تزامنا مع الفيضان شهد القصر الجمهوري من أبوابه الخلفية غزوة اورال ملحوظة ؛ بقيادة كل من التجاني السيسي و احمد بلال . تدافعوا جميعهم للقاء الفريق البرهان رئيس المجلس السيادي التشريفي. كانت قراءة الوجوه ولغة الأجساد تقول أن البرهان قد إستقبلهم من باب المجاملة والمعرفة القديمة لجهة أنهم جميعا كانت تجمع بينهم صلات الإصطفاف خلف المخلوع العميد عمر البشير. سواء بصفة بعضهم الرسمية .. أو بصفة الرضاعة الولرلية. أحمد بلال . كاد من فرط الشفقة والجرسة ولهفة المحتاج أن يقبل البرهان في خديه . فقد مدّ عنقه إليه . وأرهف السمع وأرخى أوداجه ومط شفتيه ودنا وتدلى حتى أصبح قاب قوسين أو أدنى . ولكن البرهان تذكر فجأة أن "الدنيا كورونا" فأمتنع عن منحه خديه. وقف أحمد بلال بعد المصافحة العادية بالأيدي عن يسار البرهان . وأما التيجاني السيسي فقد وقف على اليمين . ومدّ إلى البرهان ورقة أو ربما ربطة ورق ، قبل أنها تحتوي في أسطرها الكراريسية على ما ظن هؤلاء أنها يمكن أن تصبح الوثيقة الدستورية الفالصو البديلة الموازية للوثيقة الدستورية الأصلية . التي سبق لحميدتي توقيعها نيابة عن المجلس العسكري وقتها . وتسلمها منه البرهان للعمل بها. وسط حضور وسيط رسمي منبثق عن آليات الإتحاد الأفريقي. وكان يوماً شهدته كل أفريقيا والإتحاد الأوروبي والأمم المتحدة. زقيل أيضاً أنها (ربطة الورق) الورق واللوبيا ؛ تحتوي تفويضا للبرهان بتدبير إنقلاب عسكري على حكومة ثورة ديسمبر الإنتقالية .... ويا بلاش.
وكنا قبل أيام قد شهدنا موكب للزواحف لم تتعدى أعداده العشرات من أشد المتحسرين على إغلاق البلف إلى غير رجعة. والمتباكين على إجبارهم على الفطام والمنع من الرضاع الراتب العادي.
ولكن ما بال الأورال؟
الأورال أشد لجاجة ونفاقاً حتى عند مقارنتهم بأحزاب واعراب الفكّة. فأحزاب وأعراب الفكّة على أقل تقدير قد حسموا موقفهم وأمرهم ... وتطهَّروا من أوزار ودنس شركهم بالبلاء الحسن في موقعة ذات الكراسي الشهيرة الموثقة داخل قاعة الصداقة.
ألا يخجل هؤلاء الأورال ؟ أليس لديهم إحساس وشعور بما يجري في البلاد من كوارث الفيضان والسيول . وواقع أن البرهان نفسه قد أعلن حالة الطواريء لمدة ثلاثة أشهر؟ تدافع الأورال إلى مكتب البرهان كان فيه سوء تقدير وعمى بصيرة. ونزق وافلاس فكري وسياسي..... وأنهم إنما جاءوا يركضون بسبب الجوع والحاجة يتكففون الرئاسة ويسألونها إلحافا بعد أن اعتادوا على تلقي الهبات والمكرمات من رئاسة الجمهورية في تلك الأيام الخوالي ..... حتى ليبدو عليهم أنهم قايلنها كل سنة حلاوة.
ربما لم يحسن هؤلاء الورلان قراءة شخصية البرهان جيداً. وظنوا أو قدرو تقديراً وعلى عجل أن شخصيته لن تختلف كثيراً عن العميد المخلوع بشة . الذي كان يطعمهم ويسقيهم ، ويجري لهم أمامهم ويأويهم ويكسيهم.ويهش ، ويبش لهم في وجوههم ويفرغ لهم دوائر الإنتخابات . والمقاعد في الوزارات الإتحادية ووزارات الدولة والمفوضيات ومقاعد بالتعيين في البرلمان ... لقد كان المخلوع بشة في تلك الأيام الخوالي يتصرف في أموال العير وحقوق الناس بغير حساب وبلا وجع ووجيع. .. ولكن الحال اليوم ليس كما كان بالأمس والأيام دول ودوام الحال من المحال. ولم تعد القوانين واللوائح في مجال الصرف ونثر وسرقة المال العام ممكناً بالسهولة التي كان عليها حين كان عمر البشير يضع هذه الأموال تحت مخدته وأدراج دولابه في غرفة نومه أو مكتبه. والبرهان بوجه عام ليس هو بذلك الشخص الذي يطعم ويسقي ويأوي إليه بسهولة طلاب المناصب من عابري السبيل , وصابغي الورنيش ولاعقي الأحذية ، والزاحفين على البطون العارية وغير المتعففين ... بل ربما كان حميدتي في هذا المضمار أعمق فهماً للطبيعة البشرية. وأكثر حناناً وكرما ورخاءا وبركة منه . رغم خوف الناس منه. ثم أن البرهان لا يمتلك اي سلطات او تنظيم سياسي حاكم للنظر والبت في ربطة اوراق هؤلاء الرؤل . وليس لديه أراضي خلاء و"قروش" او توقيع على بياض في وزارة المالية وبنك السودان . او امكانية حلحلة ديون مثل ما كان العميد بشّة المخلوع بحلحل للأورال ديونهم الخضراء والصفراء والحمراء والزرقاء وحتى السوداء والبيضاء. وبالعربي الفصيح خلاص راح ... بَح.... وتلك أيام مضت لن تعود بهذه التلقائية والسرعة والبساطة. على هؤلاء الأروال ومن كان يترقب تدفقات الأموال خلفهم أن يتوجهوا إن كانوا يريدون إصلاحاً وإعترافاً وإحتراماً ... عليهم التوجه بربطة وثيقتهم الدستورية هذه إلى "توت قلواك” وسيط سلام جوبا . وهم إن لم يكن لديهم رقم هاتفه الموبايل فإن فتح الخط الدولي لجوبا هو (00211). ومن الضروري أن يعلم هؤلاء الأورال الذين إعتادوا على الملح والمجاني والتنبلة في زريبة الكيزان وصوالين بشـة ؛ من الضروري أن يعلموا أن تكلفة هذا الإتصال الدولي بمستر توت قلواك سيكون على حسابهم الشخصي... وعن طششان الشبكة في وجه المتصل العادي ما بين زين الشمال وزين الجنوب حدّث ولا حرج. ثم أن عليهم إدراك أنهم إن حصلوا على تأشيرات لدخول جوبا . فإنهم سيدفعون من جيوبهم الخاصة حق المواصلات والإقامة والوجبات والمشاريب ... والكوتشينة. فقد ولّى إلى غير رجعة زمن التنبلة والرضاعة بليل وعلى حين غِـرّة من أثداء الماعـز المغلوب على أمرها.
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
مصعب المشـرّف
فيس بوك
تويتر
انستقرام
يوتيوب
بنتيريست