بعد الاتفاق بين المجلس العسكري الانتقالي السوداني وقوى إعلان الحرية والتغيير على ترتيبات نقل السلطة للمدنيين، بعد أن طالت وتعسرت على مدى خمسة أسابيع ثم استقر أمرها مؤخراً، وبانتقال السلطة إلى قوى الثورة وتقنين دور القوى النظامية في دعم وحماية الثورة تكون مرحلة جديدة قد دخلت السودان، ينبغي أن يكون عنوانها «دقت ساعة العمل»، إذ إنها تشير إلى نهاية فترة نضالية ممتدة وغنية ببطولاتها وتضحياتها وإبداعاتها مفسحة المجال لمرحلة أكثر حاجة للبذل والعطاء ونكران الذات والانقطاع لبناء الوطن الذي عاث المخربون فيه فساداً على مدى ثلاثة عقود. لقد بذل شعب السودان في سبيل الوصول لهذه المرحلة جهوداً جبارة، وقدم تضحيات جساماً، وأبدى شبابه ونساؤه جسارة غير مسبوقة، وتحملوا مشاق النضال ومهروه من دمائهم الذكية، ومشوا على طريق هم كانوا أدرى بمصاعبه، ولكنهم كانوا على قدر التحدي. والآن وقد انتهينا من «الجهاد الأصغر» وآلت للثوار مقاليد الأمور تدخل مرحلة (الجهاد الأكبر).. جهاد بناء وطن عانى من عدوان منظم وممنهج من عصابات المافيا التي أدارت شؤونه، فاستباحت المال العام، واختطفت الدولة السودانية عبر سياسات التمكين، ونهبت أموالها واكتنزتها في بنوك خارجية، وتركت الخزائن فارغة، والمرافق منهارة، والمؤسسات محطمة، وأسوأ من هذا ما أصاب الإنسان السوداني من إحباط، وما لحق به من شرور ومفاسد سياساتهم، مما يعني أن عملية إعادة البناء ستكون شاملة، وستشكل تحدياً كبيراً يحتاج منا إلى جهد مضاعف. إننا نحتاج منذ اليوم لأن نغير خطابنا مع جماهير شعبنا، من الشحن والتعبئة في مواجهة النظام، إلى الشحن والتعبئة لتحمل تبعات وإعادة بناء وطن أسلموه لنا، بعد أن هبطت مرافقه إلى الحضيض، وجفت موارده، وأفلست خزائنه، ومهما كانت الصعوبات فإن عزيمة الشعب قادرة على قهر الصعاب، وإن طاقات الشباب التي في ميدان النضال قادرة على صناعة المعجزات، فلنحول خطابنا نحو هذه الغاية، وليكن الحشد، ولتكن التوعية مكرسة للبناء والإنتاج، ولتكن التضحيات في سبيل إعادة بناء الوطن والأوطان تبنى بعزائم رجالها ونسائها، قبل أن تبنى بالأرصدة المالية. غداً عندما نجري عملية جرد حساب لواقع بلادنا اليوم سنكتشف مدى الخراب والدمار الذي حاق بمرافقنا ومؤسساتنا، والعبء الكبير الذي يلقيه ذلك الخراب على عاتقنا، ونحن نتصدى لعملية إعادة البناء، وهذا هو قدرنا، وسنتصدى له بكامل المسؤولية، وستتفجر في الوطن طاقات خلاقة. حقاً لقد دقت ساعة العمل، ولكن العمل ليس فقط في حشد الطاقات، إذ لا بد من القيادة الرشيدة النزيهة ذات الكفاءة العالية، واختيار هذه القيادة هو الواجب الذي يجب أن تنخرط في أدائه قيادة إعلان الحرية والتغيير فوراً، وأن تنجزه وفق معايير محددة ومعروفة، يتم على ضوئها ملء كل المناصب الدستورية التنفيذية والتشريعية وبكل الشفافية والموضوعية، وبعيداً عن المحاصصة الحزبية، وبعيداً عن المجاملات، مع مراعاة الشفافية وإعمال مبدأ المساءلة والمحاسبة، وسيادة حكم القانون على الجميع، فما من أحد فوق القانون. توفير القيادة الرشيدة الواعية والقوى المنتجة الواعية والمتحمسة هما ركيزتا النجاح لأي مشروع لإعادة البناء!!
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
زهير عثمان حمد
فيس بوك
تويتر
انستقرام
يوتيوب
بنتيريست