كان الحوار على الهواء الطلق مع الرئيس البشير مساء (الأربعاء) الماضي، فرصة تأخرت ثلاثين عاماً، ويبدو أنَّ الاحتجاجات الأخيرة ساعدت كثيراً في الاستجابة للقاء جامع لقبيلة الصحفيين بمبادرة من اتحادهم مشكوراً ليتحدثوا بصراحة وحرية، ومن المفيد أن تتكرر هذه اللقاءات لأنَّ ما يسمح به الوقت ليس كافياً ليقول الشخص كل ما يريد، مثلما حدث لي من مقاطعة حديثي عدة مرات لم أتمكن من قول كل ما أريد، ثم أستمع مباشرة لرأي السيد الرئيس حول ما نطرحه ويطرحه الشارع من حلول للأزمة الاقتصادية والسياسية التي تمر بها البلاد وتكاد تعصف بها، سيما وأنَّ النظام الحالي يقف على أعتاب المرحلة الرابعة من عمره أطلقت عليها الجمهورية الرابعة التي تتطلب تغييراً حقيقياً.
الإنقاذ والبلاد اليوم ليست كالماضي في حاجة حقيقية لحوار صادق وشامل وحقيقي، ليس كحوار الوثبة الذي لم يحقق أهدافه كما ينبغي، فلم يكن منتجاً لوضعية سياسية ووطنية متقدمة ومقبولة من الجميع، بل ثبت أنه فرصة جديدة لكسب الوقت ضم أحزاباً مجهرية غير مؤثرة على مجمل الأحداث وملكيين أكثر من الملك، وانتهى الحوار إلى مجرد محاصصات سياسية وقبلية أقرب للرشاوى السياسية منها إلى حوار حقيقي ومنتج لحل وطني وسياسي شامل، بل أنتج فشلاً اقتصادياً واضحاً في أهم الضرورات، مما أنتج احتجاجاتٍ واسعة واحتقاناً وانسداداً حقيقياً لن تجدي معه التبريرات التي سمعناها ولا القرارات المبتسرة التي ضررها أكثر من نفعها، ومن المؤكد لن تستمر إلا بوضعية جديدة.
المطلوب إحداث تغيير حقيقي في عقلية ونهج وتركيبة ليس في النظام القائم وحده، بل حتى المعارضة السياسية والمسلحة حتى يتحقق التغيير السلمي السلس والسلام والاستقرار والحكم الديمقراطي الراشد، من خلال حوار حقيقي وصادق وشامل وليس الصراع وتبادل الاتهامات ومن ثم التوافق على الثوابت والقواسم الوطنية، حتى يكون الانتقال السليم، مستفيدين من تجاربنا السابقة في 1964 و1985 ومن الفوضى والصراعات الحالية البائسة في العالم العربي عقب ثورات الربيع..
لو لم يقاطعني الأخ الرزيقي لتحدثت بالتفصيل عن الحلول التي أراها والذي هو جماع ما ظللت أسمعه في الشارع، ومن أهل التجربة والخبرة والوطنية والحادبين على مصالح الوطن العليا، وليس المصالح الشخصية والحزبية سيما وأنَّ سودان اليوم ليس كالأمس، من حيث الشباب هو غالب السودانيين وأنَّ غير المنتمين للأحزاب هم الأكثرية. ولم تعد الأحزاب بما فيها حزب الحكومة كالماضي، بل ضعفت وتشظت ومتشاكسة وليست لها رؤى ولا حلول واضحة، خاصة في الاقتصاد ومعايش الناس. وقد ساعدت الحركات المسلحة صقور النظام في إجهاض الحوار وضرب كل محاولات التوافق الوطني بسبب مصالحها الخاصة، فكرست المزيد من عدم الثقة والخوف المتبادل فانتهينا إلى تطرف واستقطاب حاد بين (تسقط بس وتقعد بس) وليس (السودان بس)..
كتبتُ وسأكتبُ عن رؤيتي للحل السياسي مستصحباً رأي الحادبين ثم عن الاقتصاد خاصة عما يُسمى البنوك الإسلامية، ثم عن قضايا الصحافة والتي كانت محور اللقاء مع الرئيس البشير.. تابعوني
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة