|
Re: Follow the money ... القاء القبض على وجدي ميرغني (Re: muntasir)
|
تحياتي قباني
هنا رساله مهمة لمحامي اسمه عادل عجب
الكشف والمحاسبة عن الجرائم الاقتصادية في مراحل التحول
علي عجب المحامي من القواعد الثابتة في وثائق المركز الدولي للعدالة الانتقالية القول بان " العدالة يمكن ان تعزز وتواجه الإفلات من العقاب بفاعلية اكبر اذا تطرقت للمحاسبة على الفساد والجرائم الاقتصادية" ليس كل البلدان التي انتقلت من أنظمة فاسدة تصبح ديمقراطية لحظة التغيير، وإنما يكون هناك ارث ضخم من الفساد والفاسدين الذين يعرقلون عملية التغيير بأكملها، وبالتالي مواجهة هذه التركة بسياسات ومناهج محكمة يمكن أن تضع البلاد والتغيير في مساره الصحيح، إلى أن تقضي على آخر ملامح الفساد . لقد توفي بينوشيه دون أن يحاكم على جرائم الفساد المتمثل في الحسابات البنكية التي كان يراكم فيها ثروات ضخمة وهو سلوك كل الديكتاتوريين، وكان السبب ان الذين تقلدوا مهام التغيير بعد بينوشيه اهتموا فقط بالانتهاكات الجنائية، وملاحقة بينوشيه على الجرائم غير الاقتصادية حتي انتبهو بعد وقت قريب من وفاته الى هذه الأموال الضخمة التي كشفت عنها تحقيقات أمريكية، وكان بينوشيه قد استخدم تلك الأصول في تلك الفترة.
في نيجيريا اكتشف ان الثروة التي كان يخفيها المخلوع ساني اباشا قد وصلت الى 4 مليار دولار، كان اباشا قد جمعها هو وأفراد عائلته بعمليات فساد واسعة، وتحت ضغوط أعاد مصرفاً سويسريا وآخر أمريكي في عام 2011 جزء من هذه الأموال، إلا ان النيجيريين لم يستردوا كل المبالغ وقد بقيت في يد عائلته واستمرت تفسد بها الحياة السياسية، وتبني بها نفوذها وتتمكن عن طريقها من الإفلات من العقاب بتوسيع دائرة المنتفعين. في جمهورية الكنغو اختلس موبوتو سيسي سيكو مبلغ 12 مليار دولار، لم يسترد منها أي شيء، لأن الجرائم والفظائع التي ارتكبها جعلت السياسيين والقانونيين يركزون على الملاحقة الجنائية لتلك الجرائم، في الوقت الذي كانت تلك الأموال والثروات تمكنه وعائلته وحاشيته من عرقلة عملية الانتقال بأكملها.
في اندونيسيا لم يحاكم سوهارتو عن الفساد ولا الجرائم الجنائية التي ارتكبها حتى وفاته وكان قد اختلس 9 مليارات دولار وكان ذلك أيضا بالتركيز على الشق الجنائي وإهمال الفساد الاقتصادي وقد ثبت بالتجربة ان اهمال هذا الجانب من شأنه أن يعرقل عملية الانتقال بأكملها حيث أن المنتفعين من هذه الأموال يجدون نفوذا وسط الممسكين بالسلطة وربما يكون العسكريين جزء من هذا الفساد وبذلك يتم تعزيز ثقافة الإفلات من العقاب. كما أن سلوك المقاضاة الجنائية التقليدي في ملاحقة هذه الجرائم قد مكنهم من المناورة وتعطيل الإجراءات الى حين طمس ملامح الاختلاسات وشراء ذمم مزيد من المسؤولين الذين يكون وجودهم في السلطة حافز لهم لمنع المحاكمات مقابل حمايتهم، وفي كثير من الأحيان، ينتبه من يصل الى السلطة عند الانتقال الى أن هناك ثروات ضخمة يمكن أن يحصلوا عليها بإجراء صفقات من المفسدين الذين يسعون الى اخفائها بشتى السبل.
ان المفسدين في نظام الإنقاذ قد استولوا على موارد ومدخرات السودان لفترة ثلاث عقود واحتفظوا بها باشكال متعددة من طرق غسيل الأموال. ان تجريدهم من هذه الثروات سيسهم في تمكين الديمقراطية بابتدار عملية تنمية حقيقية وإعادة بناء الاقتصاد الوطني ، كما ان تجريدهم من هذه الأموال سيوقف العديد من الانتهازين من الهبة لمساعدتهم في التحايل على الإجراءات القانونية. في تجارب السودان القريبة دروس بليغة عن قدرة القانونيين انفسهم في افساد الأجهزة العدلية والقضائية في صفقات مشبوهة لاقتسام أموال الفساد. خطوة أولى هامة: يجب في البدء ان ينتبه القانونيين و المعنيين بالتغيير الى ضرورة الحرص على ادراج الفساد الاقتصادي ضمن الجرائم الخطيرة في مرحلة الانتقال وفي أي إجراء وقتي يتخذ ضمن تدابير ملاحقة النظام السابق، سواء كانت جنائية او تتعلق بتدابير العدالة الانتقالية وبالتالي تسير في نفس الاتجاه الذي تسير فيه عملية التغيير بأكملها. أن تعامل المعلومات والمستندات المتعلقة بفساد النظام السابق بقدر عال من الاهمية لان ارجاع الاموال التي تم تهريبها الى الخارج وغالبا ادخالها في عمليات غسيل الاموال لطمس مصدرها، يعتمد بشكل كبير على المستندات التي يتم ضبطها وتحريزها داخلياً.
انشاء مفوضية الإصلاح الاقتصادي واجتثاث الفساد ومحاسبة المتورطين في جرائم الفساد
تكوين الحكومة الانتقالية يجب أن يكون مركزا على إنشاء المفوضيات التي تضطلع بالمهام الأساسية لوضع ترتيبات انتقالية واضحة لتحقيق الانتقال الفعلي على الأرض. وما يجب أن ينتبه له السودانيين أنه في الفترة ما بين العامين 1974 الى 2004 قد أنشئت 34 لجنة حقيقة كانت ثلاث فقط من ضمنها اختصت بملاحقة الجرائم الاقتصادية وهو ما يشير الى عدم الانتباه المبكر في مرحلة الانتقال الى اهمية ملاحقة الفساد. وفي نفس الوقت يشير الى بداية الاهتمام بإنشاء مفوضيات متخصصة لملاحقة الفساد. السودان جزء من اتفاقية الأمم المتحدة لمحاربة الفساد وبالتالي إنشاء المفوضية هو جزء من التزامات السودان وفق هذه الاتفاقية، وبمجرد الاطلاع على الاتفاقية يمكن للقائمين على الفترة الانتقالية التعرف على الخطوات التي يتوجب عليهم اتخاذها بأسرع ما يمكن. استرداد الأموال التي تم استيلاء عليها في عمليات التمويل المشبوهة
قضايا الديون ذات القروض التي تمنح من بيوت التمويل بصفقات تنم عن ملامح فساد واضحة تعتبر من القضايا الملحة التي يجب ملاحقتها اول باول. وهذا الامر اصبح الآن ايسر وواضح من حيث التدابير ، فقد حدث تطور كبير في آليات محاصرة هذه الأنظمة المالية التي ساهمت عن طريق التمويل الفاسد إلى إطالة عمر الديكتاتوريات وتقويتها للاستمرار في رهن المزيد من موارد البلاد مقابل الفوائد العالية التي لا تهتم لها الديكتاتوريات طالما انها تحصل على التمويل لتدفع فاتورتها الشعوب في أجيالها القادمة فقرا وتشريدا. ومن التقدم الذي أحرز في هذا المجال هو أن تم إقرار نظم لمحاربة غسيل الأموال ضمن التشريعات الداخلية وفق اتفاقية الأمم المتحدة لمحاربة الفساد، وأصبح من الممكن للشعوب الضحية أن تتبع إجراءات قانونية واضحة لاسترداد ثرواتها. وقد اضطرت الى هذه الاجراءات بعض البلدان التي طفحت سمعتها في اجتذاب أموال الديكتاتوريات التي تسيطر عليها كودائع استثمارية كما حدث في سويسرا والمملكة المتحدة. عملية كشف موطن الأموال والعوائد المتحصلة من أموال الفساد يجب أن تسير في اتجاهين،المسار الأول هو القيام بعمليات تحقيق داخلية عبر اتيام مؤهلة من المتخصصين في الأنظمة المصرفية وعمليات التمويل الدولية والسرعة في ضبط المعلومات الأساسية والمستندات التي تشير الى مكان الاحتفاظ بتلك الأموال. المسار الثاني هو استخدام سلطة الدولة في مخاطبة الأجهزة المعنية بملاحقة الفساد في تلك البلدان وفي هذا يجب أن يكون لاتيام المفوضية سلطات دستورية كافية تمكنها من القيام بهذه المهام بعيداً عن البيروقراطية، ويتحتم على هذه الاتيام الاستعانة بجهات متخصصة في كشف وملاحقة الاموال المستولى عليها عن طريق الفساد، هذا لأن العديد من الأموال عادة ما توضع في دول أوروبية يتطلب ملاحقة الأموال ضمن منظومتها القانونية السير في إجراءات عقيمة عبر ممثلين قانونيين يستهلكون في تلك البيروقراطية نصف الأموال المستردة إذا نجحت العملية وهو أمر مقصود بالضرورة. اتفاقية الأمم المتحدة لمحاربة الفساد 2005 هذه الاتفاقية الحديثة نسبيا وضعت مبادئ مهمة في محاربة الفساد، أولها مبدأ حق الشعوب في استرداد الاموال ، وعلى اثر هذه الاتفاقيات تطورت العديد من التشريعات في البلدان التي نفذت الاتفاقية ضمن محاربتها لعمليات غسيل الأموال ومن ضمنها الولايات المتحدة وبريطانيا، ويمكن استخدام القانون الأمريكي ضد مرتكبي هذه الجرائم من غير الأمريكيين، وقد رفعت تلك التدابير من مستوى عدم التسامح مع المفسدين الذين يهربون بأموالهم الى تلك البلدان. الملاحظ في السودان أن التوثيق الذي يقوم به المواطنين للجرائم التي ارتكبها نظام الإنقاذ في جانب كبير منه يكشف عن عمليات فساد منظمة اختلط فيها النفوذ السياسي والقرابة والمصاهرة بالمال العام والخاص، مما يعني أن الفساد يجب أن يكون هو الإطار الأشمل الذي تسير كل عمليات الإصلاح ضمن إطاره، ففساد الأنظمة العدلية يجب ان ينظر اليه من معيار الفساد الاقتصادي قبل ان يكون فسادا إداريا او مهنيا وبالتالي تأخذ الصورة الأكبر في الظهور وتتمكن كل عمليات الإصلاح من التوصل إلى المسببات وحجم الأضرار والضحايا وبقدر التوصل الى الاضرار يتم التوصل إلى الضحايا، وبالتالي مزيد من المعلومات ومزيد من الاقتراب من قضايا السودانيين وخبراتهم و مشاهداتهم.
النظر الى ملاحقة الفساد الاقتصادي وعلاقته بمفوذ المليشيات ففي سيراليون أشار تقرير لجنة الحقيقة والمصالحة الى ان "سنوات الحكم السيء والفساد المستشري وإنكار حقوق الإنسان الأساسية هي من بين الأسباب التي أفضت إلى النزاع المسلح وبروز شركات محددة لاستخراج الماس كانت على صلة بمجموعات مسلحة في البلاد". وفي السودان أصبحت هناك مجموعات مسلحة تنشيء امبراطوريات لتعدين الذهب وتهريبه الى خارج البلاد وقد يكون الاهتمام المتعاظم لدول الاتحاد الأوروبي بجبل عامر هو محاولة لضمان استمرار عمليات تهريب الذهب. إن الكشف عن الجرائم الاقتصادية وملاحقة فساد الأنظمة الديكتاتورية من أعقد المهام. إن الفساد الذي إستمر لعقود قد أدخل العديد من أجهزة الدولة في عمليات الفساد، وبالتالي يصبح هناك إمكانية أكبر للمماطلة وإطالة أمد التحقيقات الى أن تفسد العملية بأكملها. السودان طرف مصادق على اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الفساد صادق السودان على اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الفساد في سبتمبر 2014 وبذلك اصبحت جزء من التشريعات السودانية التي يجب انفاذها بشكل كامل. وهي اتفاقية مهمة بعد أن أصبحت من أكثر الاتفاقيات قوة بسبب الاقبال الواسع في المصادقة عليها (186 دولة). هذه الاتفاقية وضعت أسس دولية جديدة لملاحقة الأموال المنهوبة وغسيل الأموال خاصة من بلدان العالم الثالث، ودخلت حيز النفاذ منذ أكتوبر 2003. ضرورة أن يكون اختيار أعضاء المفوضية على أساس المبادئ التي أرستها الاتفاقية وأن يكون اختيار الاشخاص على اساس الخبرة لتشكيل فريق من ذوي التخصصات الدقيقة في محاربة الفساد يتمتعون بالقدرات المطلوبة وليس على أساس المحاصصات السياسية. يجب أن يستبعد من المفوضيات كل من تكون حوله شبه فساد او مساندة المفسدين في النظام السابق لأنه من شأنه أن يعيق كل عمليات الملاحقة. أن يكون عمل المفوضية محددا بجداول زمنية توضح فيها الأهداف والنتايج المفترض تحقيقها ويكون هناك جهة تراقب أداء المفوضية وتقيم الإنجازات مقابل المهام المدرجة في جدولها. الاستعانة بخبراء في الدول التي لها تجارب في محاربة الفساد والاستفادة من المساعدات الفنية التي يمكن أن تقدمها الأمم المتحدة ممثلة في اللجان الدولية المنشأة على أساس اتفاقية محاربة الفساد.
| |

|
|
|
|
|
تعليقات قراء سودانيزاونلاين دوت كم على هذا الموضوع:
at FaceBook
|
|