أحساس بالاختناق
مدخل رقم صفر ..
الهواء يستحيل أمامي إلى دخان خانق حارق أزرق اللون، ما أسوأ الكوابيس حين تحل ضيفة غير مرغوب بها، حتى نور الشمس صار يتبدد ويتجاوز غيمة الأحلام المحيطة بحقائق الوجود من حولي في كل مكان.
مدخل رقم واحد ..
أمامك يوم طويل وليل أطول وعلى جانب الطريق المسفلت بعناية توجد قطة مدهوسة، القانون دهسها والشارع استمرأ الدهس، لا تتقيأ الواقع، بل أنظر إلى تلك الدماء المتناثرة هنا وهناك وزخات المطر الخانعة التي تحاول جاهدة كنس الحقيقة وإحالتها إلى واقع الهلام.
مدخل رقم اثنين ..
صديقك يحب صديقتك، وصديقتك تعرف أخاك، وأخاك زميل أخت صديقك، وأخت صديقك تكره ابن الجيران، وابن الجيران يحب أخت صديقك، وأخت صديقك لا تحب أحداً. أما أنت فلك الله، فمن يحبك، المحبة مشغولة بالعبادة في محرابها الأبدي، وبعد أن تفرغ من صلاتها تعود لحياكة شباكها من جديد وما عليك سوى ارتداء الحلول الجاهزة فهي أقصر الطرق.
مخرج رقم اثنين ..
الشمس أشرقت صباح هذا اليوم رغم كل شيء، والأمطار هطلت في مواعيدها تماماً رغم كل شيء، نوار البرسيم في الحقول يتفتح رغم علمه بأنه ما خلق لأجل هذا، فلماذا لا تتخذ نوار البرسيم رفيقاً لك، فظني انه أنبل من كل زهر اللوتس الذي تزين به حياتك، ووعد الله لنا أنه سيكون موجوداً على الدوام حتى حينما تغيب الشمس.
مخرج رقم واحد ..
البلدوزر يحطم الجدران المحيطة بك ليعريك من الحقائق المحيطة ويجعلك تواجه مصيرك منفرداً، هل ستواجه الحقيقة أم تلوذ بالفرار. لم تنجح في البناء لأنك لا تملك معولا البناء فلم لا تجرب عملاً آخر تملك معوله، هل أنت من تحدد للمعول ماهيته أم أن المعول هو المحدد لماهيتك.
بق بانق
أنت تتنفس الدخان منذ نعومة أظفارك، ولكنك اليوم ذقت طعم الحرية، فلم تسطع لها صبراً، سجانك القديم أدخل في عقلك الباطن أن هذا الذي تتنفسه اليوم هو الدخان وما كان بالأمس هو الهواء النقي. لابد أنك مصاب بالسرطان، لا يهم، فقط حاول أن تأقلم نفسك على نسيم الصبا فهو على وجودك غريب.
لم تمت القطة ولكنك أنت الذي كنت ميتاً طوال عمرك لتبعث اليوم، فظننت القطة ميتة لإدمانك على الموت، حتى الدماء التي رأيتها متناثرة لم تكن دماء بل كانت مطراً والمطر التي رأيت لم يكن مطراً بل هي الدماء تلوث نقاء مطر الشوارع.
الجميع يذوبون هياماً في عينيك أنت وأنت لا تدري، لأنك أدمنت النظر إلى الجانب المفرغ من الكأس، حتى شباك المحبة لم تكن هي التي تغزلها بل كنت أنت من يغزلها والناس من بعدك يلبسون.
ودعتك الله يا حبيب
.
(عدل بواسطة ود شاموق on 02-13-2003, 07:58 AM)