|
أنا ... والليل ... والمطر الهامي
|
وأذكر ذات خريف .. أن سماء مدينتنا قد ناحت ملأ السحب عليك .. والليل تهادى كعجوز راح يغطي بعباءته جسد الدنيا العاري .. يكفكف سوأتها من عين كواكب سارت حول مجرتنا .. لكنا كنا نرشف همس الأشواق ورحيق البوح وليس هنالك من يرقبنا سوى عفتنا والأخلاق ...تسمر ذاك الليل لدى مقدمنا وسرى يعدو من خلف إطار أريكتنا حتى فاجئنا أن زماناً .. بل أزمنة قد بارحت التوقيت القادم دخلت خارطة التاريخ. تحدثنا عن كل تفاصيل الأشياء الحلوة .. غنينا وقرأنا شعر الثورة والعشاق .. وخلاف بين الأزمة والنزوة .. عن أكتوبر.. عن أبريل... عن هابيل عن قابيل عن المساح ورحيل الكاشف عن الكحلاوي عن مانديلا كذا لوممبا عن الأفلاك والأقدار .. رحلنا عبر فصول السنة نسينا أن المطر هو السجان وليس هنالك من رغبات حول رحيل أذكر صوتك ... ذاك الخارج من أروقةٍ فيها كل بدائع ما نحتاج : من تحنان من عاطفة من تهذيب ثم حياء ... من ترتيب للأشياء من كل معاني الدهشة إذ ما يصعد عبر سماء لم تعرف يوما معنى الخبث ... أو التجريح... أو التلويح بكلمة "لا" ... تتتداخل فيه كل عناصر دنيانا من المتنفس حتى الماء... من الغابات والواحات وجلابيب وعمامات من كل ثياب الجدات من رقصة أهلي بالطمبور..وقباب ترقد حول النيل ومدافن أطراف الأحياء.. ومزارات...من شجن يسكن غربتنا .. من فجوتنا .. من دمعٍ يسكب حين سلام أحبتنا إذا ما جاء مسافر أو ما انتصب الموت وناخ الزمن .. فلا توقيت ... الآن أوان العبرات... هو صوتك يخرج ممزوجا من كل تراكيب الأجمل فيرتبني فأرى أكمل .. أسمع أعمل .. أسرع أحيانا .. وكثيراً أبطئ أتمهل .. أنا والليل والمطر الهامي نتلذذ من صوتك .. وحديثك .. وبراءة طفل في عينيك .. من قلب يستوعب كل الكل .. ويفيض يرفرف حوليك .. من كونك مخلوق نادر دخل الدنيا ضيف عابر ... عطر أجواء مدينتنا ... وتنحى من أقرب باب ... الآن أسائل ليلي والأمطار .. إذا ما سمعوا صوتاً يشبه صوتك .. أو صافاً في المقدار ... فتجيب سمائي قحطا... ويلوذ الليل بمخبئه .. فيطول نهار.. الليل هنا لا يشبه ليلتنا .. وكذا الأمطار .. غرباء جداً .. أمقتهم من لم يدنوك من التذكار
|
|
|
|
|
|