فنون إهدار الطاقات...!

مرحبا Guest
اخر زيارك لك: 05-04-2024, 02:11 PM الصفحة الرئيسية

منتديات سودانيزاونلاين    مكتبة الفساد    ابحث    اخبار و بيانات    مواضيع توثيقية    منبر الشعبية    اراء حرة و مقالات    مدخل أرشيف اراء حرة و مقالات   
News and Press Releases    اتصل بنا    Articles and Views    English Forum    ناس الزقازيق   
مدخل أرشيف للعام 2019م
نسخة قابلة للطباعة من الموضوع   ارسل الموضوع لصديق   اقرا المشاركات فى شكل سلسلة « | »
اقرا احدث مداخلة فى هذا الموضوع »
01-23-2020, 01:22 AM

سيف اليزل برعي البدوي
<aسيف اليزل برعي البدوي
تاريخ التسجيل: 04-30-2009
مجموع المشاركات: 18425

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
فنون إهدار الطاقات...!

    00:22 AM January, 22 2020

    سودانيز اون لاين
    سيف اليزل برعي البدوي-
    مكتبتى
    رابط مختصر



    لم يُبتلَ الناس بشيء، مثل إهدار الطاقات، وتضييع الفرص، وتعطيل إمكانات كانت ستحدث أثرها لو استُغلت الاستغلال الأعظم، واستُثمرت الاستثمار الأمثل .
    له طاقةٌ كالدر حسنا وجودةً فمالِ لبيب القوم لا يتفكرُ
    • يتفنن بعضنا في تضييع طاقاته، وتعطيل مواهبه التي وهبه الباري تعالى، من كلِم جميل، أو تخصص فذ، أو قلمٍ سيال، أو بيان آسِر، أو صنعة جذابة، أو قدرة قيادية، أو إنجاز مهمات، أو سعة خلقية،،، وغيرها، ولكن قد يهملونها وهم لا يشعرون .
    • وفئة الشباب من الجنسين هم طلائع البناء ونخلات المستقبل، ومزاهير النهوض والبلوغ والعلاء، ( وشبابَك قبل هرمك ) والسؤال عنهم ومتابعتهم من الضرورات الاجتماعية والشرعية، وتقصيرنا تجاههم قد يوسع الهدر والتبديد .

    • ولذلك صور واتجاهات :
    ١- التوسع في الملاهي والترف، وجعلها متحكمة على جدولك ونظامك اليومي . وقد صح( نهيه صلى الله عليه وسلم عن كثير من الإرفاه) . بالكسر أي التنعم ، رواه أبو دَاوُدَ وغيره .
    ٢- محاولة دفع المسؤولية وإلقاء التبعة على الآخرين من إمامة و خطابة أو مشاركة أو توجيه ونصيحة بحيث يتربع بعضهم في ( مستنقع السلبية ). والتربية التخلفية الخاطئة قد تسهم في ذلك وتحمل صغار الفتيان إلى الاعتذار واختيار الانزواء والسلبية، وهذا خلاف المنهج النبوي السديد، وقد كان ابن شهاب الزهري ـ رحمه الله ـ يشجع الصغار ويقول: ( لا تحتقروا أنفسكم لحداثة أسنانكم؛ فإن عمر بن الخطاب كان إذا نزل به الأمر المعضل، دعا الفتيان فاستشارهم يتبع حدة عقولهم ).

    ٣- التفكير الدنيوي المادي : المتنفس على لعاعة وملاذ، أكثر الأوقات ! ولا حرج في الاستغناء الذاتي ، ولكن المبالغة الموحية بهلكة قادمة أو إجداب قاتل، من سوء التصرف وعَمَى البصيرة الشرعية والواقعية،،! لأن المتدين الواعي لا يُضاهى بغيره..!
    ٤- الاستسلام للواقع الاجتماعي والثقافي والإبداعي والنخبوي، وأن ليس في الإمكان أبدع مما كان، ووجود رموز ثقافية وإسلامية مؤثرة كاف في اعتقادهم، وارتفاع التبعات ..!
    ٥- عدم الاهتمام بالإنجاز الذاتي والفاعلية المنتجة، وتنمية البدن على حساب تنمية العقل والروح .
    يا خادمَ الجسم كم تسعى لراحته أتعبتَ نفسك فيما فيه خسرانُ
    أقبل على الروح واستكمل فضائلَها فأنت بالروح لا بالجسم إنسانُ

    ٦- اعتقاد أن حياة الجد والعصامية مورثة المتاعب وجالبة الأكدار ، وانعدام التفكير في عاقبتها وثمارها المجتناة .وفي الحديث: ( ومن يتصبر يصبره الله ).
    ٧- إيثار الراحة على العمل، والترف على الجد، والواقعية على المستقبل، وقديما قد استعاذ الفاروق عمر رضي الله عنه من ( جلَد الفاجر وعجز الثقة ) . وما أكثر الثقات العاجزين هذه الأيام...!
    ٨- التوسع المنامي المهدر للساعات، والمبالغة في الطعام المستغرقة للزمان وكنوزه وحلاوته ودرره.
    ٩- استسهال التنظير والكلام المعسول دون الدخول في التطبيقات وأخذ زمام المبادرات قال تعالى( وسارعوا إلى مغفرة من ربكم ) سورة آل عمران .
    ١٠- الزهادة في تقديم الخدمات والمشاركات الاجتماعية ، وهو ناتج لضعف ثقافة العمل التطوعي في الوطن العربي، وبعض الجهات تُمارس لونا من الإهمال والتعويق وعدم التعريف وتنزيل المبادرات والفعاليات .
    ١١- اعتقاد أن الفترة الشبابية: منحة للهو والضياع والمتعة غير المحدودة، وبالتالي يضيع الوقت والروح، وقد تصيب معاصي أو تُبتلى بقاذورات، والله المستعان .

    وقد قال الإمام مالك للشافعي رحمهما الله ( إن الله قد جعل عليك نور الطاعة فلا تطفئه بظلمة المعصية ). وللمعلمين والشيوخ ومؤسسات التعليم دور في انتشال النشء والشباب والأخذ بأيديهم إلى الجادة والاتجاه الصحيح، وجعلهم مشاعل نور لدينهم وأوطانهم ...
    ١٢- الاستلاب التقني الشاغل: ومع فضائل التقنية وإنجازاتها إلا أنها أسهمت في تغييب الوقت والفكر، والمهن الفاعلة وصنعت رأيا عاما في الاعتذار والاكتفاء وعدم الانطلاق للأمام، وقيدت آخرين بقيود الكسل والتراخي، حتى أصيب بعضنا (بالإدمان الالكتروني)، ولا يكاد ينفك عنها، وينتهي دوره عند القراءة والله المستعان.
    ١٣- تحويل الهمة والنشاط الداخلي لمسرح إلهائي، يمنع من الاستثمار والمبادرة الحقيقية ، وقد قال الجُنيد رحمه الله: ( عليك بحفظ الهمة، فإنها مقدمة الأشياء ).

    ١٤- مغادرة واحة الإيجابية للعيش على الطريقة العامية كلاما وسلوكا وتفكيرا، وينسى تكريم الله له بحسن الخلق والعقل والعلم ( ولقد كرمنا بني آدم ) سورة الإسراء .... وفي ظل الانفجار المعرفي تتعاظم العقول شكرا لله على نعمه الجليلة، وموانحه الفائقة ، فكيف يُغفل عن ذلك.،؟!
    ١٥- سوء فهم اكتشاف الذات وميل النفس المناسب الإبداعي، بحيث تخوض النفوس ميولاتها، وتسلك رغائبها، وهو ما يفقهه المربون وأصحاب الدراية والبصائر، ولكن لنمنحهم وقتا وفكرا ودعما،،والله الموفق .
    --------------------------------------------------
    يميل معظم الناس إلى التثبت بعاداتهم ومعاييرهم ورؤيتهم للحياة, وينظرون إلى كل ذلك وكأنه جزء عزيز من شخصياتهم, مع أنهم يعرفون أن كثيراً منها تم تبنيه واكتسابه بفعل الضغط الاجتماعي أو بفعل المعلومات والأفكار والمعطيات المتوفرة.
    نحن في حاجة اليوم إلى كسر كثير من تقاليدنا الشخصية القديمة ،لأنها باتت تشكل سداً منيعاً في وجه التقدم والتلاؤم مع ظروف العصر, ولدّي ملاحظتان سريعتان في هذا الشأن:

    1- لعل من أكبر الأخطاء التي يرتكبها الواحد منا - على صعيده الشخصي - نظره إلى نفسه وكأنه جزيرة معزولة عن كل محيطها, فهو لا يأبه بكل الأشياء الجديدة ، ولا يعبأ بأي تغيير يحدث مهما كان عظيماً, مع أن المتأمل يجد أن الكون كلّه مكوَّن من مجموعة من المنظومات.
    ولا يشكّل الإنسان استثناء من القاعدة, فكل مفردة مما في حوزتنا هي عبارة عن جزء من منظومة معينة: الذكاء والمال والجمال والكياسة والمهارة والاستقامة والفكر والفهم.
    إن هذه الأشياء تتمتع بوجودين: وجود ذاتي, يمكن قياسه ولمسه وتحديده, ووجود يمكن أن نقول: إنه " اجتماعي " .

    ولتوضيح الفكرة يمكن أن نشبه ما لدينا من مهارات وإمكانات بالورقة النقدية، فهي ذات قيمة نقدية محددة, فـ " الدولار " مثلاً هو الدولار, لكن قوته الشرائية تختلف من بلد إلى بلد, فإذا ذهبت إلى بلد شديد الغلاء مثل " اليابان " وجدت أن الدولار لا يكاد يشتري أي شيء, وإذا ذهبت إلى بلد مثل " أفغانستان " وجدت أن الدولار يشتري العديد من الأشياء.
    إذن لسنا نحن الذين نحدد قيمة ما لدينا, وإنما يحدده " السوق" بأوسع ما تعنيه هذه الكلمة من معنى, وكما قال أحدهم: ما قيمة الشهادات التي حصلت عليها, وما قيمة الدورات التي حضرتها, وما قيمة نظرة الانبهار التي يمنحك إياها أبواك وإخوتك.

    ما قيمة كل هذا إذا وجدنا أنك منذ ثلاث سنوات لم تستطع الحصول على وظيفة جيدة مع كثرة بحثك وشدة حاجتك ؟!.
    هذا يتطلب من كل واحد منّا أن يقوّم كل ما لديه من أفق محيطه ومن خلال القيمة العملية له.
    قد رأيت بعض الأشخاص الذين يعجبك كلامهم عن الإدارة وعن التطوير والتحديث لكنهم يعملون في مؤسسات فاشلة, ولهم مع ذلك تأثير محدود فيها.

    2 - على مدار التاريخ كانت التقنية هي التي تطور حياة الناس على المستوى العملي؛ السكين والدولاب والآلة البخارية والكهربائية والإلكترونية، كل ذلك نقل الناس من مرحلة إلى مرحلة أرقى.
    أما اليوم فإن التقنية تغير في عقول الناس وطموحاتهم وفي نظرتهم لأنفسهم, وقد فازت وسائل الاتصال الحديثة والمتنامية بهذا النوع من التأثير, وصار على كل من يريد أن يكون في المقدمة في أي تخصص من التخصصات أو مجال من المجالات أن يبحث عن موقعه ليس على خريطة بلده, وإنما على خريطة العالم.
    حيث تقوم العولمة بتهميش كل الاعتبارات المحلية لصالح ما هو عالمي, وإن الذين يصرون على غض الطرف عن هذا المعطى سيتكبدون أفدح الخسائر, وسيدفعون أغلى الأثمان.

    الرسالة المركزة التي أريد أود إيصالها إلى القارئ الكريم عبر هذا المقال هي: عليك أن تفكر في الانتقال من الوضعية التي أنت فيها وأنت في قمة نجاحك, فالأرض تموج من تحت أقدامنا جميعاً والوقوف الطويل عليها لن يكون ممكناً, إلا إذا كنا مستعدين لأن نفقد كل شيء.
    ---------------------------------------------------------
    في حياتنا العامة والخاصة عدد كبير من الجدليات، حيث يكون الشيء في وجوده أو استقامته أو بواره متوقفًا على وجود شيء آخر. ويتناوب الشيئان على الوظيفة نفسها، كتلك العلاقة التي نلمسها بين المرض والفقر، إذ يهيء الفقر صاحبه للتعرض للمرض، كما أن المرض من جهته يسبّب للفقير المزيد من الفقر وهكذا.
    هذا يعني أن خصائص كثير من الأشياء لا تستمد من ذاتها، وإنما من العلاقات التي تربطها بغيرها. ومن المؤسف أن اكتشاف العلاقات الجدلية على الرغم من تأثيرها الكبير، لا يلقى من معظم الناس الاهتمام، وبالتالي فإن معرفتنا بها تتسم بالقصور والسطحية!

    بين البناء والنقد علاقة جدلية، عظيمة الأهمية إلى درجة أن كلاً منهما يتغذى على الآخر بصورة جوهرية. ولا نستطيع أن نعرف مدى حاجة كل منهما إلى الآخر إلا إذا قطعنا الحبل السريري الذي يربط بينهما. ولعلي أبسط القول في هذه المسألة المهمة عبر المفردات الآتية:

    1- إن القرآن الكريم نزل منجمًا في مدة طويلة نسبيًا، هي مدة حياة النبي –صلى الله عليه وسلم- بين البعثة والوفاة. ويلاحظ الناظر دون عناء أن معظم ما ينزل من الذكر كان يرتبط بوجه من الوجوه بحركة المجتمع الإسلامي. إنه يوجه المسيرة، ويوضح ملامح الطريق، كما أنه يذكّر السائرين بالمقاصد النهائية لسيرهم. وحين يقع خطأ بسبب اجتهاد أو ضعف بشري، فإن القرآن الكريم ينبه المسلمين إلى ذلك الخطأ بقطع النظر عن مقام المنتقد ، وعن نوع موضوع النقد ، هل هو عام أو هو خاص بشخص من الأشخاص، على نحو ما نجده في قول سبحانه: "ما كان لنبي أن يكون له أسرى حتى يثخن في الأرض تريدون عرض الدنيا والله يريد الآخرة والله عزيز حكيم" [سورة الأنفال: 67-68]، وقوله: "عفا الله عنك لم أذنت لهم حتى يتبين لك الذين صدقوا وتعلم الكاذبين" [سورة التوبة: 43]. وقوله: "وإذ تقول للذي أنعم الله عليه، وأنعمت عليه أمسك عليك زوجك واتق الله وتخفي في نفسك ما الله مبديه وتخشى الناس والله أحق أن تخشاه" [سورة الأحزاب: 37]، وفي السنة النبوية الكثير الكثير من النصوص التي تنتقد بعض تصرفات الصحابة، وتدلهم على ما هو أفضل وأصوب. وقد وعى المسلمون المغزى العميق لذلك، ومارسوا النقد بصيغ عديدة ، ولطالما كان النقد البنّاء عامل تحرير للأمة من كثير من الزيغ والخطأ على ما هو معروف ومشهور.

    2- لو تساءلنا: مالذي يعطي المشروعية للنقد، ويجعل منه شيئًا لا غنى عنه لاستقامة الحياة، لوجدنا أن ما يمكن التحدث عنه في هذا الشأن كثير، لعل منه:
    أ – حين نخطط لأمر من الأمور، أو نحاول اكتشاف ميزة عمل من الأعمال، فإن من الواضح أننا لا نستطيع الإحاطة بالاعتبارات التي تجعل قراراتنا صائبة على نحو قاطع. هناك دائمًا حقائق غائبة وأجزاء مطموسة، ومعلومات غير متوفرة، ولهذا فإن علينا أن نبني خططنا ونظمنا ومناهجنا على أنها أشياء قابلة للمراجعة، ومحتاجة للتصحيح والتطوير ، ولن نكون موضوعيين إذا فعلنا غير ذلك. إن الطبيب حين لا يتأكد من تشخيص مرض من الأمراض، يصف لمريضه علاجًا مؤقتًا إلى أن تخرج نتائج الصور والتحاليل، فيصف العلاج النهائي؛ لأن خبرته الطبية دلته على السلوك العلاجي الملائم، إن ما هو مطلوب من المعرفة لاتخاذ القرار الصحيح هو دائمًا أكثر من المتوفر، ولهذا فإننا ونحن نخطط، وننظِّر نتحرك في منطقة هشة، ونستند إلى معطيات غير كافية. إن علينا أن نعتقد أننا نقوم بعمل اجتهادي، قد يتبين أنه صواب، وقد يتبين أنه خطأ . وإن كثيرًا من الذين ينفرون من النقد، لا ينظرون إلى هذا المعنى، ولا يهتمون به، ولو أنهم أدركوه بعمق لرحبوا بالنقد بوصفه كرة أخرى على صعيد الاستدراك على قصور سابق .

    ب– هناك دائمًا مفارقة بين النظرية والتطبيق، فنحن حين ننظر، ونخطط، نقوم بذلك في حالة من الطلاقة التامة ، وكما يقولون: إن الأحلام لا تكلّف شيئًا ، لكن حين نأتي للتنفيذ، يتجلى لدينا القصور البشري بأوضح صوره، فنحن نتحرك داخل الكثير من القيود الزمانية والمكانية. وكما أن أعمارنا محدودة، كذلك إمكاناتنا وقدراتنا وعلاقاتنا أيضًا محدودة، مما يجعل وجود فجوة بين ما نريده وبين ما نفعله أو نحصل عليه أمرًا متوقعًا. في بعض الأحيان لا ننفذ ما خططنا له ليس بسبب العجز، ولكن بسبب تغير الرأي، أو بسبب الاختلاف بين أعضاء فريق العمل، أو لأي سبب آخر... وهذا كله يجعل النقد أمرًا سائغًا، بل مطلوبًا.

    جـ - في بعض الأحيان تأتي مشروعية النقد من الأخطاء التي تقع أثناء التطبيق أو بسبب مغايرة ظروف الاستمرار لظروف النشأة. وإذا تأملت في أوضاع الأمة وجدت أن كثيرًا مما يحتاج إلى إصلاح وتصحيح يعود إلى هذين السببين، فالتقصير في الواجبات والوقوع في المنكرات من أكثر العوامل تأثيرًا في تخلف الأمة وتأزم أوضاعها. وهما يعودان إلى انحراف وقصور في الممارسة. كما أن تجدد معطيات الحياة المعاصرة لتكون شديدة البعد عن حياة أسلافنا ، أوقعنا في أزمات فكرية كثيرة ، بسبب عدم توفر ما يكفي من الاجتهاد للتعامل معها. وهذا من جهته يثير الكثير من الحيرة والكثير من النقد.
    ------------------------------------------------
    يظنُّ كثيرٌ من الناس أن العرب أو المسلمين سيتقدَّمون لو همُ اتَّبعوا طريق الغرب في تطوُّره، ولن يتحقَّق هذا حتى يهضموا ثقافةَ الغرب، ويتمكَّنوا من علومه وآدابه.
    والذي يرى هذا الرأي يُبعِد النُّجعةَ - كما يُقال - لأن الانفتاح وحده غيرُ كافٍ، خاصةً إذا علمنا أن العرب والمسلمين ليسوا شرذمةً من الناس طفَوا على وجه الأرض في العُقود الأخيرة، بل هم أصحابُ تاريخٍ وحضارة، ولكن قضت السُّنَن الربانيَّة أن تَتداوَلَ عجلةَ الحضارة الأُممُ، وإذا سلَّمنا بحضارة المسلمين قديمًا، فنحن مُجْبَرون على القول بأن الانفتاح على الغرب ليس هو الخطوةَ الأولى للتقدُّم، ولعلَّ السؤال الذي يحضر في أذهاننا الآن هو: ما الخطوة الأولى إذًا؟
    إن الخطوة التي غفل عنها كثيرٌ من المثقَّفين والمفكِّرين هي هَضْمُ تراثنا، واستخلاصُ الخصائص الحضارية والثقافية التي اتَّسمت بها هذه الحضارةُ العظيمة، ومن ثَمَّ الانطلاق نحو الغرب، واقتباس ما يتوافق مع ثقافتنا العربيَّة الإسلامية، وتعديل ما نقتبسه؛ حتى نُحافظَ على خصوصيات الثقافة العربية.

    ولعلَّ نظرةً سريعةً إلى ما أنتجته الإنسانية في القرنين الأخيرين لَتُظهرُ - وبجلاء - مدى تَفوُّقِ المسلمين في شتَّى الفنون والعلوم، ولسنا نَبْخَس الناس حقوقَهم، ولكننا نقول: إن الحضارة العربية الإسلامية أَعدَّت تربةً خِصبةً للحضارة الغربية المعاصرة، وزوَّدتها بجذور العلوم جُلِّها؛ حتى لا يكاد يخلو فنٌّ ولا علمٌ من العلوم الحديثة، إلا وفي تراث العرب والمسلمين بعضُ ملامحه وأسسِه، التي كانت ستظهر بعد زمنٍ علمًا مستقلًّا، لو لم تتوالَ النكبات والأزمات على المسلمين منذ سقوط خلافة بني العباس في المشرق، ووأدِ حضارة الأندلسيِّين في المغرب.
    لقد أبانتْ مناهجُنا التعليمية عن عقمها وسوءِ التخطيط فيها عندما صارتْ تُدرِّس تاريخ الغرب وثوراتِه وإنجازاتِه، في حين أغفلت تاريخ العرب والمسلمين ولم تلتفتْ إليه، فنتج عن هذا جيلٌ مهزومٌ نفسيًّا، ضعيفٌ علميًّا، كيف لا وهو لا يعرف من أمجاد آبائه شيئًا حتى يستند إليه، ويُكمل ما بدأه الأسلاف؟!
    فشاع بين شبابنا كلامٌ لا يُبشِّر بخيرٍ؛ من مثل قولهم: كوكب اليابان، وذاك الغرب، وتلك أوربا، وبيننا وبينهم سنوات ضوئية... إلى غير ذلك من رسائل التثبيط والركون إلى التسليم بالواقع، حتى صار قُصارى جهدنا أن نقول: إننا نعمل بجدٍّ حتى نستفيد من خبرات الغرب... إلخ، هل سنظلُّ في المستقبل نقتبس؟ ألن نزيد؟ ألن نُطوِّر المعارف؟ أليس بوُسعنا أن نُبدع؟

    إن السبب الخفيَّ في تخلُّفنا هو جهلُنا بماضينا، وإعراضُنا عن تراثنا، وازدراؤنا لأجدادنا الذين بنى الغربُ على آثارهم فشادَ صرحَ الحضارة المادية الحديثة.
    ولعلَّ هذا مُمنهجٌ ومقصودٌ، فالغرب نفسُه الذي يدَّعي العلميَّةَ والشفافية والموضوعية، عندما يُؤرِّخ للعلوم على اختلاف مشاربها، يبدأ بالمرحلة اليونانية، ثم ينتقل إلى القرون الوسطى في أوربا، ليصل بعد ذلك إلى المرحلة المعاصرة، ويضرب صفحًا عن إسهام المسلمين في العلوم كلِّها.
    ولعلَّ أبرز الأمثلة هو إنكار الغرب للجهود العربية الإسلامية في حفظ الفلسفة اليونانية التي يتبجَّح بها الغرب بعدما كادت تنقرض، وما زال النقاش بل الاستبداد العلميُّ قائمًا بخصوص مؤسِّس علم الاجتماع، رغم توافر الشروط العلمية والموضوعية لهذا العلم في مقدِّمة ابن خلدون، أما الدرس اللِّساني واللُّغوي، فقد دخل دائرة التحريف هو الآخر، فلم يُعرِّج عليه أحدٌ ممَّن عُنوا بالتأريخ له، فذهبت عشرةُ قرونٍ من البحث اللُّغويِّ العربي أدراجَ الرياح.

    لكن المشكل الأكبر ليس هذا، المشكل الأساس هو أن العرب ما زالوا ينظرون إلى كلِّ واردٍ من الغرب نظرةَ احترامٍ وتقديرٍ، وتبجيلٍ وتقديسٍ أحيانًا، في حين يحتقرون ما أنتجه الأسلاف وكابدوا في سبيله المشاقَّ، وينسَون الحقيقة العلمية الثابتة، وهي أن مسار العلم مسارٌ دائريٌّ وليس مسارًا خطيًّا؛ لذلك فالعلم يعود دائمًا إلى نقطة البحث التي انطلق منها؛ حتى يُصحِّح ما كان يُعتقَد أنه الصواب، ثم أظهرت التجارِب والتطوُّر العلميُّ خطأَه وفسادَه.
    بل يجهل أو يتجاهل الغربُ الظروفَ التي أبدع فيها المسلمون ما أبدعوا، فمختبر ابن سينا لن يبلغ اليوم مختبر طالب في جامعة أمريكية أو فرنسية، بله مختبر أستاذٍ أو باحثٍ كبيرٍ في اليابان أو أمريكا.
    إن ثقافتنا هذه، ومعرفتَنا العرجاء المشوَّهة لتاريخنا، هي السبب في فشل العرب وتخلُّفهم، منذ تقوقعوا على ذاتهم إبان خلافة العثمانيين، ومنذ انفتحوا على الغرب دون شرط أو قيد بعد حملة نابليون، فقرَّروا دفن تراثهم، وحنَّطوه وجعلوه مومياء لا يعرف كُنْهَها إلا المتخصِّصون الكبار.
    يرى كثيرٌ من الناس أن ما يقع في العالم اليوم مجرد مرحلةٍ عابرةٍ، وأنه تحصيل حاصل للتطرُّف الدينيِّ، والنزاع العِرْقي، والاختلاف الطائفيِّ، لكن - وكلامنا عن العرب والمسلمين؛ لأنهم المتهَمون بهذا التطرُّف - لا يُمكن تقزيمُ المشكل الذي يُؤرِّق العالم في سببٍ واحدٍ يَظْهَر للأغْرار قبل أولي الألباب.

    والسبب في نظرنا هو غياب حضارة أسلافنا عن مناهجنا التعليمية، ومحافلِنا الأدبية، ونوادينا الثقافية؛ لذلك صرنا نُصدِّق أننا أمةٌ من الظالمين والسفَّاحين الغاصبين، في حين نجد القرآن الكريم والسُّنة النبوية المشرَّفة يُولِيَانِ الدماءَ والأرواحَ عنايةً وحُرمةً كبيرةً، لا تكاد الأرواح تتمتَّع بها في أي شريعة أو ملَّة.
    ومما سبق نستطيع القول: إن ثقافتنا عن التغيير والتقدُّم ثقافةٌ تحتاج إلى إعادة النظر، وتحديدِ مصادر القوة، وتدارُكِ مواطن الضعف، وتعزيزِ الشُّعور بفخر الانتماء لهذه الحضارة العظمى، والحفاظِ على هُوِيتنا العربية الإسلامية؛ حتى نَقْرُنَ بين دروس الماضي وإدراكِ الحاضر، فنهتدي سبيلنا في المستقبل.
    والأملُ كبيرٌ في عودة العرب والمسلمين إلى الرِّيادة والقيادة، خاصةً بعدما تيسَّرت سُبُل الإرشاد والتقويم، ولعل خوض الشباب غمارَ مثل هذه المواضيع في هذه الأيام لأكبرُ دليلٍ على توقُّد شرارة الوعي، والسير قُدمًا نحو التغيير الإيجابيِّ، والله وليُّ التوفيق.
    -------------------------------------------------
    من المشهور بين الناس أننا نقرأ التاريخ من أجل الاستفادة من عظاته ودروسه، وحتى نتمكن من مقارنة أحوالنا بأحوال من سبقنا؛ فنزداد بصيرة وخبرة بما يجب أن نفعله، وبما يجب أن نتركه. وهذا المشهور لا شكَّ في صحته، وإن كان من يستفيد من عِبر التاريخ دائمًا قلة، لكن هناك لفهم التاريخ ووعي معطياته فوائد أخرى مهمة، في مسائل التربية والإبداع، والتجديد، واستشراف المستقبل، والتعمق في فهم العلوم.

    ولعلِّي أشير إلى شيءٍ من هذا عبر الملحوظات الآتية:
    - الأمم العظيمة تستخدم التاريخ أداةً للتوجيه وأداةً للتربية؛ إذ تتخذ من إنجازات الآباء والأجداد، ومن سير العظماء - محفِّزات على السموِّ والعطاء والاستقامة، وهذا -إذا سلم من المبالغة والتهويل والقراءة المنحازة- يُعدُّ شيئًا مفيدًا وجيدًا.

    المربون والمعلمون والدعاة يختلفون اختلافًا واسعًا في توظيف ما يُعدُّ مصلحة معرفية وأخلاقية؛ فمنهم من يستخدم تلك الحصيلة للبرهنة على فضل السلف وانحطاط الخلف! ومنهم من يستخدمها من أجل تعليم الناشئة الإذعان للمجتمع والتكيف مع الظروف الحاضرة، وقليلون أولئك الذين يوظفون المستخلَصات التاريخية في إيقاظ الوعي، وتدعيم الحس النقدي، والحفز على الوصول إلى شيء جديد. وسبب ضآلة هذا النوع من التربية والتعليم يعود إلى أننا حين نقرأ التاريخ لا نتوقع منه أن يساعدنا في فهم واقعنا، وتطوير هذا الواقع.

    إن الكثير من شبابنا منغمسون في تلبية الرغبات الآنية، أو غارقون في هموم تأمين الحاجات الضرورية، والبعض الآخر منهم حائر في أمره ومستقبله! ومن مهامِّ التاريخ حين يُدرَّس بطريقة صحيحة أن يساعد الناشئة على الانفصال عن الواقع، وأن ينقذهم من الضياع في معطياته.

    إن التاريخ يُدرَّس الآن على أنه سلسلة أحداث التاريخ عبر سرد متماسك، يربط المعاصرين بأسلافهم، ويسلِّط الضوء على سلسلة التطورات الإيجابية والسلبية التي صنعت الفرق بين مرحلة ومرحلة، وبين جيل وجيل، وهذا يتطلب أن ندرس مع التاريخ فلسفته وفقهه، وأن نثير الأسئلة حول أسباب وقائعه وأحداثه، ونبحث عن العلل والمقدمات والجذور، ونكتشف سنن الله -جل وعلا- في الاجتماع البشري، ونجلو طبيعة النفس البشرية في إقبالها وإدبارها. إن التاريخ حين يُدرس بهذه الطريقة، يحسِّن مستوى البصيرة لدى المتعلمين، ويمكِّنهم من امتلاك الأدوات التي ينقدون بها الواقع الذي يعيشون فيه عوضًا عن أن ينجرفوا مع تياراته العاتية من غير أيِّ قدرة على التأبِّي والممانعة.

    إن نقد الواقع يساعدنا على بلورة ملامح الهوية التي تميّزنا عن غيرنا، كما أنه يفتح السبيل أمام تطوير هذا الواقع وإخراجه من سياق التداعيات والتحوُّلات العمياء التي تصنعها العولمة بإمكاناتها الهائلة.

    ـ إن الهم الذي يسيطر على المدارس والجامعات اليوم هو إعداد خرّيجيها لسوق العمل؛ أي مساعدتهم على أن يكرِّسوا عقولهم وطاقاتهم، وأن يكيّفوا اتجاهاتهم وميولهم مع ما يساعدهم على كسب لقمة العيش، أو بعبارة أخرى: تعدُّهم لأن يكونوا مسمارًا صالحًا في الآلة الكبرى التي يديرها رجال المال والأعمال. وهذا الاتجاه في التعليم مطلوب وإيجابي، لكن ينبغي أن نكون على وعي بالتأثيرات الجانبية السيئة لهذا التوجيه في التعليم، وفي إعداد الناشئة للحياة.

    إننا حين نعدُّ الأجيال للتكيف مع سوق العمل، عن طريق تلقينهم معلومات تجعل منهم أشخاصًا تقنيين تنفيذيين -كما يجري الآن- فإننا نجعل منهم أشخاصًا عاجزين عن المساهمة في إيقاف التدهور الذي تتعرض له مجتمعاتهم.

    إن التطور الاجتماعي يتم بطريقة غير واعية، ومن مهام المثقفين -على اختلاف درجاتهم- أن يساعدوا الأمة على تجاوز الأزمات الكبرى التي تتعرض لها من خلال تراكم الأخطاء والخطايا الصغيرة والكبيرة للأجيال المتعاقبة، ولا يستطيع المثقفون والمتعلمون عامَّة القيام بهذا الدور إلا إذا تلقّوا العلم على أنه تحرير وعتق من الاستكانة للقوى الغاشمة، ومن التقليد الأعمى للآباء والأجداد، وإلاَّ إذا تلقّوه على أنه وسيلة للتكيُّف مع الواقع، ووسيلة لترشيده وتحسينه أيضًا.

    ومما يساعد في بلوغ هذا، العملُ على إضفاء الطابع الأخلاقي والإنساني على المعرفة والتقنية؛ فالعلم للعمل ولخدمة الناس ونصحهم وتصحيح أوضاعهم. يجب أن نعلِّم الناشئة الدور التاريخي الذي قام به العلم في بناء الأمة وتشييد الحضارة الإسلامية، إضافةً إلى توضيح دور العلم في تكوين الرجال العظام على امتداد التاريخ الإسلامي. يجب أن يطلع الناشئة على تاريخ الحركات الإصلاحية الكبرى، وعلى العوامل والأسباب التي تساعد على نشوء الأفكار العظيمة ذات الطبيعة الاختراقية، إذا ما كنا نريد للتاريخ وللعلم أن يساهما في تجديد الأمة ودفعها نحو الأمام.

    - في بنائنا المعرفي ثغرات واضحة، لا تخطئها عين الناقد، وتلك الثغرات كثيرة، ولعل من أهمها: إهمال تاريخ العلوم، وإهمال اكتشاف مقاصد التشريع، إضافةً إلى التقصير الظاهر في التعرُّف على سنن الله تعالى في الخلق، والتقصير في معرفة طبائع الأشياء، ولا سيما الطبيعة البشرية.

    إن العلوم الإنسانية والعلوم البحتة كذلك تُقدَّم للناشئة مبتورةً من بُعْدِها التاريخي؛ فتبدو وكأنها تكوَّنت منذ البداية على الصورة التي عليها الآن؛ حيث لا يعرف الدارسون تاريخ نشوئها ولا الأطوار التي مرت بها، كما لا يعرفون شيئًا ذا قيمة عن العلماء الكبار الذين تركوا بصماتهم عليها؛ ولهذا فإنك لا تشعر أن ما نقدِّمه في المدارس والجامعات يبني عقولاً منهجية، أو يبني شخصيات تتمتع بالاستقلال الفكري والمعرفي، وما ذلك إلا بسبب شعورهم بضآلة ما يتلقونه وغموضه.

    إننا في الحقيقة لا نستطيع أن نفهم أي علم على نحو عميق، إلا إذا فهمنا تاريخه وخارطة تكوينه وتحوُّلاته، ومن المؤسف أننا لا نبذل جهدًا يُذكر في شرح كيفية تحدُّر الجديد من القديم، وليس لدينا أي جامعة أو كلية أو معهد يقدم شيئًا متميزًا في تاريخ أي علم من العلوم!

    إن التجديد المعرفي والاجتماعي سيكون صعبًا من غير الاطّلاع على الأطوار السابقة لعلومنا وأوضاعنا، إننا من خلال قراءة تاريخ العلوم نتعرف على بواعث الاجتهاد وبيئاته والعقبات التي تواجهه، كما أننا ننمي لدينا حاسة المقارنة، ونكتسب المزيد من المرونة الذهنية، والمزيد من القدرة على رؤية الأشياء من زوايا مختلفة، وقد صدق من قال: "إذا أردت أن تعرف المستقبل فانظر إلى الماضي"؛ إذ تمكّننا معرفة الماضي من اكتشاف السنن التي تجسِّد العلاقة بين ما فات وبين ما هو آتٍ، ومن خلال هذا وذاك نكتشف آفاقًا جديدة للتطوير، ونفتح حقولاً جديدة للممارسة، وقد آن الأوان للعمل على استدراك بعض ما فات، والعمل على توظيف التاريخ في تغيير نوعية الحياة لمئات الملايين من المسلمين.
    islamweb








                  


[رد على الموضوع] صفحة 1 „‰ 1:   <<  1  >>

تعليقات قراء سودانيزاونلاين دوت كم على هذا الموضوع:
at FaceBook




احدث عناوين سودانيز اون لاين الان
اراء حرة و مقالات
Latest Posts in English Forum
Articles and Views
اخر المواضيع فى المنبر العام
News and Press Releases
اخبار و بيانات



فيس بوك تويتر انستقرام يوتيوب بنتيريست
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
About Us
Contact Us
About Sudanese Online
اخبار و بيانات
اراء حرة و مقالات
صور سودانيزاونلاين
فيديوهات سودانيزاونلاين
ويكيبيديا سودانيز اون لاين
منتديات سودانيزاونلاين
News and Press Releases
Articles and Views
SudaneseOnline Images
Sudanese Online Videos
Sudanese Online Wikipedia
Sudanese Online Forums
If you're looking to submit News,Video,a Press Release or or Article please feel free to send it to [email protected]

© 2014 SudaneseOnline.com

Software Version 1.3.0 © 2N-com.de