|
Re: بشرى الفاضل\فضيلي جمّاع: المليونية\andquot;حدث (Re: osama elkhawad)
|
Quote: وأخيراً يا سعادة رئيس المجلس العسكري، فإن قواتك التي تتباهي بها أمام حشدك المنتقى في صالة مزودة بالكراسي الوثيرة وبمكيفات الهواء وبكل ما لذا وطاب، قواتك التي تقول بأنها (عصية أمام كل خائن وكل عميل) ، هجمت في نهاية شهر الصوم الفضيل على شباب عزل وعلى فتيات وأطفال وهم نيام. قتلت واغتصبت وألقت جثثاً في النيل بعد أن قيدتها إلى كتل صخرية ثقيلة حتى لا تطفو. قواتك “الباسلة” أحرقت الخيام على أطفال وشباب كانوا نياماً، لأنهم – ولسماحة ما تربوا عليه – صدقوكم حين وعدتموهم بأنكم لن تفضوا الإعتصام السلمي. |
| |
 
|
|
|
|
|
|
Re: بشرى الفاضل\فضيلي جمّاع: المليونية\andquot;حد (Re: osama elkhawad)
|
كتابات
فضيلي جماع يكتب كفوا عن التخوين، فقد أنجز مفاوضونا مهمة تاريخية
مصدر الخبر / التحرير
(1)
لطالما توقفت كثيراً أمام عبارة للثائر الليبي الشهيد عمر المختار ، وهو يواجه حكم المستعمر الإيطالي عليه بالإعدام. قال: ” إنني أؤمن بحقي في الحرية، وحق بلادي في الحياة، وهذا الإيمان أقوى من كل سلاح.” وكاتب هذه السطور يؤمن أنّ الثورة من أجل الحرية والعيش الكريم حق..وأنها فوق ذلك لا تعرف سقفاً يتوقف بنهايته طموحها واندفاعها.
فهي في حالة صعود وهبوط مستمر. وبين هذا المد والجزر ينجز الثوار أهدافاً كانت ذات مرحلة بعضاً من الحلم. لكنهم سرعان ما ينتقلون من الحلم الذي أصبح واقعاً إلى مرحلة جديدة، ربما كانت هي الأخرى حلماً عصي المنال.
بالتوقيع على الإتفاق بين قوى الحرية والتغيير – الممثل الشرعي لثورة الملايين في السودان – والمجلس العسكري ، وهو الذراع الأمني للنظام المباد – بالتوقيع على اتفاق يقضي بنقل السلطة إلى سيادة مدنية كانت حلم الجميع على مدى ثلاثين سنة ، تكون الثورة السودانية قد أنجزت واحداً من أهم الأهداف التي دفع من أجلها خيرة أبناء وبنات شعبنا الأرواح الطاهرة ، وأبلى البعض منهم خير بلاء. حيث قضوا سني العمر بين المعتقلات والمنافي ومعسكرات اللجوء.
وهذا في حد ذاته إنجاز يقف أمامه أعداء الثورة في الداخل والخارج في ذهول. لكنه لا يعني بأي شكل أنّ الثورة قد أنجزت ما ناضل من أجله الملايين عبر ثلاثين سنة. ما حدث هو أنّ ثورة شعبنا أنجزت بعضاً مما اندلعت من أجله. وعلى شعبنا أن يعض على هذا المكسب بالنواجذ، ونحن نتطلع إلى فجر جديد.
كما إنّ علينا أن نعرف أيضاً بأن جحافل الثورة المضادة، وخصوم الثورة في الداخل والخارج لن يهنأ لهم بال حتى يسددوا الطعنة في مقتل لما نصبو إليه. وهذا ما قصدنا في مطلع هذا المقال ونحن نشير إلى أنّ (الثورة لا تعرف سقفاً يتوقف بنهايته طموحها واندفاعها.)
(2)
نعم .. قد يتسرب اليأس وما يشبه اليأس تارة إلى نفوس الجماهير وهي في خضم زحفها الثوري.. فالنضال ضد أنظمة الإستبداد لا يسير دائماً في خط مستقيم. قد يتراجع أو يقل اندفاعه في مرحلة تقترب من تحقيق أحد الأهداف الكبرى. لكنّ الوعي الثوري هو الذي ينقل الجماهير صعداً إلى مرحلة جديدة لتنجز هدفاً جديداً .
أقول هذا إيعازاً للكثيرين الذين ربما زارهم الإحباط لحظة إعلان الإتفاق بين ممثلي قوى الحرية والتغيير وممثلي المجلس العسكري ، بعد فترة عصيبة من الحوار مع طرف دغمائي التفكير، آخر ما يؤمن به الوقوف أمام مفردات مثل: (الحوار – الدولة المدنية – الديموقراطية – حقوق الإنسان – الشعب .. إلخ) .
أن تحبط أو تقترب من اليأس فذاك أمر عادي، يحدث للثائر بين الفينة والأخرى. لكن الأجدر أن يتسلح الثائر باليقظة ، وأن يشحذ ما بداخله من همة ليواصل ! وكاتب هذه السطور بلغ به اليأس أن كتب مقالاً بعد المليونية يحذر فيه من مواصلة الحوار مع من يسعون لإضاعة الوقت وليس الوصول لاتفاق! لكنّ ممثلي الحرية والتغيير وهم يقودون المعركة من ميدان آخر أثبتوا أنني كنت على خطأ.
ذلك لأنّ هذه الثورة قد اختارت أكثر الأدوات حضارية في النزال: السلمية والحوار لبلوغ الهدف. وقد أحرزوا في سعيهم الدؤوب برعاية الإتحاد الأفريقي والجارة إثيوبيا ممثلة لمنظمة الإيقاد ،أحرزوا هدفاً كان أهزوجة جموع الثوار عبر نضالها الطويل: إنتزاع الدولة المدنية من تحت قبعة العسكر !
وهذا الحق المشروع الذي انتزعه شعبنا بتقديم المهج رخيصة من أجل تحرير الوطن ورفاهيته وسعادة الأجيال القادمة ، هذا المكسب – أعني قيام دولة المواطنة والحرية والعيش الكريم – ليس بالسهل. بل أقول للمتشائمين ولاطمي الخدود ومن دبجوا المقالات بتخوين ممثلينا في معركة الحوار ، أقول لهم: كفوا عن التخوين وعن العوم في البر .
لقد أنجز المفاوضون مهمة تاريخية. أنتم لم تدخلوا معركة الغرف المغلقة لتفاوضوا خصماً يخشى من قيام الدولة المدنية التي ستكشف أول ما تكشف عري وخواء الجهة التي يمثلها .
(3)
دعونا يا أصدقائي نعض بالنواجذ على هذا الإنتصار الكبير الذي حققته واحدة من أكبر ثورات عصرنا الحديث. ثورة جعلت كلاً منا يترنم بالأنشودة الخالدة: (أقيف قدامها ، وأقول للدنيا ** أنا أفريقي ..أنا سوداني)!
وهنا أقول لإخوتنا وأخواتنا داخل الوطن الغالي وهم الذين حملوا عنا العبء الأكبر ، وحق لهم الفرح بالنصر الكبير- أقول لهم: أنتم لم تجربوا مثلنا نحن في المنافي كيف تكسوك فرحة عارمة وزهو كبير وأنت ترد على شخص التقيته صدفة إذ يسألك من أي البلاد أنت ؟ ويرفع السائل حاجبيه إذا تخبره بأنك من السودان. يبسم في وجهك بإعجاب ليقول لك بأنه شاهد عبر الفضائيات كيف أنّ الشعب السوداني الشجاع قام بواحدة من أعظم الثورات السلمية والحضارية!!.
ختاماً.. علينا بالحيطة والحذر وشعبنا يسجل هذا النجاح ويقتلع الدولة المدنية التي يستحقها اقتلاعاً.
علينا أن ندرك أن أعداء الثورة يطير ذبابهم هذه الأيام عبر الأسافير مرتدياً أقنعة أنصار الثورة (وهاك يا تخذيل ، وهاك يا تخوين لممثلي الحرية والتغيير !!) لا تصدقوا كل من ينتقص من هذا النجاح الباهر لثورتنا بأنه إنما يمارس حقه في النقد بحسن نية .
إنتبهوا .. فليس كل ما يلمع في الأسافير ذهباً !
فضيلي جماع
لندن ، في 5 يوليو 2019م
| |
 
|
|
|
|
|
|
Re: بشرى الفاضل\فضيلي جمّاع: المليونية\andquot;حد (Re: عبدالله الشقليني)
|
Quote: فضيلي جمّاع يكتب:
أين هو التمثيل الرمزي للمسيحي السوداني يا حرية يا تغيير؟!
مصدر الخبر / التحرير
طلعت علينا وكالات الأنباء والصحف ووسائط التواصل الإجتماعي أمس الخميس بالأخبار الأكيدة حول تسمية رئيس وزراء الحكومة الإنتقالية وأسماء قادة الجهاز العدلي – وذاك هو العمود الفقري لقيام الدولة المدنية، دولة المواطنة والمساواة التي قامت بسببها في السودان واحدة من أميز وأكبر الثورات الحديثة في العالم، ثورة إتخذت السلمية شعاراً ورفعت مبدأ: الحرية والسلام والعدالة.
حيث أبلى فيها شعب السودان ثلاثين سنة لتندلع بانفجارها الأخير في ١٩ ديسمبر ٢٠١٨، وحيث واجه شبابها وشاباتها وأطفالها الرصاص الحي وقنابل الغاز المسيل للدموع ٨ أشهر حسوما قبل أن تصل محطتها الأخيرة والمنتظر الإعلان عن تتويج أمتنا بحصيلتها المباركة بدءً بالسبت الموافق ١٧ أغسطس الجاري.
أكتب هذا المقال إبراءً لذمتي ككاتب وكناشط حقوق إنسان، إضافة إلى إيماني كمواطن سوداني بأن بلدي الذي أعطاني كل شيء ينتظر أن أقف إلى جانب حق مواطنيه وشمس الدولة المدنية – دولة المساواة في الحقوق والواجبات – تؤذن بالشروق.
كما إنني أكتب هذا المقال ولما يتم الإعلان رسمياً عن كامل من سوف توكل إليهم مهمة تسيير دفة البلاد إبان الفترة الإنتقالية، المقرر أن تكون ثلاث سنوات وبضعة أشهر.
ولعل الوقت يجري بسرعة لن يتسنى معها للجان قوى الحرية والتغيير أن تتدارك ما نبهت إليه من قبل وما أود إعادة التنبيه له ولو في آخر الدقائق لاتخاذ القرار الشجاع.
هذا السودان ليس وطناً للمسلمين وحدهم حتى توزعوا فيه حقائب إدارته يا حرية ويا تغيير دون إسناد بعض مهامه لمن هم غير المسلمين – وبالتحديد الطائفة المسيحية التي عانت من أسلمة السودان (المزعومة) طوال ثلاثين سنة.
لقد لقي الإخوة الأقباط بالتحديد من العنت ما لاقوا إبان دولة الإخوان المسلمين التي لم تراع قول الله تعالى في محكم تنزيله: (لا ينهاكمُ اللهُ عن الذين لم يقاتلوكمْ في الدينِ ولم يخرجوكم من ديارِكم أن تبرُّوهم وتقسطوا إليهم ، إن اللهَ يحبُّ المقسطينْ* إنما ينهاكم اللهُ عن الذين قاتلوكم في الدينِ وأخرجوكم من ديارِكم وظاهروا على إخراجِكم أن تولَّوهم، ومن يتولَّهم فأولئك هم الظالمون) سورة الممتحنة، الآيتان ٨ و٩.
ويمكن قراءة الآيتين بالمعطيين التاريخي والعصري.. وأعني بالعصري المشاركة في الحقوق والواجبات كما توصي به نصوص دولة المواطنة.
لقد دمعت أعين الكثيرين أيام الإعتصام التي لن تمحي من ذاكرتنا، والطائفة المسيحية السودانية تزوّد المعتصمين من شباب السودان المسلمين في شهر الصوم، بجوالات السكر وصناديق الشاي ومواد تموينية أخرى تأكيداً لروح التسامح التي دعت إليها كل ديانات أبينا إبراهيم عليه السلام.
بل وقف شباب من المسيحيين السودانيين في ساحة الإعتصام ذات يوم جمعة صيفي حار وهم يظلون بقطعة قماش إمام المصلين أثناء الخطبة والصلاة. وهم طبعاً غير مجبورين على ذلك..
لكنها تربية ديانة السيد المسيح عليه وعلى أمه السلام. وهي ما دعا إليها دين الإسلام إذ قال الله تعالي في القرآن الكريم: (ولا تجادلوا أهلَ الكتابِ إلّا بالتي هي أحسنُ، إلّا الذين ظلموا منهم، وقولوا آمنّا بالذي أُنزِلَ إلينا وأنزل إليكم، وإلهكُم وإلهُنا واحدٌ ونحنُ له مسلمونْ) سورة العنكبوت ، الآية٤٦.
أختم بالنصح للإخوة في الحرية والتغييربالقول: إن تبعات الدولة المدنية قاسية ومرهقة. نعرف أنكم قمتم بالكثير مما هو مطلوب منكم. ولكننا نعرف أنكم قصرتم أيضاً في البعض. ونحن لا ننتظر منكم الكمال، فالكمال لله وحده. بيد أننا ننتظر منكم ما هو متاح.
لقد عانت الطائفة المسيحية في بلانا – وهي طائفة لعبت دورها المقدر في استقلال بلادنا وفي التنمية وفي المكون الثقافي السوداني- عانت ما عانت.
وقد لاقت ظلماً لا حدود له طيلة الثلاثين سنة من حكم الإسلامويين البائد.
واليوم يتطلعون مثل كل مواطني السودان بشتى انتماءاتهم وإثنياتهم وعقائدهم إلى الشراكة الحق في عقد اجتماعي إسمه الوطن.
أرجو ولو في الساعة الخامسة والعشرين أن تنتصروا لشريحة من السودانيين من حقهم أن يكون لهم تمثيلهم الرمزي في أركان الحكم الإنتقالي: المجلس السيادي ومجلس الوزراء والسلك القضائي. تداركوا هذا الأمر من فضلكم قبل فوات الأوان.
يكفي يا قوى الحرية والتغيير أن بعضاُ من قادة الدول الذين سيلبون دعوتكم للإحتفاء بانطلاق قاطرة الدولة المدنية ومن بينهم أمين عام الأمم المتحدة، وممثل دول الإتحاد الأوروبي وبعض القادة الأفارقة ليسوا بالضرورة مسلمين.
لكنهم قادمون ليشاركوكم فرحتكم بميلاد دولة المواطنة التي تعني أن الدين لله والوطن للجميع. أرجو كما قلت تدارك هذا الأمر ولو في الساعة الخامسة والعشرين!
فضيلي جمّاع لندن: ١٦ أغسطس ٢٠١٩ |
| |
 
|
|
|
|
|
|
Re: بشرى الفاضل\فضيلي جمّاع: المليونية\andquot;حد (Re: osama elkhawad)
|
Quote: فضيلي جمّاع يكتب
بل الأشقاء الأفارقة .. ثمّ الجيران العرب
مصدر الخبر / التحرير
-1-
لم يكن من أولويات كاتب هذا المقال ، أن يطرق موضوعاً لا يخلو من حساسية وفي هذا التوقيت بالذات. فتلك معركة مؤجلة نعرف متى وكيف ندخلها.
ما ينبغي أن يشغل بال كل غيور على السودان هذه الأيام هو كيف نعبر بسفين الثورة وسط هذه الأمواج ، إلى برِّ الأمان. فجميعنا – شعباً وحكومة – منوط بنا إنجاز الهدف الذي من أجله قامت الثورة. ثورة أدهشت العالم بإصرار فتيانها وفتياتها، وبسلميتها..
وألقت بأبشع نظام استبدادي عرفه السودان الحديث في سلة مهملات التاريخ. وطبعاً ليس من إنجازٍ دفع شعبنا ثمنه مئات الآلاف من الشهداء والجرحى أكبر من إقامة الدولة المدنية الديموقراطية بشعاراتها التي زانت مسيراتنا داخل وخارج البلاد لثمانية أشهر حسوما.
إنّ شعار : (حرية ، سلام وعدالة)، الذي ما تزال دماء شهدائنا رطبة في كل بقاع السودان لتحقيقه يعني عندنا نحن السودانيين إقامة دولة السلام والعدل وحق شعبنا في أن يعيش حرّا مرفوع الرأس في عصر الكهرباء والإنترنت ، عصر معجزات ومنجزات العلم.
إننا نريد بكامل إرادتنا العيش تحت سقف الدولة المدنية التي صاحت مطالبة بها عقيرة كل شاب وفتاة وهم يواجهون الرصاص الحي بصدور عارية إلا من الإيمان بالله وبوطن حر.
الدولة التي يمكننا العيش تحت سقفها متساوين في الحقوق والواجبات نحن ومن كانوا وما فتئوا حتى لحظة كتابة هذه السطور يضمرون الشر لشعبنا وبلادنا، حالمين بإعادة عجلات التاريخ إلى الخلف – وهو أمر مستحيل!
قلت بأنّ الكتابة حول هموم شعبنا بإقامة ما ضحى من أجله لثلاثين سنة هي ما ينبغي أن ينال الأولوية بالتصدي له. لكن بعض توافه الأمور تصبح مثل الجملة الإعتراضية ، لا قيمة لها إلا بتفسير كامل العبارة! وجملتنا الإعتراضية اليوم هي محاولة البعض استعباطنا والضحك على ذقوننا بما حاولنا عدم الخوض فيه مراعاة لحق الجيرة- وأعني هنا جيراننا العرب!
-2- في مساحة عريضة تمتد من شرق ووسط أفريقيا حتى شمالها قامت قبل أكثر من خمسة آلاف سنة ممالك كوش التي أرست حضارة ضخمة. تمتد هذه المساحة من أرض الصومال وأثيوبيا (أبيسينيا) وما يعرف اليوم بالسودان (شماله وجنوبه) حتى مصب نهر النيل في البحر المتوسط.
غني عن القول أنّ ممالك كوش في بلاد النوبة بشمال السودان بلغت طوراً من القوة أن أحد أحد ملوكها ( طهراقا) جهز جيشاً غزا به مصر الفرعونية. بل إن إحدى ملكاتها (كنداكة) هزم جيشها الغزاة الرومان.
سقت هذا التاريخ للتأكيد بأنّ جذور الشعب الذي يسكن هذه المساحة العريضة المسماة اليوم بجمهورية السودان لا يحتاج لمؤرخين أو لأخصائيين في علم الجينات ليقولوا لنا ما هو موقعنا من القارة الأفريقية.
فنحن سرة هذه القارة التي شهدت بدايات حضارة الإنسان (وهذا كلام المؤرخين وليس كلامي) ونحن فيها “الساس والراس” كما يقول أيناؤنا وبناتنا الذين فجروا الحلقة الأخيرة لثورة ديسمبر ، وما زالوا حراساً لها !
أكتب هذا وفي الأعماق من الغبن على جيراننا العرب (وأعني الأنظمة لا الشعوب ) ما لا نود فتح ملفاته. وإن اضطرونا لفتحها يوماً، فليس ثمة ما يمنعنا من الخوض فيها بقوة.
ونحن آنئذن من يختار الميقات والملف. لكني أتحدث اليوم فيما يشبه العتاب لسودانيين من بني بجدتي. فنحن السودانيون وعلى المدى القريب جداً (في الثلاثين سنة الماضية) عانينا من نظام استبدادي ما لم يعان منه شعب من شعوب المنطقة.
حروب ذهبت بثلث مساحة بلادنا. بل إنّ حرب الجنوب وحدها أزهقت أرواح الملايين من أشقائنا في ذلك الجزء الغالي ناهيك عن خراب الزرع والضرع ودمار البيئة. تدخل المجتمع الدولي آنذاك بدعوة من أشقائنا الأفارقة. أوقفوا الحرب لكنا خسرنا جنوب السودان. نعرف أن الجنوبيي قد كفاهم ما جنته عليهم ثقافة الرق التي تجذرت في السودان بعد غزو عبد الله إبن أبي سرح تحت تسمية (الفتح) .
ولأنّ الإسلام لم يتمكن في شعب من شعوب الله بالحروب وإنما بقوة العقيدة وسماحتها فقد أوقفت حروب الغزاة العرب باتفاقية مهينة سميت بهدنة (البغط)، يدفع النوبيون ما يقدر بثلاثمائة وخمسين من الرق لخليفة المسلمين في مصر ومعها بعض إتاوات أخرى. يقول البلاذري في “فتوحات البلدان”: (ليس بيننا وبين الأساود عهد. إنما هي الهدنة..على أن يدفعوا لنا الخ..).
لم يدخل الإسلام واللغة العربية السودان بالحروب. بل دخل بلادنا كما حدث بأندونيسيا واثيوبيا والصومال وتشاد على أيدي دعاة أكارم وبعض المتصوفة. لذا كان إسلامنا ولا يزال غير النسخة العربية الصحراوية. نحن مسلمون متسامحون. وكل صفاتنا السمحة التي تمنحنا جواز مرور إلى قلوب شعوب العرب وغيرهم إنما هي الإسلام الوافد إلينا مع الدعاة ممتزجاً بطقوس الثقافات الأفريقية المحلية بتاريخها ومعتقداتها الضاربة في القدم.
-3- أعود إلى حقبة الإستبداد التي جعلتنا – وبلادنا بها ما بها من الخير والرزق الوفير- أن يهاجر الملايين منا في بلاد الله الواسعة. واحتوت بلاد الخليج تحديداً أفضل كفاءاتنا من شغيلة وفنيين وخبراء في شتى المجالات. لكن لم يشفع لنا حسن السير والسلوك ولا الأمانة السودانية التي صارت مضرب مثل عند العرب. ظللنا وافدين أجانب ، لا حق لنا في الإقامة إلا بما يسمح به القانون للوافد الأجنبي.
ومن الطريف أنّ معرفة معظم المتعلمين والمثقفين العرب بتاريخنا وجغرافية بلادنا هزيلة إلى الحد المخجل. المسألة ببساطة هي أنّ السودان لا يعدو أن يكون تتمة عدد في النادي السياسي العربي (جامعة الدول العربية) وحديقة خلفية للإستثمارات غير العادلة والتي لا تراعي مصلحة غير المستثمر.
وبعد هذا كله فإنّ بعض أنظمة العرب كان تدخلها سافراً في الشأن السوداني قبل وإبان الثورة التي عملت أنظمة عربية بكل ما أوتيت لإطفاء جذوتها ، الثورة التي نالت إعجاب شعوب العالم! وفي المقابل كان دور الإتحاد الأفريقي بارزاً بالتواصل مع الثوار والطرف الآخر من العسكر الذين يمثلون امتداداً للنظام البائد، في وساطة مرثونية شاقة توجت بالنجاح.
هؤلاء هم بعضنا. ما طمعوا في أرض السودان كمزرعة لبرسيم أو حقولاً لقمح أو عمالة رخيصة في بلادهم. هؤلاء هم الأشقاء. أقف إلى جانب الإثيوبي أو الصومالي أو التشادي أو الكميروني فأغني أبسط أغنيات فنان أفريقيا محمد وردي فيرددها معي عن ظهر قلب. لا أشعر في بلده أنني آخر يحسب انتمائي إليه بفصاحة لساني.
هل ما زال التعريف الذي يقول بأن كلَّ من تكلم العربية فهو عربي – هل لا يزال هو دالة الآخرين بأننا نحن السودانيين عرب؟ وبمثل هذا التعريف هل يمكنني أن أفرض الحجة على المسرحي والشاعر النيجيري البروفيسور وولي شوينكا الحائز على جائزة نوبل في الآداب 1986م بأنه إنجليزي لأن كل مؤلفاته بالإنجليزية؟ أم أفرض الفرنسية على سينغور السنغالي وإيمي سيزار لأنّ أشعارهما في أفريقيا كلها باللغة الفرنسية؟
أكرر أنّ علاقات الشعوب موضع احترامنا وإجلالنا وتقديرنا. العرب جيراننا ، وتربطنا بهم مصالح الجيرة وتبادل المنافع. لكننا في غنى عن نصف عروبة. كما إننا لا نريد أنساب الوهم وتزييف التاريخ!
والآن يا بعض وزراء حكومة ثورة ديسمبر ، أما حان أن ترحمونا من استجداء أنسابٍ ينكرها عليكم أهلها؟ كم أخجلتمونا وأنتم ترددون بغباء : أشقاؤنا العرب وجيراننا الأفارقةّ!
بالله عليكم إستحوا !!
فضيلي جمّاع لندن في 14 سبتمبر 2019
[email protected] |
| |
 
|
|
|
|
|
تعليقات قراء سودانيزاونلاين دوت كم على هذا الموضوع:
at FaceBook
|
|