الأستاذ محمود كان أول سوداني نادى بالعصيان المدني في السودان، وضمنه في دستور حزبه الحزب الجمهوري في عام 1951 وضمنه في كتاب آخر هو "قل هذه سبيلي" (صدر في 1952).. يطيب لي أن أضع المذكرة التفسيرية التي جاءت متضمنة لمسألة العصيان المدني كوسيلة لإخراج المستعمر من السودان: ((مذكرة تفسيرية
الحزب الجمهورى دعوة الى مدنية جديدة تخلف المدنية الغربية المادية الحاضرة التى اعلنت افلاسها بلسان الحديد والنار فى هذه الحروب الطواحن التى محقت الارزاق وازهقت الارواح ثم لم تضع اوزارها الا وقد انطوت الضلوع على حفائظ تجعل فترة السلام فترة استعداد لمعاودة الصيال من جديد بصورة اكثر بشاعة واشد تسعيرا .. والفلسفة الاجتماعية التى تقوم عليها تلك المدنية الجديدة ديمقراطية اشتراكية تؤلف بين القيم الروحية وطبائع الوجود المادى تاليفا متناسقا مبرأ على السواء من تفريط المادية الغربية التى جعلت سعى الإنسان موكلا بمطالب المعدة والجسد ومن افراط الروحانية الشرقية التى اقامت فلسفتها على التحقير من كل مجهود يرمى الى تحسين الوجود المادي بين الاحياء ، وطلائع هذه المدنية الجديدة اهل القرآن الذين قال تعالى فيهم "وكذلك جعلناكم امة وسطا" اى وسط بين تفريط الغرب المادى وافراط الشرق الروحانى ودستور هذه المدنية الجديدة "القرآن" الذى تقدم بحل المسالة التاريخية التى اعيت حكمة الفلاسفة: مسالة التوفيق بين حاجة الفرد الى الحرية الفردية المطلقة وحاجة الجماعة الى العدالة الاجتماعية الشاملة .. وسمة هذه المدنية الجديدة الانسانية أنها ترى ان الاسرة البشرية وحدة وان الطبيعة البشرية حيث وجدت فهى بشرية وان الحرية والرفاهية حق مقدس طبيعى للاسود والابيض والاحمر والاصفر. وسيبدا الحزب الجمهورى بتنظيم منزله ومنزل الحزب الجمهورى السودان بكامل حدوده الجغرافية القائمة الى عام 1934 ذلك بان هذه المدنية الجديدة لا بد لها أن تطبق داخل هذه الحدود قبل ان تسترعى انتباه الانسانية اللاغبة الضاربة فى التيه وأول خطوة فى سبيل تطبيقها اجلاء الاستعمار فى جميع مظاهره اجلاءا تاما ناجزا وسلاحنا فى اجلاء الاستعمار عدم التعاون معه اول الامر ، نبلغ بعدم التعاون هذه درجة العصيان المدنى اخر الامر ، فإذا تم ذلك فقد أصبح بقاء الإستعمار ضربا من المحال. وأما سبيلنا الى تحقيق العصيان المدنى فهو الاستقتال فى سبيل نشر الدعوة حتى تتم لنا الوحدة القومية بخلق سودان يؤمن بذاتية متميزة ومصير واحد يفهم افراده المسائل العامة على نحو قريب من قريب فتزول بذلك الفوارق الوضعية من اجتماعية وسياسية فترتبط اجزاء القطر من شماله وجنوبه وشرقه وغربه فيصبح كتلة سياسية واجتماعية متحدة الأغراض، متحدة المنافع، متقاربة الإحساس ..))
ـــــــــــــ وجاء في خطاب الأستاذ إلى الدكتور محمد النويهي الذي كتب نقاط نقدية لكتاب "قل هذه سبيلي":
(( وأيسر ما يقضي به العمل بالحق عدم التعاون مع الباطل – فإنك حين تدفع الضريبة لحكومة مستعمرة، أو حكومة مفسدة، إنما تعينها على باطلها، وتتحمل بذلك كفلا من إصرها.. وأيسر سبيليك أن تمتنع عن إعانتها، وتأبى التعاون معها.. وهذا ما عنينا بالعصيان المدني، الذي لا يجلو الإستعمار بأيسر منه، ولا أقل))
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة