|
|
 الفرق بين الكـوريين والسودانيين في العمل (معايشة ومشاهدة يومية بعيون سودانية)
|
تحياتي..
هل تعلم ياعزيزي لو أننا في السودان قمنا بتطبيق الاسلوب والسياسة التي ينتهجها الكوريين في العمل وفي انضباطهم وحبهم للعمل ومدى مراعاتهم لعامل الزمن لأصبح السودان والسودانيين يشار اليهم بالبنان ليس في أفريقيا بل في كل العالم.
ساحكي لكم عن انضباط الكوريين في العمل من خلال معايشة يومية لهم في احدى شركاتهم حيث اعمل كمترجم.
الغرض من ذكر هذه التجربة الشخصية هو عرض خبرات الشعوب الأخرى لنأخذ خير مالديهم لعل وعسى ينصلح حال البلاد والعباد .
اذكر وانا تلميذ في المرحلة الابتدائي كان يقول لنا مدرس اللغة العربية الوقت كالسيف ان لم تقطعه قطعك ..وبعد أن كبرت ودخلت مدرسة الحياة عرفت حينها كيف ان سيف استاذ اللغة العربية الذي اخبرنا عنه قد صال وجال فينا نحن السودانيين ومزقنا وقطعنا اربا اربا ..اقول لكم هذا من خلال معايشتي للكوريين في احدى شركاتهم بينما هم أي الكوريين عرفو كيف يستخدمون سيف استاذ اللغة العربية واصبحوا هم من يقطعون به الوقت لذلك وصلوا هم وبلادهم الى اللحاق بركب الدول المتقدمة واصبحو يغزون بمنتجاتهم الاسواق الامريكية فى عقر دارها
اصدقكم القول في بداية أيامي الأولى لعملي بهذه الشركة الكورية وبعد أن رأيت اسلوب الكوريين في حياتهم وعملهم في موقع الشركة (الاستيقاظ في وقت محدد –مباشرة العمل في المكتب في وقت محدد - الأكل في زمن محدد –الرجوع الى العمل بعد الأكل في وقت محدد )وكأنهم آلات وليسو بشر. ورغم ان المرتب مغري مع ذلك فكرت بان انفد بجلدي من هذه الشركة ومن هذا النمط في السلوك الذي لم آلفه في حياتي من قبل –- فكما تعلمون تركيبة السوداني عموما غير متعودة على هذا النوع من الطقوس (وهذا بيت القصيد - وهنا يكمن الداء)..
اذكر في بداية عملي بهذه الشركة تأخرت خمسة دقائق فقط عن العمل بالرغم من ان سكني ومكتبي في نفس المكان فاذا بكل من في المكتب من الكوريين ينظر الي باستغراب شديد وكأني عامل عمله وحتى اتحاشى النظرات زدت سرعتي ودخلت مكتبي وقلت في نفسي (يالطيف.. ده شنو ده (اشش اشش) وكلمة اشش اشش باللغة الكورية تعني اداة استنكار وتعجب ويستخدموها عندما لا يعجبهم العجب ولا الصيام في رجب
لكن يوم بعد يوم أصبحت أحب جدا هذ الاسلوب من الحياة الكورية . الاستيقاظ في موعد محدد والأكل في موعد محدد والاهم من ذلك انجاز العمل في وقت محدد) (وهنا يكمن سيف استاذ اللغة العربية الذي اخبرنا عنه ) هل تصدقوا ولتعودي على هذا الاسلوب الجديد أصبحت أجد نفسي في ايام العطلات ولا إراديا قائم مفزوع من النوم وكأني تأخرت عن العمل ..وبعد أن استجمع قواي واتذكر ان اليوم عطلة اسحب البطانية من جديد وأواصل النوم).
اود في هذه السطور أن أعرفكم بطريقة الكوريين في العمل وكيفية الضبط والربط التي يسيروا بها مما أدى بهم الى الالتحاق بركب الدول المتقدمة
لكن دعوني أعرج قليلا الى كوريا وذلك من خلال مايرويه لي الكوريين عن بلادهم، بالرغم من ان هذه الدولة كانت قبل انتفاضتها من حالة الفقر التي كانت تعيشها لتصبح مارد اقتصادي جبار، كوريا في الماضي القريب قبل واثناء الحرب بين الكوريتين كان حالها كحال شعوب إفريقيا لا تسر عدو ولا صديق ..فقر .. جهل ... مرض ..تخلف لدرجة قف تأمل. لكن عندما انتفض شعبها انظروا ماذا فعلوا صنعو ليس ابرة الخياطة فقط بل اصبحو ينتجون ويصدرون مبايلات سامسونغ وال جي LG ومكيفات الهواء التي تنافس المكيفات اليابانية وتلفزيونات سامسونغ .ليس هذا فحسب بل ربما جهاز الكمبيوتر وملحقاته والذي تستعمله انت الآن مستورد من كوريا (الرجاء توقف عن قراءة هذه المقالة لحظة واقلب الماوس الذي تضع يدك عليه الان رأسا على عقب وانظر هل هو Made in Korea )
هاا.. طلع صناعة كورية ولا صيني؟؟؟
ليس هذا فقط بل اصبحو يغزون العالم بسيارات هونداي وداوو ، علما بأن صناعتهم للسيارات تطورت جدا واصبحت تغزو جميع الاسواق العالمية
انقل لكم هذه الحقائق من خلال مايحكيه لي اصدقائي الكوريين هنا في الشركة عن بلادهم. من خلال تلك القصص عرفت ان كوريا كانت في السابق لا تختلف كثيرا عن السودان فمثلا كانت سابقا الاسرة الكورية تتكون من سبعة افراد يزيد او ينقص قليلا حتى اصبح عدد الكوريين يزيد عن عدد سكان الدولة العربية مجتمعة فاصبح لديهم تحديد للنسل فلكل اسرة طفلين فقط.
من الاشياء الغريبة والتي عرفتها عن الكوريين والتي تدعو للتفكر والدراسة من قبل الباحثين وهو ان الكوري من النادر جدا ان تجده طريح الفراش أو يدخل مستشفى الا (في الشديد القوى) -على قول المصريين -لعل السبب في ذلك يكمن في ماشاهدته بنفسي هنا في مقر الشركة وهو ان الكوريين وبعد نهاية الدوام يجتمعون في احد الغرف ويحضرون كميات كبيرة جدا من (الثوم او كما نقول بالسوداني التُوم ) ويضعوه في صحن كبير ويبدو في تقشيره واكله هل تصدقوا ان الكوريين يأكلون الثوم مثل ما نأكل نحن (التسالي او الفول السوداني) وعندما سألتهم ما السر في اكلكم الدائم للثوم بهذه الطريقة؟؟ فكان ردهم بانه يمنع الأمراض والسرطانات – بس أعملو حسابكم من اراد ان ينتحر فليدخل غرفة الكوريين أثناء أكلهم للتوم – ستموتون اختناقا برائحته الرهيبة (لا ادري كيف يتحملون رائحة التوم هذه)؟؟ علما بأنهم يضعون في جميع وجباتهم كمية لا تحصى منه، والمرأة الكورية التي لايوجد في طبيخها توم (بحجم عائلي) معنى ذلك ان هذه الزوجة لا تعرف فن الطبخ والنفخ
بعد أن وضعت قدماي في هذه الشركة الكورية كم وجدت الفرق شاسع وواسع بين نمط حياة وعمل كلا من السودانيين والكوريين بالرغم من الكوري انسان والسوداني انسان .فلم أجد في حياتي شعب منضبط ويقدس العمل مثل الشعب الكوري.وعرفت ان سر حب الكوريين للعمل يكمن في سيف مدرس اللغة العربية الذي اخبرنا عنه.
وللمشاهدة اليومية بالعيون السودانية بقية ...ان شاء الله
هشام حامد العبيد
[email protected]
|
|
 
|
|
|
|
هشام حامد العبيد
فيس بوك
تويتر
انستقرام
يوتيوب
بنتيريست