من الأسباب الرئيسة للانتشار الكبير لمرض الأيدز في السودان، تجاهلنا المستمر للمرض وشعورنا بأنه بعيد عن مرمى صحتنا، وأننا أرباب التقوى والعفاف، وثيابنا نظيفة من كل دنس وخطيئة، حتى وصل عدد الأطفال فقط المصابين بالمرض من عمر يوم وحتى١٤ سنة (4200) . إن الأيدز مرض عضال وفتاك، وأول ما يضرب فإنه يضرب الطاقة الإنتاجية للبلاد، بتعطيله للقوى العاملة، وهزيمته للمناعة في أقسى امتحان للصحة . أذكر أنه وفي العام ٢٠٠٩ كنت قد أجريت سلسلة تحقيقات مع المصابين بمرض الأيدز لصالح صحيفة (الرأي العام) ، وكان المصابين يومها يجتمعون في مركز يضمهم بحي الخرطوم (٣)، علمت لاحقاً من بعضهم أن جزءاً من مواطني الحي كانوا لا يرغبون بوجودهم. الجهل بأسباب وطرق الانتقال جعلت الكثيرين يعتقدون أن المرض قد ينتقل عبر الهواء وكأني بالأيدز حبوب لقاح تتناقلها الرياح. في ذلك اليوم صدمت للفهم القاصر لدى بعض الجيران، ولكن الصدمة الكبرى كانت حين وصلت مبنى الصحيفة لأفاجأ بإحدى الصحافيات ترفض مصافحتي لأني كنت في تغطية مع المصابين، فإذا كانت صحافية تعتقد أنه قد ينتقل بالمصافحة، فعلام ننتقد العوام؟. الآن وحسب الأرقام الأخيرة المُعلنة عبر وحدة المعلومات التابعة لبرنامج مكافحة الأيدز بوزارة الصحة الاتحادية، فإن عدد الوفيات بالمرض العام الماضي كانت (٢٤٠٠) وفاة . وحسب تقديرات الأطباء، فإن عدد الإصابات الجديدة في العام ذاته بلغت (5200) إصابة، بمعنى أن المصابين الجدد أكثر من الذين فارقوا الحياة، ليس ذلك فحسب، بل أن العدد المقدر من البالغين والأطفال المصابين بالأيدز في السودان (59) ألف إصابة، (29) ألف من الرجال، والنساء (26) ألف. هذه أرقام بكل تأكيد مزعجة جداً وتوضح أننا مقبلون على كارثة صحية تفقدنا على الأقل طاقة الشباب المنتجة . هذا اذا علمنا أن العدد الكلي للمتعايشين مع الأيدز والذين يتلقون العلاج في 2018م بلغ (8803)، بمعنى أن الأعداد في ازدياد مضطرد، بما نسبته (0.24%)، وأن العدد المقدر للأمهات اللائي يحتجن للعلاج بأدوية الأيدز لمنع انتقال الفيروس لأطفالهن (21.100). خارج السور: مرض الأيدز يحتاج الى أكثر من جهود للعلاج والكشف المبكر، يحتاج قبلها لبرنامج مكثف للوقاية.
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
زهير عثمان حمد
فيس بوك
تويتر
انستقرام
يوتيوب
بنتيريست