|
Re: اخيرا مجموعة الطفل الابنوسي : من دار رفيق� (Re: adil amin)
|
Quote: الطيب والشرير والقبيح الاهداء الي روح الشهيد الراحل الاستاذ محمود محمد طه
كانت جدتي الحرم امرأة تجللها الحكمة , عندما كنا صغار نعود إلى قريتنا الوادعة في شمال السودان مورا في موسم حصاد التمر كانت تسكن في بيتها وحيدة بعد رحيل زوجها ود العقيد منذ أمد بعيد وقد أعلنت مرارا أنها لن تربط حمار في مكان حصان وفي الليالي المقمرة نقبع نحن الصغار عند قدميها وتحكي لنا " كان يا ما كان في قديم الزمان سلطان , هذا السلطان عندما طال به الأمد طغى وكاد ان يقول أنا ربكم الأعلى بلغ الصلف والتعسف به مداه ن جمع يوما علماء السوء حوله وزعق فيهم حتى كادت تسقط سراويلهم وعبس وبسر وقال : أريد منكم ان تعلموا بعيري هذا القراءة والكتابة . أسقط في أيدي القوم ، امتلأت قلوبهم رعبا ، هذا السلطان يعي ما يقول ويجب أن يطاع في المنشط والمكره كيف يتسنى لهم أن يعلموا هذا الحيوان الأعجمي الكتابة ؟! اجتمع العلماء يتداولون أمرهم ، وأمر هذه المصيبة التي وقعت على رؤوسهم الفارغة وكروشهم الممتلئة , بعد حين صاح كبيرهم الذي علمهم السحر "وجدتها وجدتها " كما فعل أرخميدس عندما أكتشف قانون الطفو ، حملق فيه بقية العلماء في دهشة يشوبها الارتياح , لابد أنه الحل الذي سينقذ رقابهم ابتسم كبيرهم في خبث ومسد لحيته الصفراء ومد عنقه طويلاً وأردف " الشيخ فرح ود تكتوك " عدونا الكبر الذي يؤلب عينا المزارعين نخبر السلطان أنه لا أحد يقدر على هذا العمل الفذ سوى الشيخ فرح وله باع كبير في هذا الشأن منها تتخلص منه ونزيح عن كاهلنا هذا العبء الكبير . ووافق الجميع دون استثناء . كان إقناع السلطات من أسهل الأمور التي يتقنها كبير السحرة ، كان يجيد لحن القول ، تمكن فعلاً من إقناع السلطان واكتملت خيوط ألموا مرة . في الصباح حضر الشيخ فرح بين يدي السلطان ومعه أربعه من تلاميذه النجباء ، كان يقف شامخاً كالطود وبصوته القوي الواثق أعلن عن موافقته على تعليم البعير ، لكن بشرط أن يمهله السلطان سبعه أعوام ، آذن له السلطان بذلك خرج الشيخ الجليل مع تلاميذه يقود البعير وسط دهشة حاشية السلطان وعلماؤه اللذين تنفسوا الصعداء وأنتشر الخبر وعم القرى والحضر . كان تاج الدين تلميذ الشيخ النجيب وأحد الأربعة يعلم المؤامرة التي حاكها كهنة ، سدنة القصر وأقبل على أستاذه في جزع بعد مبارحتهم القصر يستفسر عن كيفيه تعليم البعير , تنهد الشيخ وردد الكلام الذي أثلج صدر تلميذه البار "يا أبني بعد سبعه أعوام لكل حادث حديث , أما ان يموت الأمير أو البعير أو العبد الفقير" ثم التفت الشيخ يخاطب تلاميذه في نبرة آسرة " يا أبنائي إياكم ومجالسة السلاطين فإنهم يأخذون من دينكم أكثر مما تأخذوا من دنياهم " مضت السنتين تباعاً استدار الزمن دوره كاملة وطحن برحاه الكثير من أبناء البلاد المساكين وأزفت الساعة المرجوة وجاء جنود السلطان في طلب الشيخ الجليل اغتسل الشيخ ذلك اليوم وصلى ركعتين ورفع يديه إلى السماء متضرعاً "يا حي يا قيوم عبدك الفقير لا يصل إلى الخرطوم " . وكان للعبد الصالح ما أراد في الطريق من أم ضووا بان إلى الخرطوم مات العبد الفقير واجتاح الطوفان الغاضب البلاد وهرب الأمير وتلى ذلك أن حكم البلاد البعير !! ***** " طارت ثم حطت ودخلت في مؤخرة أصغركم " هكذا كانت الجدة العزيزة تختم قصصها البديعة على هذا النحو الفاحش ، وينفجر أخي الصغير باكياً مع ضحكاتها المجلجلة … طيب الله ثراها.
|
ودي قصة من المجموعة للزوار بمناسبة الذكرى 35 لرحيل الاستاذ وشكرا لانكم تقراؤن ولا تتبعون كل دع الي امر نكر
| |
|
|
|
|