المقدمة..
    - نعم أنا متمسكة بعائلتي.. هل يمكنك أن تجد له عملاً؟..
    - لا أعرف.. لقد قال مالك المحل الذي أعمل فيه أنه بحاجة لعامل في مزرعته لنقل العلف من المخازن إلى الحظائر..
    - هذا ممتاز..تأكد ألا يمنح الفرصة لغير زوجي..
    - سأفعل..إلى اللقاء..
    وحين أطلت برأسها داخل الغرفة وجدته منكمشاً على جسده وجسده يتصبب عرقاً.. اقتربت منه ولاحظت انه نائم ولكنه يهذي أيضاً..وقفت قليلاً ثم مدت راحتها فوضعتها فوق جبينه وأحست بحرارة عالية..
    - إنه مريض..
    حاولت إيقاظه فارتعش جسده ونهض ليتقيأ ممسكاً بطنه..
    - زنجية..زنجية..
    كان يهمس..وعيناه زائغتان وقد فقد التركيز تماماً..
    - هل هي ملاريا؟..
    انتفض فجأة واتسعت عيناه ..
    - لا أستطيع التنفس..
    قال ذلك ببطء:
    - أشعر بالرعب...أنا خائف..
    احتضنته وهي تقول:
    - ما الذي يخيفك؟
    - لا أعرف...لا أعرف..
    في الصباح كانت كل نتائج فحوصاته سلبية، ثم أن طبيب امتياز همس لها:
    - إذهبي به لطبيب عصبي..
    ثم وصف لها عنوان طبيبة محددة ولما بلغاها أخبرتها بأن زوجها مصاب بانهيار عصبي..وكان ذلك خبراً صادماً..
    فنظرت إلى وجهه الشاحب وقالت بسخط:
    - من هي زنجية؟ اخبرني؟..
    رفع عينيه الخائرتين إلى وجهها..ثم عاد فطأطأ رأسه..
    نظرت إلى الأفق وقالت بصوت هامس:
    - يجب أن تنسى..حاول أن تنسى..إن الماضي لا يعود..
    فحدق في الأفق وسمع صوت غناء الأطفال:
    (ولدنا أوفياء وتعلمنا الخيانة..
    ولدنا أبرياء وتعلمنا الخبث..
    ولدنا محبين فتعلمنا الكره..
    ولدن...)...

    (تمت)























                  


[رد على الموضوع] صفحة 1 „‰ 1:   <<  1  >>




احدث عناوين سودانيز اون لاين الان
اراء حرة و مقالات
Latest Posts in English Forum
Articles and Views
اخر المواضيع فى المنبر العام
News and Press Releases
اخبار و بيانات



فيس بوك تويتر انستقرام يوتيوب بنتيريست
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
About Us
Contact Us
About Sudanese Online
اخبار و بيانات
اراء حرة و مقالات
صور سودانيزاونلاين
فيديوهات سودانيزاونلاين
ويكيبيديا سودانيز اون لاين
منتديات سودانيزاونلاين
News and Press Releases
Articles and Views
SudaneseOnline Images
Sudanese Online Videos
Sudanese Online Wikipedia
Sudanese Online Forums
If you're looking to submit News,Video,a Press Release or or Article please feel free to send it to [email protected]

© 2014 SudaneseOnline.com

Software Version 1.3.0 © 2N-com.de