قلنا ان الانقاذ كانت تدرك اهمية الاعلام، فوظفته توظيفا جيدا لتوطيد حكمها، وان احزاب التجمع فشلت في اتخاذ فضائية تفضح النظام، ولكن الانقاذ استهانت بالاعلام، وقال رئيسهم ان الكي بورد والواتساب لن يسقطهم، ولذلك بدأ هامش في الاعلام، في الصحف والجرائد، ولكن الاكثر تأثيرا كانت الفضائيات، وبدأت برامج (توك شو) في بعض القنوات الرسمية وشبه الرسمية والخاصة، واتاحت هذه البرامج للمواطنين الصحفيين توصيل صوتهم ومشاكلهم، والبرامج كانت ناجحة وعالية المشاهدة، والظاهر انها بدأت تحرج الحكومة احراجا شديدا، بعدها سمعنا عن جمع القنوات السودانية في باقة واحدة، لتعمل بتقنية اتش دي عبر قمر سنط سات، واعتقد ان هذه كانت محاولة لتشتيت تلك القنوات، لكن مقاطع من البرامج كانت تتداول عبر السوشل ميديا.
اظن ان الانقاذ لم تدرس ثورة 25 يناير في مصر جيدا، هم كانوا فاضين؟ لو قلت للناس من اشعل فتيل ثورة يناير؟ سيقال لك شباب زي الورد هم من هبوا ووقفوا ضد مبارك فاسقطوه، ولكن الحقيقة كانت غير ذلك، فمن الذي نشر الوعي بين اولئك الشباب؟ اعلام مبارك نفسه، فاعلام مبارك هو الذي لف الحبل حول رقبة النظام، خاصة الفضائيات وخاصة برامج التوك شو، ونجوم التوك شو معروفون في مصر اكثر من الممثلين، كان ذلك ضمن ما اتاحته حرية الاعلام، برامج التوك شو خلقت وعي عالي جدا لدي المواطن، وكانت تكشف كل مساوئ الحكم، وباختصار جعلت كل ما تفعله الحكومة مكشوفا للعيان، اليوم كثير من اولئك المذيعين نادمون، لأنهم يرون ان الرياح أتت بما لم تشته السفن، وهم ادركوا انهم ارتكبوا خطأ كبيرا، فبعضهم هب واقفا وبقوة ليصحح خطأه، والبعض الآخر انصرف لتقديم برامج اخري غير سياسية، مثل برامج الفن والمنوعات، فهم لم يتصوروا انهم نقضوا غزلهم بايدهم، فاصبح الواحد منهم مثل بطل المأساة في التراجيديا الاغريقية، مثل الملك أوديب الذي كانت نتيجة نضاله مأساوية، حيث انه دون ان يدري، اصبح ذات يوم فوجد انه قتل اباه وتزوج امه، او ان الواحد منهم اصبح مثل المتحول جنسيا، فينبذه الجنس المتحول اليه والمتحول عنه علي السواء.
نظام مبارك لم يكن كنظام البشير، الكل يعلم أن مبارك ساهم في تطوير بلاده، ولكن البشير حكم 30 سنة فعاد بنا 300 سنة الي الوراء، مذيعو الكيزان غيروا نبرتهم عندما جاءت ساعة الجد، اصبحوا يحذرون من مصير دول الربيع، وانه لا يمكن ان (تسقط بس) وان التغيير الذي يطالب به الناس يقود الي حرب اهلية، ولكن سقط النظام، ولم يحدث شئ من ذلك، وانا اخشي علي اؤلئك المذيعين، اخشي من أن يكونوا نادمين علي دورهم الوطني الذي قاموا به، واخشي انهم يظنون انفسهم قد (طبظوا) اعينهم بأيديهم!
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة