هل نسي الجيش السوداني كيفية عمل الانقلابات ام هي مسرحية؟ ----------------------------------------------ه بقلم : سيف الدولة احمد خليل
عندما انقلب الجنرال السابق ابنعوف على الرئيس الاسبق خرج الينا ببيان ليس هو البيان الأول كما علمتنا العسكرتارية على مر التاريخ، فقد كان بيانا باهتا ماسخا يشبه من تلاه، لم يلغي قائما ولم يحل مربوطا، فرفضه الشعب مرة واحدة، ليتنحى لجنرال آخر هو عبد الفتاح برهان، وعرفاََ، هذا انقلاب ثان لا يُعفى من صفة الانقلاب بسبب انه تم بتراضِِ واتفاق. ولقد جاءت المارشات العسكرية مبشرة بإذاعة الرجل لبيان، فعندما اطل علينا لم يذع بيانا وانما قدم خطابا سياسيا وسياسياََ هذه اسوأ ما يمكن ان يوصف بها الخطاب، لأن المقام ليس مقام سياسة، فالرسالة الاساسية لهذه الاطلالة ينبغي ان تكون بيانا انقلابيا ان لم نصفه ب"ثورياََ" .ايضا لم يلغي خطاب البرهان قائما ولم يحل مربوطا. اخطر ما جاء في الخطاب غير خلوه من مطلوبات الثورة، تحديده "لفترة انتقالية عمرها سنتان يتم خلالها او بانتهائها تسليم السلطة لحكومة ياتي بها الشعب" حق لنا ان نتوجس فالجنرال يعلم تماما بأن مطلوب الثوار هو فترة انتقالية تبلغ اربع سنوات، فلم الاستعجال؟ ومتى كان العسكر يركلون السلطة ولا يستَحلُونها؟ لم ذكر كلمة "خلالها" هذه ما الذي يجعله يضع احتمال الا تكتمل فترته الانتقالية التي حددها؟ ثم لم القول بحكومة يأتي بها الشعب دون تحديد لمن هو هذا الشعب وكيفية اتيانه بهذه الحكومة؟ هل صعب على الجنرال ان يقول حكومة منتخبة او بالانتخاب؟ ثم لماذا تتطابق الفترة المحددة مع مقترح الرئيس الاسبق ومؤتمره اللاوطني اليست هي انتخابات ٢٠٢٠؟ ولربما هذا ما يفسر كلمة "خلالها" التي حشرت للبرهان في خطابه.. ف ٢٠٢٠ في امدها لا تتطابق مع انتهاء السنتين وانما تتطابق "خلالها" المحشورة عنوة في سياق الجملة المشار اليها. المعلوم بالضرورة ان اي انقلاب يعني الغاء النظام الذي سبقه مؤسساته، قوانينه والتضييق على رموزه وحواضنه الاجتماعية وهذا ما لم يكن شاغلا لاي من الجنرالين اللذين انقلبا على الرئيس الاسبق رغم ان ذلك من روتينيات الانقلابات العسكرية التي لا تؤجل. ومن البدهيات ان أول مبررات الانقلابات العسكرية هو الحفاظ على الامن، بينما انقلابنا هذا او قل انقلاباتنا هذه ،لا اقول، انها تُفَرِّط في الامن وانما تتعامى عن ذلك. مهنية الجيش لا تسمح ابدا بوجود قوات عسكرية او مليشاتية غير قانونية، ولكننا نجد ان جيشنا الهمام ليس له ردة فعل على مليشيات الاخوان الاجرامية، كالامن الشعبي، الامن الوقائي، الامن الايجابي، الامن الطلابي وغيرها من مليشيات عالية التسليح. بحكم المهنية فقط كان من المحتم اعلان احد الجنرالين حل هذه المليشيات وعدم قانويتها والسعي لمصادرة سلاحها ومقارها ومنقولاتها ومتحركاتها واموالها والتحفظ على منتسبيها لحين محاسبتهم على جرائمهم وازهاقهم لأرواح العباد. كما لا يستقيم عقلا ان تكون البلاد تحت انقلاب يرفع حالة الطوارئ ويفتح المعابر قبل ان يزيل خطر من انقلب عليهم، فضلا عن الابقاء المتعمد على الهيئة العدلية للنظام السابق بكاملها فهذا ثلث النظام لم يمسه سوء، ان قلنا ان الحكومات تتكون من هيئة تنفيذية، تشريعية وقضائية. بل ان الجهاز التنفيذي لم يلحق به تغيير خلاف ابعاد وزراء الوزارات التي يديرها طاقم وكلاء اخوانيين!!! وظلت في خضم هذا التساهل والتعامي شركات الفساد الاخوانية قائمة لم يتحفظ عليها او على مالكيها ومديريها. والبعثات الدبلوماسية لا زالت تعمل ولم تستدعى علما ان هنالك سفارات هي ليست بسفارات وانما هي اوكار للجريمة وادارة فساد الحكومة ومنسوبيها من صفقات مشبوهة وغسيل للاموال ورعاية استثمارات العصابة الحاكمة كما هو الحال في سفارات النظام الخليجية، وسفاراته في الصين، روسيا، اثيوبيا وماليزيا. اعلام النظام الحكومي والخاص لا زال قائما بمؤسساته وشخوصه الذين اشبعوا الثوار اساءة وبذاءة، وجهاز الامن لا زال قائما بقانونه اللاأنساني، ويسمح لرئسيه الدموي ان يستقيل!! بل ويتم تعيين اثنين من الجنرالات الاخوانيين لادارته الجنرال برهان اما ان يكون حسن النية وليس له باع في السياسة، او انه يمارس عملا موكلا اليه في اطار خطة لاجهاض الثورة أو انه اسير لتوجيهات العناصر الاخوانية داخل الجيش وقيادته أو انه متخوف تخوفا لا مبرر له. فالرجل قد احتاز على ثقة الجيش ودعمه اللامحدود له، غير التأييد اللامطلق من الثوار ، فهو يتحرك بشرعية شعبية ثورية وعسكرية فما عليه الا ان يتحرر من اسار الاخوانيبن في الجيش والا يتخوف من العهد البائد وفلوله وما عليه الا ان يجعل انقلابه ثورة حقيقية بالآتي: * حل حزب المؤتمر الوطني والحركة الاسلامية ومصادرة مقارهم واموالهم ومنقولاتهم ومتحركاتهم لصالح الدولة *حل جميع المليشيات، والمجموعات الحاملة للسلاح خارج القوات المسلحة، ومصادرة اسلحتهم، اموالهم ، مقارهم، منقولاتهم ، متحركاتهم واعتقال منسوبيهم ومحاسبة المتورطين منهم في اعمال الفساد، العنف والقتل. * اعفاء رئيس القضاء، ورئيس المحكمة الدستورية العليا، والحزبيين والعناصر الامنية في المحكمة العليا ومستوى الاستئناف وكل مستويات القضاء، وتكليف قاضِِ وطني من اهل الكفاءة لاعادة ترتيب الجهاز القضائي تماشيا مع مطلوبات الثورة. * حل المحكمة الدستورية الي ان تقرر الحكومة المدنية في امرها * ترتيب النيابة بما يتناسب مع المرحلة بعزل وكلاء النيابة المسيسين والمنتمين لجهاز الامن * استدعاء جميع السفراء والملحقين، الي وزارة الخارجية بالداخل لترتب الحكومة المدنية اوضاعهم على ان تدارالسفارات مؤقتا بموظفين عاديين لتأدية العمل القنصلي. * اعفاء وكلاء الوزارات، وايكال ادارة اعمالها لكبار الموظفين المهنيين من غير اهل الولاء الي حين تولى الحكومة المدنية الامر * ضرورة اعتقال الرئيس الاسبق عمر البشير، إن لم يجر تهريبه وزوجته واخوانه وجمال الوالي واسامة عبدالله وقيادات المؤتمر الوطني والحركة الاسلامية وكل من شغل منصبا سياسيا منذ العام ١٩٨٩، وكل من تورط في جرائم الحروب والمطالبة بمن هُرِّب أو هرب او صادف وجوده خارج البلاد وان يكون الاعتقال بائنا ومعلن عنه * اعفاء القيادات الاعلامية والسيطرة على الاجهزة الاعلامية الحكومية والخاصه والزامها بخط الثورة وابعاد عناصر النظام السابق فيها * اعادة هيكلة جهاز الأمن والمخابرات الوطني، واعفاء قياداته الحزبية والغاء قانونه واعفاء الجنود التابعين له وابقاء الكفاءات والمتخصصين. مع ضرورة مصادرة الشركات التابعة له، وأموالها ومقارها ومنقولاتها ومتحركاتها لصالح الدولة. * الاعلان عن إلغاء ومراجعة كافة الاتفاقيات الاستثمارية، والاقتصادية، التي قضت ببيع أراضي البلاد أو ايجارها ايجارا طويل المدي، أو التي قضت ببيع وايجار الموانئ و إقامة مشروعات لا تتوافق مع قوانين الاستثمار، لصالح دول او أشخاص من دول أخرى. * وضع الجهاز المصرفي بكامل مؤسساته تحت الحراسة القضائية مع اعفاء اداراته والتحفظ عليهم واعلان محاربة الفساد المستشري فيه. * إعلان السلام التام في السودان مع جميع الحركات المسلحة، بايقاف اطلاق النار والغاء كل الاحكام القضائية على منسوبيها ودعوتها الى البلاد للمشاركة في المرحلة الانتقالية وادارة حوار يفضي الي تحقيق مطالبهم والوصول الي كلمة سواء. ولنعلم نحن وليعلم العسكريون والجنرال برهان ان اي ثورة في الدنيا لها مدخل واحد، إن تحاشت الولوج منه واختارت بابا آخر فقد فشلت، وباب النجاح لهذه الثورة هو ازالة آثار الانقاذ وفقا لما اقترحنا من نقاط. فأنه ليس من الضرورة ان تكون كل الثورات ناجحة، فقليل منها نجح وكثير اصيب بالفشل والفشل هو ولوج الباب الخطأ، واخشى ان نكون قد فعلنا فقد كان الحلم ان ينهض صغار الضباط لهذه المهمة الا انه قد نهد اليها الجنرالات الكبار وهم في الغالب جزء من الانظمة السياسية، خاصة في نظام كالانقاذ التي لم تكن لتسمح بأن يكون كبار قادة جيشها من غير المؤدلجين أو الفاسدين أو المُفسَدين أو من ضعاف الشخصيات أو ممن لا لون ولا طعم ولا رائحة لهم ومثل هؤلاء يحسبون على " الكتيرة" فهم امعات ليس الا. ويتضح من تكوين المجلس العسكري ان غالب افراده من الضباط المؤدلجين، الذين يلتفون على الثورة بالتباطؤ وبدعوتهم لقوى سياسية غير قوى الثورة للحوار، ليست هنالك قوى سياسية في السودان اليوم بخلاف القوى التي قبلها الثوار قيادة لهم، فلا داعي للالتفاف لادخال المؤتمر الوطني واحزابه المستنسخة واحزاب وجماعات الهوس الديني. فالثورة اختارت قادتها وحددتهم. آفة الثورات هي الثورات المضادة التي تتربص بها، الا ان الطريف في امرنا اننا لم نتح للثورة المضادة ان تتربص بنا او تطاردنا، وانما بعفوية قررنا ان نجلس على حكرها. نحن نركض خلف ثورتنا المضادة ونحلم بأن تحقق لنا اهدافنا. خلاصة الامر ان الخطاب والاداء البرهاني مخيبان للآمال، ولا يجب ان يفرح لهما ثائر اعلاء المخاوف اوجب من الركون الي حسن النوايا والتفكير المتفائل. وليكن الفيصل بيننا وبين البرهان اعلانه لما تفضلنا بالاشارة اليه وفق جدول زمني عاجل. فإن لم يفعل فلا حوار ولا تفاوض والجماهير المرابطة امام القيادة قادرة على حماية ثورتها واسقاط كل من يحاول الالتفاف عليها.
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة