|
أرادوا قتله فقتلهم,, بقلم إسماعيل عبد الله
|
10:44 PM May, 04 2020 سودانيز اون لاين اسماعيل عبد الله-الامارات مكتبتى رابط مختصر
نعم, أرادوا قتل شو تايم وحرقه جسدياً ومعنوياً, إنها العقلية المركزية المأزومة التي لا تقبل للأقليات المهمشة أن تتمرد أوتخرج عن الإطار الذي رسم لها, لقد أثار ظهور هذا الشاب الأبنوسي الصنديد بلكنته الدارفورية الواضحة, جدلاً واسع النطاق في أوساط مجتمعات وأحياء (كرش الفيل), باعتباره واحد من أبرز أيقونات الثورة السودانية الشاملة, التي لا ولن يستطيع كائن من كان أن يساوم أو يزايد حولها أو يجيرها لمصلحة جغرافية محددة, فمنذ أن سطع نجم هاتين الأيقونتين الثوريتين (دسيس مان وابراهيم شوتايم), على مسرح الأحداث المصيرية التي عصفت بأكثر الأنظمة السودانية جبروتاً وعنصريةً, كنت على يقين من أن هذين الأبنوسيين سوف تلاحقهما حملات مغرضة تتخذ من خلفيتيهما الثقافية والاجتماعية موضوعاً.
ألنجومية السياسية والاجتماعية والثقافية في مسرح الخزف المركزي لها كهنة وملاك معبد, لا يجيزون صوتاً إعلامياً إلا بعد أن يندغم هذا الصوت ويتماهى خنوعاً مع بروتوكولات بني مركز, فمهما بذلت من جهد وطني خالص لن تجد غير السخرية والاستفزاز لخطيئة واحدة لم يكن لك فيها من خيار, ألا وهي صدقك في التعبير عن ذاتك, فعندما أحاطت بدسيس مان الحسناوات المركزيات وهمن به عشقاً وتهن فيه حباً سرمدياً بسبب ما أحدثه من نقلة نوعية في شعارات الهتاف الثوري, استفز هذا الميل العاطفي التلقائي الحنق الذكوري المركزي عند بعض العنصريين من المراهقين, فكانت خاتمة مطاف الرجل الجميل والدسيس السجن و اغتيال الشخصية.
ذات محاولة الإبادة والنفي من الأرض التي تعرض لها شوتايم, ولكن بطريقة قاسية ولا إنسانية ولا تمت إلى نوازع الضمير البشري بصلة, هذا الناشط الشجاع والجريء طرق أمور لم يتطرق لها دهاقنة الإعلام في بلادنا, بامكانياته المتواضعة المتمثلة في هاتفه الذكي وسماعته البيضاء ومخزونه الكافي من رصيد الانترنت السايبري, كان صادقاً في تقصيه عن الخبر اليقين ومتسقاً مع نفسه في عكس المعاناة اليومية التي يكابدها الوطن والمواطن, لقد تعرض شوتايم لمحاولة تصفية جسدية لزم على إثرها سرير المستشفى, ولكن هذه المرة يبدو أن العنصري المغرور الذي أراد محو وجود (مثل هذه الأشكال), قد اتخذ سبيلاً آخراً هو حرق عقل وجسد هذا الشاب النحيل بالخرشة وسموم الهيروين.
العنصرية في السودان غير مرتبطة بنظام الكيزان وحده, هي منظومة مفاهيمية معشعشة في رؤوس المتخلفين وما زالت تلعب أجهزة الدولة الدور المحوري والرئيس في تفشيها واشعال نارها بين مكونات المجتمع, وقد نبّهنا في كثير من مقالاتنا المكتوبة وأحاديثنا المكرورة إلى ضرورة اجتثاث جذر هذا الداء اللعين والعضال, إنّه سرطان قاتل ومقيت إذا لم نعره الاهتمام المسؤول سوف يصبح علينا صباح يوم من الأيام لن نجد فيه وطناً نعتز به ونتغنى بملاحمه ومفاخره الوطنية.
من قديم الزمان و منذ الأزل هنالك عداء مستحكم بين حملة مشاعل النور من جهة, و بين العاطلين (المركلسين) على جنبات الطرق وأمام المتاجر في الأسواق والأحياء من الجهة الأخرى, أولئك الذين لا يملكون غير المقدرات الخرافية في تكسير مجاديف دعاة الاصلاح و تثبيط همم الناطقين بكلمة الحق, فمثل ابراهيم شوتايم كمثل ابراهيم الخليل عليه السلام عندما ناداه ربه فأنقذه وقال: (يا نار كوني برداً وسلاماً على ابراهيم).
شاهدت هذا الفتى الأبنوسي الوسيم والجميل مساء هذا اليوم, من خلال فيديو مبثوث على مواقع التواصل الاجتماعي, وسمعت حديثه المؤلم الذي أدلى به, واستوعبت الرسالة البليغة التي أوصلها إلى جمهوره الكريم ومحبيه الأماجد, والتي مفادها أن السموم التي أدخلها الحاقدون في جسده النحيل شكلاً والقوي شكيمةً, لن تحدث ذلك الأثر الذي يرجونه ويتمنونه من بشاعة فرقعات هراوات الهيروين وفتكها بجسد الإنسان, وهذا التطمين الذي أرسله هذا الناشط الجسور أراد بموجبه أن يبين للناس أن البنية الجسمانية التي نشأ وترعرع وتربى عليها من استطعم وتغذّى على مورد الغذاء الطبيعي, من سمن ولبن وعسل وقضيم ودخن لا يمكن مقارنتها مع بنية لاحسي الآيس كريم.
إسماعيل عبد الله
[email protected]
|
|
|
|
|
|