#العملاق محمد وردي - له الرحمة والمغفرة - إمبراطور الأغنية السودانية . أحد أبرز فناني الغناء والموسيقى السودانيين وأكثرهم شهرة وله دور كبير في تطوير الموسيقى السودانية ونشرها خارج السودان ويلقب بفنان إفريقيا الأول لشهرته الإفريقية.
#سكن وتربع عشقا في وجدان الشعب السوداني ولم يبارحه أبدا، يتجلى ويتجدد ذلك العشق والحب في مطلع كل عام مع استقلال السودان في الأول من يناير ، حينما يردد كل الشعب نشيد الاستقلال : اليوم نرفع راية استقلالنا ويسطر التاريخ مولد شعبنا يا إخوتي غنوا يا نيلنا ..
#هذا النشيد الخالد الذي ارتبط بالعملاق وردي حينما لحنه وقدمه بصورة لم يستطع أحد بعده أن يجد له بديلا ليقدم في ذكري استقلال السودان منذ العام 1960م، والذي صاغ كلماته المبدع الدكتور عبدالواحد عبدالله يوسف عام 1959م ، ابن مدينة القضارف.
#الإمبراطور محمد وردي قدم عشرات الأغنيات للوطن وتغنى للحب والجمال والكون. وظل شاعر الشعب والوطن حتى رحيله.
#فعند إغراق مدينة وادي حلفا 1963م كان في مقدمة المعارضين قرار تهجير أهالى حلفا، حتى أنه سجن وحظرت جميع أعماله الفنية الخالدة، إلى أن تفجرت ثورة أكتوبر المجيدة 1964م، فتنفس الشعب الصعداء بفك الحظر عنه وأعماله التى ظلت رهينة الاستبداد والظلم.
#أول أغنية قام بتسجيلها العملاق وردي يا طير يا طاير في يوليو 1957م: يا طير يا طاير من بعيد فوق الغمام من ربوعي أحمل الشوق يا حمام ان شاالله تمشي وتشمي يا طير لي تعود لي حبيبي تحمل الحب والورود
#ومن أغنياته ذائعة الصيت "الطير المهاجر" للشاعر الكبير صلاح أحمد إبراهيم: غريب وحيد في غربتو حيران يكفكف دمعتو حزنان يغالب لوعتو ويتمنى بس لي أوبتو طال بيه الحنين فاض بيه الشجن واقف يردد .. من زمن بالله يا الطير المهاجر للوطن زمن الخريف تطير بإسراع ما تضيّع زمن أوعك تقيف وتواصل الليل للصباح تحت المطر وسط الرياح وكان تعب منك جناح في السرعة زيد
#الإمبراطور وردي هو: محمد عثمان حسن وردي من مواليد صواردة بالاقليم الشمالي للسودان عام 1922م ، وهي المنطقة ذات الجمال والحسن واللغة النوبية التي نهل من معينها وتراثها الخالد. وبعد أن أكمل المدرسة الوسطى التحق بمعهد إعداد المعلمين. وكان من المبدعين في اللغة العربية، وتلحين الأناشيد المدرسية لتلاميذه، وكان يؤلف الشعر النوبي الجميل ويحيي المناسبات في كل المنطقة والقرى المجاورة بصوته الشجي الطروب.
#تميز وردي بإدخاله القالب الموسيقى النوبي وأدواته الموسيقية في الأغنية السودانية مثل الطمبور، كما عرف عنه أداء الأغنيات باللغتين النوبية والعربية. وهو بلا منازع مطرب أفريقيا الأول لشعبيته الكبيرة في منطقة القرن الأفريقي خاصة في إثيوبيا وإريتريا.
#بدأ العملاق محمد وردي مشواره الفني بترديد أغنيات كبار الفنانين أمثال: إبراهيم عوض عبدالمجيد، وحسن عطية، وعند زيارة الفنان الذري ابراهيم عوض لمنطقة حلفا التقى به وردي ونصحه الفنان ابراهيم بالرحيل إلى العاصمة الخرطوم لما يتوفر فيها من إمكانيات تقنية وفنية عالية ، وبالفعل ذهب وغني أولى أغنياته المسجلة بالإذاعة " حنين مجافي عنيد" للفنان حسن عطية، وقد أبرز أمكانيات كبيرة أهلته ليكون في مركز الأضواء "العاصمة" فالتحق مدرسا بمدرسة الديوم الابتدائية ليواصل مشواره الفني من على القرب.
#في الخرطوم تعرف العملاق وردي بالملحن الأستاذ خليل أحمد فكان مولد أول عمل له يسجل باركوسترا كاملة "يا طير يا طاير" ، ثم تعرف على العازف المشهور على ميرغني وأنتجا أغنية الحب والورد المعروفة باسم "اول غرام": اول غرام يا أجمل هدية يا انبل مودة يا نور عيني
#تغنى العملاق وردي لعدد من الشعراء بالعامية والفصحي، ومن أشهر أغنياته باللغة العربية الفصحي للشاعر الجيلي عبدالرحمن: لم يكن إلا لقاء وافترقنا كالفراشات على نار الهوى جئنا إليها واحترقنا وغنى لمحمد مفتاح الفيتوري"أصبح الصبح" اصبح الصبح ولا السجن ولا السجان باقي واذا الفجر جناحان يرفان عليك واذا الحزن الذي كحل هاتيك المآقي والذي شد وثاقا لوثاق والذي بعثرنا في كل وادي فرحة نابعة من كل قلب يابلادي
#وتوالت أغنياته مع الشاعر اسماعيل حسن الذي معه ثناىية متفردة، كما تعامل مع عدد كبير ٱخر من الشعراء.
#وفي عام 1969م التحق الإمبراطور محمد وردي بمعهد الموسيقى ، وكان من أوائل الذين التحقوا بالمعهد منذ إنشائه ، وأختير رئيسا لاتحاد الطلاب لما وجدوه فيه من نبوغ وتفرد فني وسياسي ، وبقي بمعهد الموسيقى ثلاث سنوات وقبل أن يكمل دراسته أعتقل إبان حكم الرئيس نميري واتهم بتأييده لانقلاب هاشم العطا 1971م وظل في معتقله حتى العام1972م , وبعد الافراج عنه ، اشتغل بهموم وقضايا الوطن ، فكانت أغنياته الرمزية في ظل البطش والتضييق تعم الآفاق وتلهب الجماهير حماسا وقوة: قلت أرحل رحلت وجيت في بعدك لقيت كل الأرض منفى
وتواصلت أغنياته من أجل عيون الوطن ، ومن أجل الحرية وفضاءاتها فجاءت رائعته "بناديها" للشاعر الطيب الدوش: ولما تغيب عن الميعاد بفتش ليها في التاريخ وبسأل عنها الأجداد وفي أحزان عيون الناس وفي الضل الوقف ما زاد
#مسيرته الفنية والوطنية كانت مشواراً طويلاً تعاقبت فيه أجيال على السودان ... أسهم بإبداعه وفكره وجهده في القصيدة الوطنية وحملها تاريخ كفاح ونضالات الشعب السوداني منذ فجر التاريخ، منذ بعانخي مروراً بملاحم كرري وأم دبيكرات ومعارك الاستقلال منذ ثورة ود حبوبة وكفاح جمعية اللواء الأبيض ونضال الخريجين بقيادة أزهري ورفاقه: إني أنا السودان أرض السؤدد هذي يدي ملأى بألوان الورود قطفتها من معبدي من قلب افريقيا التي داست حصون المعتدي أضحت لأجل شعوبها آفاق فجر أوحدي فأنا لها أنا بها سأكون أول مفتدي
#يعد العملاق وردي من أوائل أدباء الفن والأدب الذين وصلت أعمالهم إلى المحيط العربي والأفريقي ، فمعظم الشعوب العربية والأفريقية تتغني مع وردي وتردد أغنياته، بالإضافة إلى تفرده بوعي قومي وطني كبير، فقد غنى في الستينيات للشاعر أبو آمنة حامد: سودانية تهوي عاشق ود بلد في عيونا المفاتن شيء ماليهو حد والأغنية ذات مفردات تحكي وتطوف بمعظم قبائل السودان وجماليات أهله في غاية الروعة الجمال.
#ولا ننسي عندما فجر الشعب ثورة إبريل 1984م ضد حكم الرئيس الراحل جعفر نميري ، تفجرت ينابيع العبقرية وسالت شلالات لحنية قوية عبرت عن انفعالات الشعب:
يا شعبا تسامي ياهذا الهمام تفج الدنيا ياما وتطلع من زحاما زي بدر التمام تدي النخله طولها والغابات طبولها والأيام فصولها والبذره الغمام قدرك عالي قدرك ياسامي المقام ياملهم رماحك
#وتغني لشعراء الشرق بأجمل الألحان أمثال كجراي في قصيدته "تاجوج":
قليبي المنو أصلو شقاي ريدي يزيد الهم علي يسفح وريدي يعشق بالألم نبرة قصيدي دي تاجوج متلقت يا خملة زيدي
#ولعل الإمبراطور محمد وردي حينما غنى: «أقابلك في زمن ماشي وزمن جايي وزمن لسة» للشاعر الحلنقي، كان يقصد بها استمرارية مشروعه الغنائي الذي صبغت عليه صفة الخلود في وجدان الشعب السوداني والشعوب الأخرى.
واشتهر عن العملاق وردي بأنه كان متفرداً في التأليف الموسيقي والتوزيع، وكان بذات القدر لا يستعجل نشر أعماله الجديدة، بل يختار التوقيت الملائم لعرض الجديد، وقد عُرف وردي بسرعة البديهةوالذكاء المتقد وكان صريحاً للحد البعيد، لا يجامل في الفن حتى أقرب الأقربين.
#وثق له الكاتب الراحل عبده يوسف صالح توثيقا شاملا، فكتب عن حياته وفنه ولم يترك شاردة أو واردة في حياة العملاق وردي الا وتوقف عندها. فما دوناه هنا لا يساوي قطرة من محيطات إبداعه.
#توفي الإمبراطور وردي في يوم السبت 18 فبراير / شباط 2012 الساعة العاشرة والنصف مساء ودُفن في مقابر فاروق بالخرطوم.
ألا رحم الله الراحل المقيم محمد وردي رحمة واسعة وأسكنه فسيح جناته.. فقد أعطى لهذا الشعب معنى أن يعيش وينتصر.. ض
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
صلاح التوم إبراهيم
فيس بوك
تويتر
انستقرام
يوتيوب
بنتيريست