"أكتبُ بعضَ الحرامِ على الناسِ مثَلاً أنَّ حاكِمَهم إذا عثُرتْ نخلَةٌ بالطريق أولَمَ النارَ خُضرتَها ليشهدَ كيف يكونُ اخضرارُ الحريق أكتبُ هذا الحرام...
أكتبُ أنَّا حلمنا كثيرا أنْ نُقوِّمَ عودَ الطغاةِ بأسيافِنا أو…فبأسيافِنا فيما الظلالُ تُقبِّلُ تلك السيوف التي ترسمُ الحقَّ دائرةً لا تُحاز"
عزيزي د. زهير السراج،
...... يرجعُ تاريخ كتابة أبياتي الحانقاتِ أعلاه إلى سنة 1998 م، مرَّ على بالي ما أبتلانا به الله من حُكّام لا يحسنون شيئاً أكثر من بعدهم عن الحِكمة التي يُفترض أنَّ لقبهم "حاكم" مشتَقٌّ منها، إذ كيف لك أنْ تتصور أن يحكمك من خلا جوفه من الحِكمة ...؟! وأولى مراتبِ الحكمةِ أن يُحسِن المرء سماعَ غيره، خاصةً أن كان المسموعُ من القول حقَّاً أو نُصحاً ....
كتبتُ أبياتي وفي خاطري ماقاله بن الخطاب "لو عثرت شاةٌ بأرض العراق ....."، وها أنت ترى أن حاكمنا يُولِمُ النارَ النخلةَ " ليشهدَ كيف يكونُ اخضرارُ الحريق ...!!!" أما ما قاله بن الخطاب فمسألةٌ فيها نظر .... مثله مثل قول الأعرابي "وللهِ لو أخطأتَ لقوّمناك بسيوفنا ..." وها أنت تريد أن تُقوِّمَ عودَ الطغاةِ، ليس بسيفك، بل بما هو أمضى من السيف، بحرفٍ لا يخشى لومةَ لائم و بطش الزبانية ..... فماذا كنتَ تنتظر غير ما لقيت ...؟!
ليس هذا فحسب، بل قرأتَ بيتاً من الشعر جارحاً:
"لقد أسمعتَ لو ناديت حيّاً ...... ولكنْ لا حياةَ لمن تنادي"
عجيبٌ أمر هؤلاء القوم يا صاحبي، ترفع فيهم صوتك بكلمةِ حقٍّ فيسومنك سؤ البطش، ثم هم من بعد ذلك يجأرون بالشكوى إن أنت أشهرت فيهم سلاحك .... كأنهم لا يعرفون غير لغة السلاح وقعقعته .... ألهذا كان "سلامهم" مع الحركة الشعيبة لتحرير السودان لأنها خاطبتهم باللغة التي يرخون لها آذانهم ...؟! ألهذا لجأ أبناء دار فور إلى ذات اللغة، مثلما لجأ لها أبناء الشرق ...؟! إذاً سليجأ كل أبناء السودان لذات اللغة إذا كان مصير من يرفع فيهم صوته مثلك أن ينكلَ به ويرمى في غيابت السجن .... المطرقة يا صاحبي هي كل ما لديهم من حَلٍّ، لذا هم يعاملون كل مشكلة كمسمار، أو كما كتب عالم عباس يوماً ما ....
وكأني بهم يريدونك أن تسبَّحَ بحمدِ حاكمهم .... أنْ تلهجَ مقالتُك بـ"إنسانيتهِ وثقافتهِ وحِكمته" كما زعمَ شاعرٌ ما ذات كذِبٍ ما .... أنْ تُشَنِّفَ الآذانَ بمديحِ عدلِهِ والتفاتِهِ إلى قضايا المواطن وهَمِّ الوطن .... وأنَّى لك ذلك والوطن كما ترى بؤساً وقهراً، والمواطن أرخصُ لديهم من كلِّ رخيص .... وما فاجعة اللاجئين السودانيين في مصر ببعيد ..... وأي استرخاص وإذلال أكثر من أن تزعم حكومة السودان أنها تتفهَّمُ ما جرى لهؤلاء اللاجئين .... يسقط العشراتُ مضرجين بدمائهم والحكومة تتفهَّمُ ما جرى ..... وكأن ما يجري مسلسل مصري باهت لا أبرياء سقطوا ظلماً وعدوانا، لا شيء سوى أنهم استجاروا من ظلم الوطن بمظلةِ الجار فكانوا كالمستجير من الرمضاء بالنارِ والحديدِ والقهرِ والموت ....
ثم يغضبُ "السيد الرئيس" أنك قلت أنه لا يهتم بأمر المواطن، بل يهتم، أما تراه يتفهَّم ما جرى للمواطن السوداني بمصر ...؟!
عزيزي د. زهير السراج،
كلّ سنة وأنت بخيرٍ وحياةٍ ونضال ..... حزينون واللهِ أنك تتحمَّل نيابةً عنا وعن الوطن كل الذي أصابك ولكنّا فخورون بك، فأنت وراء قضبانك خيرُ دليلٍ على اهتمام حكومة السودان بمواطنيها .... أنت وراء قضبانك طليقُ الإرادة حُرُّ الصمود وتذكَّر ما قاله من وراء القضبان حُرٌّ شريف هو محجوب شريف:
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة