أولا العزاء لشهداء الشعب السوداني من الثوار و القوات المسلحة ، و عاجل الشفاء للمصابين
ما حدث في الساعات الأولى لصباح اليوم من إعتداء كتائب الأمن و الدعم السريع على الثوار و أفراد الجيش تطور مهم، يجب التعامل معه بإنتباه أكثر للتفاصيل: من ناحية فإنحياز جزء كبير من صغار الضباط و الجنود للثوار مطمئن ، و من ناحية أخرى فعصيان الأوامر العلني مثير لبعض القلق. مخالفة التعليمات من صغار الضباط و الجنود وضع لا يمكن أن يستمر طويلاً إن لم يتم سقوط النظام بسرعة ، فإما أن يتم قمعهم أو يتطور الوضع إلى حرب ، الأخيرة قليلة الإحتمال لكنها ليست مستحيلة. هذا الوضع لا يجب أن يتعامل معه السياسيين بسلبية و بخطاب غير منتبه للتفاصيل - لا أحتاج هنا إلى التذكير بالكوارث التي قاد لها عدم محاولة السياسيين حتى الإجتهاد في فهم طبيعة المسائل العسكرية و التعامل السطحي معها.
الإسلاميون عدم اخلاقيتهم لا قاع لها، و لا تهمهم هذه البلاد، و يمكن أن يحاولوا أن يشيعوا مزيداً من الدمار و لو بغرض الإنتقام. لا يجب التعويل على أي تصرف حكيم من السلطة الحالية و مؤيديها. المسؤولية القيادية هنا على عاتق قوى إعلان الحرية و التغيير بصورة كاملة.
إن إنحياز صغار الضباط و الجنود هو انحياز صادق. و الذي يقف في وجه انحياز المؤسسة العسكرية كلها هم أفراد قليلون. لا يجب أن تقع قوى إعلان الحرية في فخ النظام و تعطي المزيد من المشروعية للقلة من حلفاء البشير في الجيش بتسميتهم ب(قيادة القوات المسلحة). البيانات التي تصدر بإسم القيادة و القرارات التي تتخذ لا تصدرها هيئة أركان فعلية بل عمر البشير و وزير الدفاع عوض ابنعوف بصورة اساسية، و لا أظنها تخضع لأي قدر من التشاور.
عمر البشير أصبح لا يظهر بكثرة في اجتماعات و لقاءات الجيش الصورية لأن مصداقيته تاكلت، و أضطر للإستعانة بوزير دفاعه و حليفه ليصبح الواجهة الرسمية للقوات المسلحة. أن يكون عوض ابنعوف هو واجهة الجيش الرسمية من معيقات سرعة تسليم السلطة، بل ربما هو مهدد للأمن القومي بمعناه الحقيقي و نحن نرى العصيان العلني ! . وزير الدفاع لن يتحول موقفه لصالح تسليم السلطة، و هو كما البشير لا يمانع في شلل الحياة العامة و القمع الدموي بل حتى اللعب بنار الحرب الأهلية ثمناً لإستمرار هذه السلطة.
للأسباب التي ذكرتها أعلاه ، و لأنه لا يوجد طرف سوى قوى إعلان الحرية و التغيير يمكن أن يتصدى للقيادة و مسؤولياتها في هذا الوقت ، يجب على قوى التغيير يجب أن تتخذ بعض الخطوات العملية و السريعة، و التي يمكن أن تؤثر في مسار الأحداث بصورة تقلل كلفة التغيير البشرية و تسرع بحدوثه:
- تسمية الأشياء بمسمياتها، عدم إشارة البيانات و المتحدثين لوزير الدفاع ب(قيادة القوات المسلحة ) - التصريح بأن وزير الدفاع يمثل عمر البشير و لا يمثل القوات المسلحة - التصريح بأنه عائق أمام تطلعات الشعب و رغبة القوات المسلحة في الإنحياز لشعبها - التصريح بأنه ليس جزءاً من الحل، و أن على قيادة القوات المسلحة أن تتجاوزه - جعله هدفاً لدعاية الثورة ، في مواقع الإعتصام أمام القيادة العامة و في الوسائط الإعلامية. يجب أن يسمع الجنود و الضباط أن من يعطيهم الأوامر اليوم لا يجب الإستماع له
النتيجة المتوقعة للخطوات أعلاه هي: - إضعاف المكانة المعنوية لوزير الدفاع، هذا قد يشجع أي إتجاهات داخل الجيش قد تتجه لتجاوزه ، بنفس القدر الذي سبب تركيز الدعاية على عمر البشير بعض الضعف في سيطرته على الجيش و إضطراره للإستعانة بوزير الدفاع بهذه الصورة.
- ستكون هذه رسالة لبعض قيادات الجيش المتواطئة و المتخاذلة بأن هناك على الأقل ثمناً – معنوياً على الأقل - يمكن أن يدفعونه بصورة شخصية بمقاومتهم التغيير، و أن لديهم ما يخسرونه. فضح المتواطئين مع النظام لن يتوقف على وزير الدفاع إذا لم يحدث التغيير بسرعة.
أتمنى أن يخاطب تجمع المهنيين و قوى إعلان الحرية و التغيير هذه التطورات بسرعة و حزم و حكمة.
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة