مرام عبدالرحمن مكاوي الخصوصية كلمة طالما رددناها طويلا في مدارسنا وإعلامنا وجامعاتنا، وأعني بها خصوصية بلادنا، ويتبعها خصوصية مجتمعنا وهويتنا. وحقا لبلادنا خصوصية دينية، ولكن كل شيء زاد عن حده انقلب ضده، ونحن بالغنا في تمييز أنفسنا عن الآخرين. فلقد استقر في أذهاننا عبر التعليم والإعلام بأن بلادنا وحدها منبع الدين الصحيح المبني على العقيدة الصحيحة في هذا العصر دونا عن بلاد المسلمين. كما استقر في أذهان الكثيرين أيضا بأننا أحسن الناس أصلا وفصلا، فظننا بأننا وحدنا العرب الحقيقيون وبقية الدول العربية، هم عرب (أي كلام). وجاءت الوفرة النفطية، لتزيد الطين بلة، إذ أصبحنا نرى بأننا أغنى الناس، وأن العالم كله يخطب ودنا، ويريد أن يأتي ويعمل عندنا، فامتلأ بعضنا زهوا وغرورا. كيف لا وقد جمعنا الدنيا والدين؟! وتغيرت معاملتنا للآخرين، فأصبحت النظرة فوقية، والتعامل فظا تتبعه نظرة احتقار، والحديث عن الأجنبي يتضمن فكاهة وسخرية. وحين أتحدث عن الآخر، فأنا أقصد كل من كان ليس سعوديا، سواء كان عربيا، مسلما، أو غربيا. وللأسف الشديد فإن أكثر من عانى من عنصرية بعض السعوديين هو الآخر العربي أو المسلم أو الآسيوي البسيط. فمن يشاهد كيف يتعامل البعض مع العمالة الوافدة البسيطة سواء في محيط العمل، أو في الشارع أو المنزل سيفهم ماذا أعني. وهذا يشمل حتى تعامل بعض رجال المرور معهم، فأحيانا يوضع الخطأ على سائق ما فقط لأنه أجنبي ولا يحسن العربية. وأحيانا أخرى (وهذا رأيته بنفسي في المطار) يتم التعامل معهم بأسلوب سوقي ونداء ينم عن استخفاف واضح. وتشمل السخرية حتى طريقة الكلام، مع أن بقية شعوب العالم تغفر للأجنبي خطأه في لغتهم بل وتصحح له بطريقة غير مباشرة. وقد عشت في بريطانيا، وسافرت إلى دول أخرى كثيرة منها كندا وأمريكا، ولم أشاهد أولئك الغربيين يسخرون من طريقة نطق الهندي أو العربي أو الإفريقي للإنجليزية، مع أن اللكنة الأجنبية واضحة وأحيانا بصراحة مضحكة. مع أن جماعتنا حساسون جدا، ويخشون أن يسخر منهم أحد، ولذلك يفضلون الصمت في أحيان كثيرة على أن يتكلموا بجمل إنجليزية خاطئة، لكنهم يعودون ليمارسوا هذا الأمر مع غيرهم. والذي يغيظ في موضوع سخرية البعض من العربية الركيكة، هو أنهم أنفسهم آخر من ينبغي له أن ينصب نفسه حاميا عن اللغة. فغالبيتهم لا يجيد لغته، ولا يقتصر هذا على العوام، بل حتى صفحات الكتب والجرائد تمتلئ بالأخطاء اللغوية والنحوية. ثم إننا نحن الذين نتسبب في عدم إجادة الناس للغتنا، فهناك الفارق الكبير أولا بين اللغة العامية واللغة العربية التي يتعلمها البعض بغرض إتقان لغة البلد الذي سيعيش فيه عن طريق الكتب، فيجد نفسه يتحدث بطريقة تبدو للناس وكأنه خارج من مسلسل تاريخي. ثم نحن لا نقدم للناس الذين يأتون للعمل عندنا، دورات لغوية لا مجانية ولا مدفوعة، وحتى اليوم لا يعرف من يريد أن يتعلم العربية في السعودية مثلا أين يذهب. ثم المشكلة الأكبر، وهي أن معظمنا يتكلم مع الأجانب بلغة عربية ركيكة ومشوهة، بحجة إفهامهم فنجد عبارات من عينة: (أنت في روح)، (أنت في سوي شغل).. وغيرها من العبارات التي تنتشر فقط في دول الخليج العربي. ما دعاني للتركيز على موضوع اللغة، هو ما أخبرني به شقيقي الصغير من أن ثمة طلابا أمريكيين، أسلم أهلهم فجاءوا بهم هنا ليدرسوا في إحدى مدارسنا العربية الأهلية، ليختلطوا بأبناء العرب والمسلمين، لكن لا أعتقد أن الصغار المساكين يستمتعون بوقتهم مع أولادنا. فقد ذكر لي شقيقي كيف أن الأولاد في فترة الفسحة غالبا ما يزعجون هؤلاء الأولاد الشقر، ويركضون وراءهم قائلين: (أمريكي.. أمريكي)، ويسخرون من عربيتهم الركيكة. ثم تأتي الطامة الكبرى في المعلمين، الذين لم يكتفوا بتقصيرهم في عدم تحضير المدرسة وطلابها لاستقبال هؤلاء الطلبة ذوي الظروف الخاصة، وإفهام الطلاب بأن هؤلاء الطلبة ليسوا أحفاد جورج بوش، ولا أبناء سجاني أبو غريب، بل علاوة على ذلك فإنهم يستغلونهم ببشاعة. فيجبرونهم على الحديث عبر الإذاعة، بلغتهم البائسة، وسط ضحك طوابير الصباح، عن حياتهم قبل الإسلام (وهذه من الأمور التي يكره معتنقو الإسلام البالغون عموما القيام بها ناهيك عن الأطفال)، وليشجبوا حياتهم السابقة وأعيادهم الشركية. خاصة حين تأتي المناسبات التي ينتفض لها حراس الفضيلة كعيد الحب، حيث لم يجد المدرسون هناك طريقة أفضل لتحذير الطلاب السعوديين وتوبيخهم على تبادلهم الهدايا والورود الحمراء، إلا طالباً أمريكيا مسلما يقول إنه لا يحتفل بتلك الأعياد. وفي الحقيقة فإن أطفالنا بالفعل لا يحترمون الكثير من الجنسيات الأخرى، والذنب طبعا ذنب الآباء والأمهات والمربين والإعلام. إذ نجد أنهم يسخرون ليس فقط من اللكنة الأعجمية، بل حتى من بعض اللهجات العربية الغريبة على أسماعهم، أو التي اعتاد الإعلام أن يصورها بطريقة هزلية، أو أن يصور أهل تلك البلاد بأنهم فقراء ومتخلفون. وأستطيع أن أتذكر لهجتين على الأقل سمعت بعض الصغار يسخرون منها ومن أهلها. وإذا أتينا الإعلام، فإنه لا يختلف كثيرا عما يجري في الشارع، ولا ندري أيهما انعكاس للآخر! فهذا مسلسل طاش ما طاش، الذي رغم إعجابي به، إلا أنه كثيرا ما أساء للآخر: العربي والمسلم. فقد سخر المسلسل من الشخصية السودانية العزيزة بطريقة سمجة مكررة سواء في اللباس أو اللهجة. رغم وأنه من تجربة شخصية، فإنها من أرقى الشخصيات التي وفدت إلينا أخلاقا وسلوكا وطيبة ومودة ودينا. وكذلك كانت هناك سخرية مرفوضة على الشخصية الآسيوية المسلمة وبدرجة أقل، من شخصيات عربية أخرى. وحتى قناة تطلق شعارات إسلامية مثل المجد، وتمنع أغاني الأطفال، وظهور أي أنثى على شاشاتها، لا تتورع في أن تقدم برنامجا صيفيا فكاهيا للأطفال يسخر بأسلوب فج من الشخصية الباكستانية. ربما يظن البعض أن القضية لا تستحق كل هذه الضجة، لكن من يجرب أن يسمع لبعض هؤلاء الأجانب الذين أقاموا عندنا وتأذوا من هذه السخرية والعنصرية، فسيشعر فعلا بالحرج والضيق والأسف. فمن المحزن أن يقول لك مسلم بأنه وجد معاملة أفضل في لندن أو كندا، من تلك التي وجدها في قلب مكة أو في المدينة. قد أكون قسوت قليلا على مجتمعي، لكني بصراحة لا أطيق العنصرية، ولا أتحمل البقاء ساعة مع العنصريين. وقد أفادتني تجربة العيش في مجتمع آخر كنت فيه أنا الأجنبية، فعرفت كم يصبح المرء حساسا لأي مزحة عابرة تمس شكله أو لونه، أو معتقده أو حتى زيه. وكم هي الغربة وحدها صعبة ومتعبة، ناهيك أن يضاف لها إحساس المرء بالمهانة والدونية، واضطراره السكوت على مضض. إنني واقعية فلا أدعو الناس بين ليلة وضحاها أن يحبوا أولئك الآخرين ويصادقوهم ويصاهروهم، ولكنني أدعوهم فقط أن يحترموهم. وكم أتمنى لو نهتم بإعادة الأخلاق الإسلامية لمجتمعنا بالتوازي مع اهتمامنا بالحلال والحرام، فالإسلام جاء في الأصل بعد الدعوة لتوحيد الله تعالى، متمما لمكارم الأخلاق. *كاتبة سعودية
03-04-2006, 04:05 AM
يازولyazoalيازول يازولyazoalيازول
تاريخ التسجيل: 02-05-2002
مجموع المشاركات: 10210
شكرا يا ابو ساجدة على إيرادك هذا الموضوع الحيوى الذى أتت به كاتبة سعودية وفعلا نحن نعانى الأمرين من هذا الوضع المزرى ، واليك هذه الطرفة التى حصلت معى شخصيا فقد اجتمعنا يوما فى منزل أحد كفلائنا السعوديين ذهبنا قرابة العشرين سودانى لنعزيه فى فقيد له ، ورحب بنا الرجل وأدخلنا إحدى صوالينه الفاخرة ، وهناك إمتلأ بنا المجلس ، وذهب الرجل الى داخل الدار ليقوم بواجب الضيافة معنا وفى تلكم الأثناء كان هنالك صبية صغار يلعبون ولم ينتبهوا لوجودنا حتى أتى إثنان منهم كانوا يتسابقون ويجرون وفجأة وجدوا نفسهم فى وسط الصالون الممتلىء بالوجوه والأجساد السمراء ، على غير ما يألفون
فوقف الصبية فى وسطنا مبهورون ، وما كان من أحدهم إلا أن صاح بأعلى صوته (لا حولالالالالالالالالا ، كلهم عبيد) وانفجرنا ضاحكين إذ كنا نظن أننا اسياد فى بلادنا ، فإذا بنا (عبيد) فى نظر أطفال السعوديين
تسلم يا أخى على المقال الجيد ، فالعنصرية لا شك بغيضة كريهه وقبيحة
03-04-2006, 04:45 AM
ابو ساجدة ابو ساجدة
تاريخ التسجيل: 05-17-2003
مجموع المشاركات: 112
الشكر اولا لاخى عصمت مختار ثم لك حبيبى يازول و طبعا كان عندما يكتب الاخوان فى المنبر عن هذا الموضوع يتهمنا بعض ابناء جلدتنا بالحساسية الزائدة ولكن هذا دليل على ان هناك عندهم بعض الخيرين من زاروا بلاد برا وشافوا وذاقوا مرارة الاغتراب فاصبحوا يتضايقون مما يرونه امامهم
03-04-2006, 04:51 AM
يازولyazoalيازول يازولyazoalيازول
تاريخ التسجيل: 02-05-2002
مجموع المشاركات: 10210
اخ حسن العبودية احساس نعم فى نفس الانسان بعدين يازول ماتزكرنى والله انا مشتاق للعبيدية ورجالة ناسة الطيبين ولو ما اخاف الجماعة يقولو دا عنصرى لكتبت بوستات مطولة عن ناسا وتراثا عموماممكن ان تراسلنى على email والجنس للجنس رحمة
03-05-2006, 05:23 AM
يازولyazoalيازول يازولyazoalيازول
تاريخ التسجيل: 02-05-2002
مجموع المشاركات: 10210
Quote: ربما يظن البعض أن القضية لا تستحق كل هذه الضجة، لكن من يجرب أن يسمع لبعض هؤلاء الأجانب الذين أقاموا عندنا وتأذوا من هذه السخرية والعنصرية، فسيشعر فعلا بالحرج والضيق والأسف. فمن المحزن أن يقول لك مسلم بأنه وجد معاملة أفضل في لندن أو كندا، من تلك التي وجدها في قلب مكة أو في المدينة.
ياخينا سلام .. اها مره حضرت مباراة بين السودان وسيراليون في المجموعه المؤهله للامم .. ولقيت طلبه من موزمبيق بيدرسوا في جامعه افريقيا العالميه لكين كانوا بشجعوا في السيراليون بشده ولم سألناهم انتو من سيراليون علمنا انهم من موزمبيق ومسلمين وهم يدرسون العربيه هنا .. اما عن سبب تشجيعهم لسيراليون فما كان منهم إلا ان قالوا انهم عندما اتوا للسودان كانوا يعرفون الكثير عنه ويعدونه من افضل الدول الافريقيه واهمها وهو بلد جميل يزخر بالثقافات وكانوا وهم في بلادهم مهتمون بموسيقاه وفنونه ومعجبون بمايز اشكاله ولذلك فضلوه كبلد افريقي علي بلدان اخري عربيه لدراسة العربيه والإسلام ولكنهم فوجئوا بأنهم يعاملون كأفارقه من السودانيين ( العرب ). ووجدتهم اكثر إصراراً علي تشجيع اي فريق افريقي يلعب ضد السودان في المجموعه الافريقيه .
03-06-2006, 02:11 AM
ابو ساجدة ابو ساجدة
تاريخ التسجيل: 05-17-2003
مجموع المشاركات: 112
الاخ عمار التحية لك صراحة ما ادرى هل هذا شعور اى انسان مغترب عن وطنه تجاه البلد المضيف؟ المهم الشى المتاكد منه ان هذا المنبر يكتب فيه السودانيين من كل بقاع العالم لم اجد فاذا راجعنا البوستات كلها لن تجد احد كتب عن سوء المعاملة غير المقيمين فى السعودية!
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
يازولyazoalيازول
حسن الجيلى سعيد
فيس بوك
تويتر
انستقرام
يوتيوب
بنتيريست