|
|
 تكشـيرة في وجـــه مــيت
|
نقلاً عن www.abritabag.net
بقلم عضوة البورد ( مايـا )
ان يتصف بعض من جموع شعبنا بالتكشيرة الماكنة ، فقد يكون هذا امرا عاديا من امور الدنيا.. ان يكشر شخص ما في وجه اخيه سبب ، بلا سبب برضو شي عادي ، خلقة ربنا وحكمته بالغة قي خلقه ويمكن ان يصنف سقيل بدون مشكلة.. ان ينهر شخص الاخر في اي ملف او زقاق واضعا اياه تحت بند الاحراج .. برضو ممكن تتبلع باحدى مواد الهضم في الظروف العادية ويمشيها تحت فئة السقالة من النوع التقيل ..
لكن في ظروف ما وفي احوال محددة يكون الامر شيئا من الصعب وصفه ، ويخرج عن دائرة السقالة العادية ، او البلع غير المباشر ..عندما تدخل النهرة في نطاق انسان مريض فهذا شيء مؤلم ، وعندما يكون المريض طفلا تكون شيئا مؤلما اكثر... وطفل مريض بذلك الداء الخبيث فهذا هو الايلام الحقيقي...
قادتني الظروف لانجاز عمل في احدى المعامل القابعة خلف مستشفى الخرطوم ، ذلك الصرح الذي اراه رمزا لكل تكشيرات الدنيا ، وعذابات البشر .. دخلت المعمل بشكل عادي .. وفي غرفة الاستقبال فجأة تعلقت عيناي بمنظر حقيقة (مسخ ) علي الدنيا بشكل فظيع..وجدت مسئولة المعمل تجلس على كرسي وفي يدها حقنة لاخذ عينة دم ،وبجوارها يجلس طفل في التاسعة او العاشرة من عمره وعلى يساره سيدة تبدو من ملامحها التايهة انها والدته ، وعلى الارض يجلس رجل بدون شك هو والد هذا الطفل محاولا الامساك بيد طفله بدون فائدة.. لم يكن هذا الطفل مريضا عاديا .. فكل ملامحه وحالته تنطق بانه مصاب بذلك المرض اللعين الذي نهش جسده البريء وحرمه من نعمة التمتع بما هو متاح لاقرانه الاصحاء .. طفل انهكه المرض تماما لاخر درجة في ذلك الجسد الهزيل .. طفل معذبة طفولته ... متألم لاقصى درجات الالم ..كان يبكي بدرجة تؤلم الصخر وتقطع القلب وهو يرفض تماما ان تلمس تلك الحقنة يده المعذبة بعدد طعنات الابر اللعينة .. لم يكن في حالة (دلع) طفولي .. كان هذا الانسان الصغير يردد بشكل ترفض اذني ان تنسى كلماته ( ما عاوز حقن تاني .. انا خلاااص تعبت من كترة الحقن ) .. بصوت متألم ، منهك ، يخرج من جسد يحوم حوله شبح الموت بقوة.. ووالده يجلس ارضا محاولا اقناعه بضرورة ذلك ( عليك الله احنا عاوزينك تاخدها) .. رفض ذلك الطفل تحس بانه ينبع من وضعه المتعب ، المتردد بين العلاج الكيماوي واخذ عينات الدم المتكررة .. وهو في امس الحاجة للراحة في وطن يجبر مريض السرطان بان ينهض من سرير المستشفى لعمل فحوصات مخبرية خارجية ترهق جسده اكثر بدون رحمة..طفل وضعته الظروف ان ينهكه الكيماوي بدلا من اللعب في المدرسة..
حقيقي كان منظرا مؤلما للغاية .. والاكثر ايلاما هو ما فعلته تلك المسئولة عن المعمل .. انتهرته بشدة ( خلاص ياخ على كيفك .. ما عاوز ما عاوز يلا ......!!!!) ..وذهبت الى داخل غرفة الفحص تاركة ذلك الحال كما هو .. منظر الطفل المثقل جسده بخلايا السرطان وهو يبكي.. ووالده الذي يجلس ارضا عاجزا عن فعل شيء وهو يرى ولده على حق فيما يقول .. ووالدته التي تجلس في حالة مزرية تماما ...
دون ان احس وجدت نفسي العن سنسفيل البلد دي ...ووسط دموع ابى سيلها ان يتوقف وبعد ان اعتذرت لها عن تدخلي في عملها .. ولكن رأفة بهذا الصغير الذي يقف على حافة الحياة رجوتها ان تراعي حاجته للمسة حانية تخفف عليه وطاة هذا الجبار الذي تنوء بحمله الجبال ..ردت علي ( اعمل ليهو شنو يعني قال ما عاوز خلاص ما عاوز) ...قلت ليها (هو ما عاوز بكيفه يعني .. الرحمة بس ) .. ومع ذلك كانت تقذف لوالد الطفل بورقة الفحص امامه ويلا شيلوا ورقكم واتفضلوا ..
وذهب ذلك الجسد الصغير الى اين لا ادري ..
واجشهت ببكاء طويل دون ادري داخل المعمل .. ولعنت تلك التكشيرة التي تقف امام مريض يقف ملك الموت امام عينه .. ومع ذلك نمارس عليه كل قسوة الطبيعة السودانية بحجة .. يلا ما عندنا وكت ..
المشكلة ليست في الوقت .. ولكن في اننا لا نعرف للانسان قيمة ..
لك الله ايها الصغير انت ومن هم في مثل حالتك ..في وطن حدادي مدادي ... ولكن تنقصه بعض من الانسانية
|
|
 
|
|
|
|
ترهاقا
فيس بوك
تويتر
انستقرام
يوتيوب
بنتيريست