الشيخ الوقور أجلس الأبناء في حضرته ذات يوم وبدأ يجادلهم واحدا واحداَ ،، والأبناء فيهم ذلك المتمرد الغشيم الذي يجيد الشجار والعناد مع الآخرين في الداخل والخارج !! ،، وأحياناَ يتشاجر مع نفسه ومع ظله ،، وفيهم ذلك الحكيم العاقل الذي يتقي الشرور ويلازم الحائط خوفاَ من الملامة ،، وفيهم ذلك الصوفي المتطرف الذي يغلوا في دينه ولا يعرف تلك ( الوسطية السمحة ) في دينه ،، وفيهم ذلك ( اللص الحرامي ) الذي يتواجد في المحاكم والحراسات والسجون طوال الحياة أكثر مما يتواجد في الدار ،، وفيهم ذلك ( التاجر ) الطماع الماكر الذي يركض خلف المال والثراء بالحلال والحرام ،، وفيهم ذلك العاشق الولهان ( الفايق الرايق ) الذي يتواجد أمام المرآة طوال الساعات حتى يجذب انتباه ( الناعمات الناعسات ) ،، ورغم ذلك لم يفز بواحدة تمثل شريكة الحياة في يوم من الأيام ،، وقد كبر وظهر الشيب ضمن شعر رأسه ،، وذات يوم قالت له أمه : ( هل تظن أن تلك المرآة سوف تهديك عروسة من بطنها في يوم من الأيام ؟؟؟ ) ،، وفيهم ذلك العاطل المتسكع الذي يشارك ( عصابة الحي ) المتخصصة في ( فرتكه الحفلات ) بالأحياء طوال الليالي ،، وفيهم ذلك الفالت الهائم فوق وجه الأرض مع جماعات تسمي نفسها ( جماعات الخروج في سبيل الله !! ) ،، وهي جماعات تطوف في كافة بقاع الأرض بنية الهجرة في سبيل الله ،، جماعات تتواجد في دور العبادة وفي داخل أسوار المساجد لشهور وأيام في أغلب الأحيان ،، ولا تتدخل إطلاقاَ في الشئون السياسية لبلد من البلدان ،، ولذلك فهي جماعات لا تلاحق ولا تطارد من قبل السلطات في أغلب دول العالم ،، وفيهم ذلك ( الخريج الجامعي ) العاطل الذي يقدم سنوياَ في ( اللوتري الأمريكي ) ثم لا يخالفه الحظ في سنة من السنوات ،، وفيهم ذلك السائق ( للركشة ) الذي يفني الساعات تلو الساعات مع ستات الشاي ،، وفيهم آخرون من الأبناء الذين مازالوا في طور المدارس والجامعات ،، وقد احتدم النقاش والتأنيب بين الأب والأبناء ،، ثم فجأة دخل أثناء الجدال والحوار ذلك الابن ( الشيوعي ) الذي كان غائباَ طوال الليل في جلسات للحزب الشيوعي ،، كانت علامات الإرهاق ظاهرة في ملامحه ،، كما أنه كان بمنتهى التواضع في هندامه وملبسه !! ،، وقد تجسدت فيه كافة علامات الفقر والفاقة بكل القياسات ،، دخل عليهم وهو يحمل في حقيبته كتباَ تتحدث عن الشيوعية وعن زعماء الشيوعية في العالم ،، كتاب يتحدث عن (جوزيف ستالين ) ،،، وكتاب يتحدث عن ( فلاديمير لينين ) ،، وكتاب يتحدث عن ( ماو تسي تونغ ) ،، وكتاب يتحدث عن ( فيدل كاسترو ) ،، وكتاب يتحدث عن ( تشي جيفارا ) ،، وكتاب يتحدث عن ( ميشيل عفلق ) ،، وكتب أخرى تتحدث عن الشيوعية والاشتراكية والبعثية في العالم ،، ودون أن يعرف حقيقة الجدال والحوار الذي يدور ويجري في تلك الجلسة الصاخبة قال لأبيه : ( أبي أعطني مبلغاَ من المال حق المواصلات ،، وقد ارتفعت تعرفة المواصلات في هذه الأيام بطريقة جنونية !!!! ) ،، فنظر إليه الأب في غضب وسخط مقترن بالتأنيب والزجر وقال له : ( أنت أصلك شيوعي مبهدل وغاوي الفقـــــر والنكـــد طوال حياتك !!! ) ،، فضحك الجميع من تلك التناقضات التي تجري في الساحات السودانية ،
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة