واخيراً اعلن الثوار عن حزبهم الوليد - الديسمبريون - تيمناً بثورة ديسمبر المجيدة، وهو ذات الحُلم الذي حَلم به احد الصحفيين الشهيرين (حركة لجان المقاومة)، وها قد قام اصحاب الحاجة الى حاجتهم، التروس والكنداكات والميارم والشفوت، ولا حل غير أن يقوم المطعون لينزع السهم من جسده ولا احد آخر بامكانه فعل ذلك غير هذا المطعون الجريح، لقد ادى هؤلاء المناضلون المواجهين لرصاص الغدر والخيانة بصدورهم العارية من كل شيء إلّا عشقهم الوحشي للوطن، فمنذ اكتوبر اربعة وستين وهم يهزمون الدكتاتوريات العسكرية بثوراتهم وانتفاضاتهم الشعبية، ولكن لديهم نقطة ضعف واحدة واهنة تسببت في انتكاساتهم المتتالية، الا وهي انزواءهم جانباً بعد حدوث التغيير، وتركهم المجال للديناصورات الهرمة لتعتلي المنصة متكأة عليهم مثل العصاة المعينة لصاحب الاعاقة المزمنة لتسلق الدرج، وهذه المرة سوف تسلم الجرة، وسوف يكون لهؤلاء الحالمين الواقعيين شأن عظيم لكسرهم للدورة الخبيثة لمسيرة حكم البلاد، بتأسيسهم لهذا الحزب الكامل الشامل لطيف الوطن العريض، وقطعهم للطريق الواصل للانتهازيين والمتكالبين بقصعة السلطة. على الديسمبريين الحذر كل الحذر من الخطاب المخذول الذي يروج لمقولة ممجوجة وعبارة باهتة اللون، تقول بأن عليهم أن يظلوا قابعين في محطة التصدي للطلق الناري بصدرهم العاري، وأن لا يتطاولوا في بنيان الحزب الجديد لأنهم منوط بهم دور الحراسة فقط، هذا الخطاب المخذول وعى مآلاته القائمون على تأسيس هذا الحزب الحلم، وتحذيرنا لهم لم يأت إلّا من باب خوف الشقيق الأكبر على اخيه الأصغر، ليس إلّا، وهذا الخوف له اسبابه ومبرراته المتجذرة والعميقة في تاريخ خيبات الأمل والفشل النخبوي المُدمَن من قبل الطبقة السياسية، هذه الطبقة التي سيطرت على المشهد السياسي للاجيال المتعاقبة التي اطلت على المسرح السلطوي منذ الاعلان الأول للجمهورية الأولى، فكسر جموده هذا الجيل الجريء المقدام الذي تعلمنا منه الدروس والعبر، وأول هذه الدروس هو عدم التنازل عن الحقوق والصمود امام تيارات وامواج الخونة والمارقين والمثبطين والهابطين ناعماً، فامثال هؤلاء لا يمكن ابتزازهم ولا ترهيبهم او تخويفهم من المضي قدماً في تنفيذ برنامجهم هذا. المضحك حد البلاهة هو المحاولات اليائسة لليائسين واليائسات في محاولاتهم ومحاولاتهن الفاشلة لثني الديسمبريون عن السير في طريقهم القاصد للامساك بمقاليد امور البلد عنوة واقتدارا، كيف لا وهم الحاملون للواء النصر منذ ديسمبر وحتى ابريل الثانية، الديناصوريون يعلمون علم اليقين أنهم لا محالة مصبحون مومياءات بمتاحف التاريخ لو أن الديسمبريين وطّدوا اركان حزبهم الفائز بلا منازع، سواء كان ذلك في الحرب أم السلم، لذلك رأينا وسمعنا كل هذه البكائيات الداعية للديسمبريين بأن يظلوا مركونين في الركن القصي وباقين بعيدين عن الصراع حول الكرسي الذي قتلهم، لماذا لا يفكر الديناصوريون في حقيقة أن مصيرهم الفناء والزوال؟، ولم لا يتيقنوا بأن الموت حق وان لكل حياة أجل وميقات محدد ومحدود؟، او كما يقول المثل (الجرادة لن تخلد لموسمي خريفين متتاليين)، على الاربعينيين والخمسينيين والستينيين الحريصين على مستقبل هذه البلاد السياسي، أن يترجلوا ويسلموا الراية للديسمبريين، وذلك لسبب واحد واوحد هو أنهم قد فشلوا، وهنا نقول كما قال عامة شعبنا الكريم المسامح: شكر الله سعيكم. الحياة سنتها التغيير والتبديل وعدم الثبات، كما اشار لذلك رب الكون عندما قال: وتلك الأيام نداولها بين الناس، صدق جل من قائل، فالذين لا يعتبرون بتبادل ادوار الاجيال عليهم مراجعة منطلقاتهم الفكرية، والآخرون المتمترسون وراء الوصفات السياسية الجاهزة والقديمة سيشهدون احداث ومواقف مدهشة لم تخطر على بالهم، فلكل زمان واوان نساء ورجال مختلفات ومختلفين، فلم لا تتهيأ الديناصورات للنهايات الحتمية بحكم قانون الطبيعة والانسان؟، فلم يعد الجد قادر ذهنياً وبدنياً على رعاية مصالح الحفيد المولود في العصر القوقلي السيبراني، كفوا ايديكم ايها الديناصوريون والجموا السنتكم عن الديسمبريين، ودعوهم يحققوا حلمهم ولا تقولوا لهم إلّا قولاً كريما، فقد سارت القافلة الديسمبرية ولا ولن تبالي برياح التشكيك والتثبيط والتيئيس والتبخيس، ولقد كتب الله في الذبور من بعد الذكر أن الارض سوف يرثها عباد الرحمن الصالحين، ومن بداهة الحكمة أن الورثة احدث سناً من الموروثين المقبورين البائدين، وأن الرسول الكريم قال: نصرني الشباب حين خذلني الشيوخ، صلى الله عليه وسلم.
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة