|
|
 فوز حماس والأحقاد الكامنة
|
جهاد الخازن الحياة - 06/02/06//
أحتفظ بخبر عنوانه: باول يقول ان حماس «عدوة السلام»، نشرته نيويورك تايمز في تاريخ 20/3/2003، عن مؤتمر صحافي عقده وزير الخارجية الأميركي في حينه مع رئيس وزراء اسرائيل آرييل شارون الذي يصارع الموت الآن، وأيد فيه كولن باول زعم شارون ان وقف إطلاق النار ليس كافياً، وان على السلطة الوطنية تجريد حماس من سلاحها.
السيد محمود عباس، رئيس الوزراء الفلسطيني في حينه، قابل باول في وقت لاحق من اليوم نفسه وقال انه لن يستعمل السلاح ضد المقاومة الإسلامية لأن ذلك سيؤدي الى نشوب حرب أهلية فلسطينية.
هدنة صيف 2003 سقطت تحت وطأة الجرائم الإسرائيلية المتعمدة، من اجتثاث الشجر الى الاغتيالات، وكانت القشة الأخيرة اغتيال محمد سدر من الجهاد الاسلامي فردّ صديقه رائد مسك من حماس بعملية القدس الانتحارية التي قتل فيها 22 إسرائيلياً.
كنت طرفاً في تلك الهدنة مع حماس وأبو مازن وكتبت عنها. واليوم أبو مازن الرئيس، وحماس تسيطر على البرلمان الفلسطيني في انتخابات ديموقراطية كتلك التي جاءت بمحمود عباس، وكل شيء آخر على حاله من دون تغيير، فمحاولات الإيقاع بين الفلسطينيين وإدخالهم حرباً أهلية مستمرة، وقد ذهب «العقبة» في وجه السلام ياسر عرفات من دون ان يتقدم السلام خطوة واحدة منذ غيابه قبل 15 شهراً.
فوز حماس هيج الأحقاد الكامنة، وقد قدم النائبان إيلينا روس – ليتنين وتوم لانتوس مشروع قرار يطالب الكونغرس بمعاقبة الفلسطينيين على ممارستهم الديموقراطية التي طالبت بها الادارة الأميركية دائماً، وهما يطالبان بحجب كل مساعدة مالية عن السلطة الوطنية، بل حجبها عن برامج الأمم المتحدة التي تساعد الفلسطينيين، ومنع سفر ممثلي السلطة الوطنية.
أعرف ان لانتوس ليكودي منحط، قبل أن يكون ديموقراطياً. ولا بد من أن روس – ليتنين الجمهورية مثله. ووجود امثال لانتوس في الكونغرس عيب على الديموقراطية الأميركية، فهو يمثل اسرائيل، وهو عدو دائم للعرب والمسلمين، والأفضل ان يعود الى بلده هنغاريا، أو يهاجر الى اسرائيل ويقيم بين أهله وعشيرته، لأن سياسته المتطرفة هي التي تثير الكره للولايات المتحدة في كل مكان.
الفرق بين أمثالي الذين يريدون السلام للجميع وأمثال الليكوديين في الكونغرس الذين يحرضون على القتل، انني أعارض العمليات الانتحارية وأدعو حماس الآن الى تعليق المقاومة كلها، فهي لا تستطيع ان تكون الحكومة والمعارضة معاً، أما لانتوس وروس – ليتنين فيتستران على الجرائم النازية المستوى للحكومة الاسرائيلية ويصبحان شريكين في وضع من القتل المتبادل.
استعملت كلمة «النازية» عمداً فقد لاحظت تكرارها في الحديث عن الفلسطينيين، دانيال بايبس كتب تعليقاً على فوز حماس عنوانه «انتخاب الارهاب» كان كذباً كله من بدايته الى نهايته، فهو قال بدءاً ان حماس منظمة ارهابية تقتل المدنيين الاسرائيلين، مع ان الأرقام الاسرائيلية نفسها تظهر ان اسرائيل قتلت من المدنيين الفلسطينيين اضعاف من قتل من مدنييها في السنوات الخمس الأخيرة، وقارن مختتماً بين انتخاب حماس وفوز هتلر في انتخابات 1933 في ألمانيا.
إذا كان من هتلر فهو آرييل شارون، غير ان المقارنة لا تستقيم فجميع القتلى من فلسطينيين واسرائيليين في العقود الخمسة الأخيرة أقل مما قتل النازيون في يوم واحد في أوشفيتز أو تريبلنكا.
وعلى الأقل فأنا لا أنكر وقوع المحرقة، وأقبل رقم ستة ملايين ضحية، بل أعترض على أي عربي أو مسلم ينكره، فنحن لم نقتل اليهود، وإنما قتلهم المسيحيون الأوروبيون، ثم أعطوهم أرض شعب آخر، لأنهم في عنصريتهم لم يريدوا ان يبقى اليهود بينهم لتذكيرهم بجريمتهم. وليس هذا رأيي وحدي، فقد قرأت كلاماً مشابهاً للروائي الاسرائيلي أموس أوز في مقابلة مع مجلة «نيويوركر».
أين بايبس ولانتوس وأمثالهما من أوز، وطلاب السلام الاسرائيليين واليهود حول العالم؟ على مستوى صحافي راقٍ وفرت «واشنطن بوست» منبراً للأخ موسى أبو مرزوق ليعرض قضية حماس، ووفرت «الغارديان» منبراً مماثلاً للأخ خالد مشعل. أما على مستوى التطرف فكانت ردود الفعل متوقعة، و «الديلي تلغراف» اللندنية التي بقيت ليكودية حتى بعد رحيل الليكودية بربارة امييل عنها اختارت عنواناً لصدر صفحتها الأولى هو «الارهابيون يفوزون بالانتخابات».
لو أن العنوان كان عن ليكود أو كديما لكان أكثر دقة منه عن حماس، وأعود الى أرقام قتل المدنيين مرة أخرى. أما «واشنطن تايمز» فبعد تغطية سلبية متواصلة وتعليقات لئيمة طلعت في مطلع هذا الشهر بعنوان غريب هو «شهر عسل حماس انتهى في بلدة في الضفة الغربية»، خلاصته ان حماس خسرت مقعدي البرلمان في قلقيلية، ما يعني ان شهر العسل لم يبدأ حتى ينتهي فالناخبون هناك اختاروا مرشحي فتح، مع ان المجلس البلدي لحماس.
هكذا الصحافة وإلا فلا لا. وقد اختلط الأمر على بعض المعلقين الأميركيين المعتدلين الكبار، وريتشار كوهن في «واشنطن بوست» كتب مقالاً بعنوان «لا تخدعكم حماس» وأقول له «لا تخدعك الحكومة الاسرائيلية» من دون ان اتهمه بشيء فهو معتدل وجريدته ليبرالية منصفة.
و «لوس انجليس تايمز» من هذا النوع الرصين، ومع ذلك ففي افتتاحية بعنوان «كيف لا نساعد حماس» وجدت بداية غريبة خلاصتها ان الفلسطينيين يتلقون قدراً أكبر من المساعدات الدولية، بالمقارنة مع عددهم، من أي شعب آخر، وهذا خطأ فاضح فإسرائيل تتلقى مساعدات تكاد تفوق بقية العالم، بالمقارنة مع عدد السكان، خصوصاً المساعدات العسكرية الأميركية التي تستخدم لقتل المدنيين الفلسطينيين وتثبيت الاحتلال.
غير انني اختتم، كما بدأت، بكولن باول، فأنا أحتفظ بخبر عنه نشرته «واشنطن بوست» في 14/3/2003 يقول فيه انه لا توجد عصابة CABAL تدير السياسة الأميركية في العراق. غير ان العصابة موجودة، وهي تديرها في فلسطين أيضاً، لذلك فالنتائج نفسها ضد شعوب المنطقة، وضد المصالح الأميركية.
|
|
 
|
|
|
|
قرشـــو
Mohamed E. Seliaman
فيس بوك
تويتر
انستقرام
يوتيوب
بنتيريست