الي ابنتي شيماء وهي تكمل شهرها الثاني في معتقلات النظام كوني بخير يا نخلة سامقه ويا علما يخفق فوق ساريه
__________________
ستون يوما قد انقضت وانتي خلف القضبان... ستون وانا لم اسمعك تناديني بابا او تجادلين فيما هو كائن وما ينبغي أن يكون ستون وانا اشفق عليك واحزن يا بنت عشرينين واسائل نفسي هل تحتملين وانا مدرك من تكونين ستون وانا ارحل إليك كل ليلة اخترق الجدران والحيطان لاراك ماذا تصنعين.. كيف تعيشين.. ماذا تأكلين.. وكيف تنامين... من ترافقين... ستون وكنت علي وشك ان تخطبين ويضج البيت فرحا وانت ترفلين بعدها في الحناء والقرنفل وزغاريد الاهل والمباركين ... هكذا هم الهمج المغول يقتلون الروح ويصادرون الفرح ويزرعون الحزن في كل بيت وقلب أم وأب واخت وشقيق ثم لا يتورعون ان يحدثوننا عن الدين الذي يريدون ان يقيمون ويقولون لنا انهم رساليون ....... ستون وانت تغدين تروحين وتعودين بين السجن ومكاتبهم يريدون ان يعرفوا منك ما المؤتمر السوداني و أين ابيك مختف وهل تعلمين.. وانت صامدة لا تنكسرين وانا نصف حر ونصف سجين اقاوم واعلم انهم يريدونني ولكنهم لا يأتمنون وان سلمت افتديك فهم لا يوفون ولا يصدقون في وعد ولن تخرجين الا بذهابهم وسقوط من جثم علي صدر بلادنا سنين وسنين رغم صغر سنك انا اعلم صلابة عودك و من تكونين وموقن من حبك لبلادك الذي رضعتيه سنين وقرأتيه في التاريخ والكتب التي تعشقين وتحرصين علي اقتناءها وقراءتها اكثر من حرصك علي شراء قارورة عطر وحذاء وفستان وادوات تجميل وانك اخترتي طريقا تعلمين فيه حجم المخاطر والأشواك والعقارب والثعابين وفي العام الماضي غشيتي سجونهم وخرجتي اكثر ثباتا وإصرارا ويقين علي المضي قدما وهذا العام بقلب الاب كنت اخشي عليك من وحشة السجون والاعتقال الذي خبرت وعرفت والوقوع في قبضة اللئام وكنتي تقولين يا بابا انت تقول للناس اخرجوا وتخاف علي.. واقول انا لا اريد ان امنعك التظاهر ولكني انبهك لتحطاتي منهم وانتي لا تبالين... وكأني بك ترددين إنا والله انا لا نخشي هذه الجنه وكنت صادقة لا تخافيهم و كان الأنبياء الادعياء المنافقون كاذبون....وهم الجنة والشيطان والابالسة الملعونيين.... وهكذا كنتي مقدامة وجسورة في كل مظاهرة تحرصي ان تكوني في مقدمة الصفوف وكان حبك لبلادك وللحرية اكبر حافز وابقي من كل خوف وقيد وسجن ورصاص وبمبان..... صبرا شيماء يا نخلة سامقه من نخلات بلادي ويا وعيا ساطعا وعطاءا دفاقا... كم احبك وافتخر بك واعتز واباهي وانتي تضيفين نجمه الي كتفي وتسمقين عاليه وتخفقين كعلم في ساريه وتمنحينني الأمل أن شعبا بناته في السجون والشوارع لن يبقي ابد الدهر يرسف في الاغلال والسلاسل والسجون وأنه قادر ان يستشرف افقا جديدا ويصنع الوطن الذي يستحقه وطن الحرية والديمقراطية والعيش الكريم....... كوني بخير وتقبلي تحيات امك وأهلك وعمتك زبيده ومدينه التي لا تكف من البكاء عليك ليلا ونهارا ونسيت ان ابلغك ان عمك حافظ الحضيري قد رحل وكان قد جاء قبل رحيله يسأل عنك ويطمئن عليك وانا لم التقيه الا في المقابر خلسة وعلي عجل أحداث واخبار كثر ستوافيك بها اماني ان منحوها اذنا بالزيارة لا يزال الطلب قيد النظر.. هناك الآلاف المعتقلين وعشرات الشهداء وقد يأتي دورك وقد يتأخر تقبلي تحيات إسراء وعبير ومروة وكل الاهل كلهم يحبونك ومشعل وشهاب فرغا من الامتحانات بالأمس اخيرا رغم الليل الذي تطاول و الأحزان ورغم كل شئ لا تزال لساتك الثورة ونيرانها مشتعله في الشوارع ولا يزال رفاقك واخواتك اكثر اصرارا علي ذهاب النظام ولعلك قد سمعتي هتافاتهم في موكب المعتقلات الاسبوع المنصرم وهم يطالبون بإطلاق سراحكن عذرا ان تأخرت رسالتي هذه ٦٠ يوما فقد كنت اكتبها كل يوم ثم امزقها ممنيا النفس انك ستخرجين كل لحظة واخري حتي صارت ستون يوما ..... بلغي تحياتي لكل صديقاتك الجدد اللائي تعرفتي عليهن في سجن النساء وكم سعدنا بصديقات العام الماضي واهلهم كوني بخير غدا ستشرق شمس الحرية وتعودين الي دفء البيت وحضن امك وابيك وتنامين هادئة ملء جفونك لن تكون هناك كوابيس السجن ولا السجان
إبراهيم الشيخ عبد الرحمن الخرطوم الجمعه ٢٢ فبراير ٢٠١٩
02-23-2019, 05:40 PM
Yasir Elsharif
Yasir Elsharif
تاريخ التسجيل: 12-09-2002
مجموع المشاركات: 48834
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة